الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

الراي العام - الخميس 10/3/2005

المحكمة الدستورية ليست مضمونة لإقرار «المرأة» وحلّ البرلمان لن يُستبعد إلى النهاية

كتب جمعة جاسم العلي:
 يبدو أن الشيخ صباح الأحمد متفائل كثيرا حينما يجزم أكثر من مرة أن حقوق المرأة السياسية ستقر، في وقت يطوي صفحة حل مجلس الأمة ويوحي أنها في خيال آخرين,,, كأنه يقول ان «القانون آت بتصويت الأعضاء ورغبتهم»,,, وإذا كان هذا نهج الحكومة الموثوق به، فالسلطة التنفيذية حتما عازمة على ضغط غير مسبوق على نواب لها مارست عليهم جزءا منه في فترات ماضية,,, غير ان هذه المرة ليس من مصلحتها فعل ذلك، فهي ستؤلم مقربين منها ومؤيدين في دوائرهم الانتخابية، وليس عدلا أن تُعطي لمن يقف في صفها إيحاء مفاده «نأكله لحما ونرميه عظما».
وإذا كانت الهرولة الى المحكمة الدستورية ضمن أجندة الحكومة، فحتما ليس من مصلحتها سيناريو كهذا، ان فشل التصويت على اقرار حقوق المرأة,,, لأنها بفعل كهذا تثبت ان وقوفها حجر عثرة أمام طلب نيابي مشابه قدمه عشرة نواب «لا مبدأ له ولا رغبة في تجنب صدام سلطتين، بل نكاية بآخرين وحرمانهم من نصر سياسي»,,, وشتان بين تفكير استراتيجي وآخر يستوحى من رد فعل لا يليق بسلطة تنفيذية اصلاحية.
فاللجوء الى المحكمة الدستورية بعد سقوط قانون منح النساء حقوقهن غير مأمون العواقب، فهو لا يعني بالضرورة حكما قضائيا مضمونا يشرك المرأة في التصويت والترشيح، وينهي الموضوع لمصلحة رغبة الحكومة، وان كان ذلك، فليس شبح حل مجلس 2003 هو من يهيمن على الاجواء، بل إن أقاويل قانونية حينذاك تبرز ان المجالس النيابية منذ 1963 ربما تكون غير دستورية، لأنها «رأت الحياة بقانون طعن فيه دستوريا»,,, وهنا كم من الأبواب ستفتح والقصص ستحكى بلا نهاية,,, واذا فازت السلطة التنفيذية برص صفوف أفذاذ قضاتها وفقهائها لتأمين احالة محبوكة على المحكمة تحقق المعادلة الصعبة فتمنح المرأة الحق السياسي وتحافظ على بقاء المجلس الحالي، فإن الجميع منتصر حقا باستثناء الحكومة، فالمدح لن يأتيها بالقدر الذي تريد,,, فالنواب العشرة أصحاب الطلب الأول بقيادة أحمد السعدون «هم أهل الأوّله»,,, وهم من يشار اليهم بالبنان في نجاح كهذا، والمعارضون لحقوق المرأة من الاسلاميين والمحافظين سيواجهون ناخبيهم بوجه أبيض، فهم أسقطوا القانون بالتصويت ولم يتخلوا عن مواقفهم، واقراره قضائيا يعني ان همّا أزيح عن كواهلهم خصوصا انه لو لم يقر سيعود من جديد وبظروف مختلفة يزيد قوتها وضغطها اطراف خارجية وتحرجات من مشاركات نسائية في مناطق قريبة جدا,,, وربما في السعودية قريبا لتكون شعرة قصمت ظهر بعير، فتضعف الحجة ومواجهة الرفض لن تقوي,,, أما الليبراليون فيوم سعدهم الكبير مشاركة المرأة من خلال أوراق تصويت أو بمطرقة في محكمة فالأمر سيّان، والنتيجة هي الأهم,,, بل ان الحكومة سترى وهي لا تعلم حسابات من وراء ظهرها، فالاسلاميون يجدون بنهاية موضوع المرأة متسعا يتقربون به من السلطة وخصوصا بعد الاحداث الارهابية واستجواب محمد أبوالحسن ويبعدون خصوما لهم في التحالف الديموقراطي عن قضية كسبوا فيها اعلاميا ورأى فيها الوزراء ضرورة لتحالف مع من يوصلهم اليها.
فماذا تفعل الحكومة لتجعل قانون المرأة يرى النور فتشتت انتقادات من اطراف محلية وتزين صورة الكويت في منتديات خارجية، وتفرض اسمها في مقدم ديموقراطيات نالت مدحا في خطاب رئيس بلاد العم سام؟
المصلحة الحكومية تحتم عدم احراج نواب هم في الواقع عون وسند للوزراء، وتصم الآذان عن الاستجابة لمطالب ليبرالية بالضغط على أعضاء عاشوا «العصا والجزرة» في أيام استجوابات، فالحال هنا ليس هو الحال، والتصويت لمصلحة وزير في يوم أسود يواجه فيه خطر الاقالة، ليس شبيها بتأييد أنثى,,, فكُثُر من الناخبين في مناطق محافظة، ربما يتهاونون في الأولى ولا ينسون في الثانية,,, ولذا فليس أمام أصحاب المقاعد الأمامية إلا ان يسلكوا المسلك المعتاد في دهاليز البرلمان، فتقدم القانون وتجمع الصفوف «بالعقل» لنجاحه، وتصد الباب أمام راغبي خلط الأوراق، وادخال تصويت العسكريين وبالغي الـ 18 عاما في مشاورات متسيدي لجنة الداخلية والدفاع,,, فإن أخفقت، فالقسطنطينية لم تكسر أبوابها من المحاولة الأولى، وهناك دور انعقاد ثان وآخر,,, فإن أوصدت، ويبدو انها ستوصد,,, ستجد بعدها الحكومة نفسها أمام سيناريوهين لا ثالث لهما يستبعدهما الشيخ صباح الأحمد حاليا، إلا انه استبعاد ربما يكون موقتا,,.
أولهما ان تجتهد الحكومة في اقرار قوانين تمثل لها أهمية في الفترة الحالية تجد في المجلس الحالي «ملاذا» تستكين اليه، لتمرر حقول الشمال والخصخصة، فإن استفاقت منه ورأت ما حلمت به حياة معيشة، فلتحزم حقائبها وتعقل ناقتها وتتوكل فتركب موجة حل البرلمان دستوريا، لتعقبه بمرسوم أميري يدعو النساء الى تسجيل أسمائهن في القيود الانتخابية خلال اسبوعين، ليمنحن حق الانتخاب والترشيح، وتفرض سياسة الأمر الواقع,,, وحينها لن تجد سوى أصوات معارضة في منتديات انتخابية تصرخ ويعلو صوتها، بيد انها تنكسر أمام جدار مديح ليبرالي، وآخرين مترددين حيال المشاركة النسائية,,, فيما تبدو الصورة الحكومية بيضاء ناصعة داخليا وخارجيا كسلطة تؤمن بالاصلاح وتطبيقه,,, بل ان بسيناريو كهذا مشعلا، تتخلص به الحكومة من وهن توصم به ترتب عليه كرّسبحة طالت استقالة وزير وأخرى مؤجلة وثالثة جاهزة,,, فتخرج مبتهجة لتعيد ترتيب ملفاتها، وتولد من جديد قوية الشكيمة، مثلما تجدها فرصة لتهنأ ولو موقتا، من صراع يوجعها أحيانا اسمه تعديل الدوائر وزيادة الرواتب وأوضاع البلدية,,, فهنا متسع من الوقت لتعود مستعدة جاهزة لمطالب كهذه بشخوص قادرين على الانتصار فيها.
وإذا رأت الحكومة قنابل موقوتة في سيناريو كهذا، فليس أمامها إلا تنفيذه بعد نهاية الفترة القانونية للمجلس الحالي وقبل الانتخابات المقبلة,,, الفرق بين النهجين هو ان فسحة الوقت أقل في الثاني، إلا ان النهاية واحدة,,, فالنساء سيشاركن تصويتا وترشيحا في الكويت من غير معارضة أو اسقاط حقهن,,, فالمجلس الجديد لا مناص له الا ان يقبل بالمرسوم ولا يصنفه ضمن «غير الضروريات»,,, وان احتج فمعناه حله دستوريا,,, وسقوط عضوية نوابه، ولا يُعتقد ان نوابه سيرضون التخلي عن كراسي خضراء وثيرة في قاعة عبدالله السالم,,, ومكاتب جديدة في ابراج عالية تجهز لهم حاليا بجوار المبنى الأبيض,,, مبنى بيت الأمة.
وإذا كان من قائل ان «الحكومة لم تفعل هذا في 16 مايو 1999 يوم أصدرت مرسوم حقوق المرأة بعد 12 يوما من حل برلمان 1996 لتثبت مصداقيتها»,,, فإن صدى هذا سيعود من حيث ما أتى، فلا تعاطف معه ولا استجابة، فالحكومة صدّت سهما كاد ينطلق ليتهمها بالتفرد في ساعة غضب نفر أدماهم توقيف برلمان ولو دستوريا,,, ولا مقارنة بين يوم ابتغت فيه السلطة التنفيذية ترك المجال مفتوحا للمجلس ليشاركها قرار باصلاح سياسي، وآخر تصلب فيه النواب، وأقسموا بأغلظ الايمان بأن يبقى الخطأ على حاله,,, فلماذا لا يغلظ ولي الأمر بفعل، فيعيد أبناءه الى جادة الصواب,,, هم في واقع الأمر أكثر الرابحين فيه؟,,.
فهل مازالت الحكومة تستبعد حل المجلس، وتراهن على تصويت نيابي لا يشابه التصويت في الاستجوابات؟,,, الأيام ستقول: حل برلمان 2003 مازال قائما؟

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور