الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

الوطن - الاربعاء 2/3/2005

السلطة التشريعية عليها إزالة خطيئتين من تاريخ الكويت أمام منح المرأة الكويتية حقوقها السياسية

للأستاذ / المستشار فكري أحمد مغاوري استفتح عشرة نواب أفاضل ـ منذ أسبوعين ـ حديثاً عن الطلب المقدم منهم إلى مجلس الأمة، بشأن منح المرأة الكويتية حقها السياسي، من خلال لجوء مجلس الأمة إلى المحكمة الدستورية، اعتقاداً منهم، بأن مشروع الحكومة المقدم في الفصل التشريعي الحالي، بتعديل المادة الأولى من قانون الانتخاب رقم 35/1962، لمساواة المرأة بالرجل في مباشرة الحقوق السياسية ـ قد لا يتم إقراره.
وقد فتح هذا الاقتراح الباب، للتعجيل ـ دون تمهل ـ بإقرار مشروع الحكومة بالتعديل ـ سواء عن قصد مقدميه، أو عن غير قصد ـ فاشتد الحماس للتعجيل، بحملة تاريخية لجريدة «الوطن» الغراء، لحشد المواطنين، لتأييد التعجيل بإقرار مشروع الحكومة، عن طريق الضغط على نوابهم في مجلس الأمة، للتصويت لصالح المشروع.
وقد بلغت حملة «الوطن» التاريخية لحشد المواطنين قمتها، بالمقال القيم لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي نشر بجريدة الوطن بتاريخ 24/2/2005، حيث جاء في هذا المقال «أن منح المرأة كامل حقوقها السياسية هو بالدرجة الأولى رغبة أميرية سامية من لدن سيدي حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح ـ حفظه الله ورعاه ـ تقديراً من سموه للدور الكبير الذي لعبته المرأة الكويتية في كل الظروف على امتداد تاريخ الكويت، ومشاركتها لأخيها الرجل في صنع النهضة المباركة التي تشهدها البلاد منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا».
ثم أضاف سموه بقولـه «لقد كنت وماأزال على قناعة بأن حصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية لا يتعارض البته مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، فشريعتنا السمحه تؤيد وتقر هذا الحق للمرأة في مشاركتها للرجل في صنع القرار السياسي واتخاذه».
ثم اختتم سموه بالقول «إن ما نتطلع إليه ونأمله أن تتمكن الحكومة من الحصول على موافقة مجلس الأمة على التعديل المقترح على قانون الانتخابات ... عبر حوار ديمقراطي جاد ومخلص بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث إن قضية الحقوق السياسية للمرأة هي قضيتنا جميعاً وليست قضية الحكومة ومجلس الأمة فقط
وهكذا يصبح الحديث حول جدية الحكومة، في منح المرأة حقها السياسي، لم يعد مجالاً للحديث، بعد إصرار ـ القيادة السياسية ـ على أن التمسك بتحريك الواقع السياسي، أصبح تاريخياً، منهجاً واستراتيجية، أمام بعض النواب، الذين يعلقون تأييدهم للمشروع المقدم من الحكومة، على جديتها في الدفاع عن هذا الحق.
واستمراراً للموقف الجاد والجريء المعلن من سمو رئيس مجلس الوزراء وتمشياً مع الحملة التاريخية لجريدة الوطن ـ فإن المرحلة الحالية ـ توجب على السلطة التشريعية ـ إزالة خطيئتين من تاريخ الكويت، أمام منح المرأة الكويتية حقها السياسي، وقع فيهما المعاندون سياسياً، لإقرار هذا الحق، وهما :
أولاً : البعد عن الاستمرار ـ في العناد السياسي ـ وعدم الانكفاء ـ على الماضي ـ عند البحث في إقرار هذا الحق من الناحية الشرعية، بفرض رأيهم، وفرض بعض الآراء الفقهية، لتخويف الناس من إقرار هذا الحق، تحت الاستناد إلى أن الدول العربية والإسلامية التي منحت المرأة حقها السياسي أباحت في ذات الوقت حرية بيع الخمور وفيها الكباريهات.(1)
ثانياً : البعد عن الاستمرار في العناد السياسي كذلك ـ عن طريق محاربة الحكومة في أي عمل سياسي ـ دون إدراك لخطر الانكفاء على الماضي، بفرض الجمود أمام حركة التاريخ لأسباب قد تكون شخصية أو سياسية في أمر يهم المجتمع بكامل فئاته.
فمنذ أربعين عاماً ـ وحتى الآن ـ نقول ونكثر القول، عن عظمة الإسلام وشموله تكريم المرأة، دون حركة تدفع إلى تعظيم هذا الدور، ونقول ونكثر القول أيضاً، عن أي الطرق أفضل لمنح المرأة حقها السياسي، هل بإقرار قانون يقره مجلس الأمة بمنح هذا الحق، أم نستصدر حكماً أو قراراً تفسيرياً من المحكمة الدستورية يتيح للمرأة المشاركة في الانتخاب والترشيح لعضوية مجلس الأمة.
والواقع المؤلم من هذا التردد، يدفعنا ـ في المرحلة الراهنة ـ إلى التوقف عن هذا التخوف ـ وانتهاز هذه الفرصة التاريخية ـ لإزالة هاتين الخطيئتين، والتوقف كذلك عن الخلافات السياسية، والإصرار على محاربة الحكومة في أي عمل سياسي، لأن تفويض المحكمة الدستورية، لإقرار هذا الحق ـ الذي يتصل بأمور سياسية واجتماعية ـ هو إجراء من صميم اختصاص مجلس الأمة، ويدخل في الملاءمة السياسية لإصدار التشريع، بعد أن خلصت الأبحاث والدراسات الفقهية قديماً وحديثاً، إلى أن وجود رأيين في الفقه الإسلامي، حول منح المرأة حقها السياسي، حصر الخلاف بين الرأيين، عن أن هذا الحق يقوم على مسألة سياسية واجتماعية، وليست مسألة دينية.(2)
وأفضل وسيلة لحصر التأييد وحصر مظاهر العناد السياسي، للوقوف ضد منح هذا الحق، تمهيداً لإزالة خطايا المرحلة الماضية، التي استغرقت نصف القرن الماضي، فيما كثر من جدل وأحاديث، أن نهيئ ونمهد السبل أمام أعضاء السلطة التشريعية المحترمين، يبدأ أولها بمظاهر الخلاف السياسي وأدلته، في خلال الفترة الماضية، وينتهي آخرها، بالأزمات الدستورية والسياسية، فيما لو أصر البعض على عرض الخلاف أمام المحكمة الدستورية، استكمالاً للدراسة التاريخية والسياسية لتحريك الواقع من جموده.
«القسم الأول»
مظــاهـر الخــلاف السياســي وتـاريخــه وأدلتــه
في معارضة الحق في منح المرأة الحق السياسي
مرت مراحل الخلاف السياسي أمام حركة المطالبة الجماعية والفردية بفترات كانت حادة في بعضها، وبفترات كانت هادئة في البعض الآخر، تقوى وتنشط، ثم تهبط، حسب مستوى الإحباط الذي كان يعاصر التحرك سياسياً.
فالخلاف السياسي، بدأ منذ أربعين عاماً واستمر حتى الآن، وكانت بدايته معاصرة ومتزامنة، مع المحاولات التي بدأها بعض السادة النواب في الفصول التشريعية المختلفة، لتحريك الواقع، منذ عام 1971، بتقديم اقتراحات بتعديل المادة الأولى من قانون الانتخابات رقم 35/1962 وذلك على التفصيل الآتي:
1 - في التمهيد لانتخاب مجلس الأمة 1971 قدمت قائمة «نواب الشعب» ـ في ذاك الوقت ـ أول برنامج للعمل الوطني في الكويت، يعطي المرأة حقوقها السياسية كاملة في ديسمبر 1970، وخاضوا بموجبه انتخابات الفصل التشريعي 1971 ـ .1975
2 - بتاريخ 11/12/1971، قدم النائب سالم خالد المرزوق ـ وهو من قائمة نواب الشعب ـ إلى مجلس الأمة اقتراحا بقانون بمنح المرأة الكويتية المتعلمة حق الانتخاب، ورفضه المجلس بعد أن بلغ عدد مؤيديه 12 نائباً فقط، وهم من قائمة «نواب الشعب» سالفة الإشارة.
3 - وفي التمهيد لانتخابات عام 1975، خاضت قائمة «نواب الشعب» ـ مرة أخرى ـ الانتخابات، وقدمت برنامجاً وطنياً موسعاً، احتلت قضية الدفاع عن حقوق المرأة مكاناً بارزاً فيه، ومساواتها بالرجل، ومنحها حق الترشيح والانتخاب في المجالس النيابية والبلدية، مثلما حدث في التمهيد لانتخابات مجلس الأمة عام .1971
4 - وبتاريخ 15/2/1975، قدم النائب جاسم القطامي والنائب راشد الفرحان، مشروعا بقانون مفصل بمنح النساء جميعاً حقوقهن السياسية كاملة، مرتكزاً على المادة 29 من الدستور التي نصت على أن «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة ......»، إلا أن حل مجلس الأمة في عام 1976، حال دون مناقشته.
5 - وفي الفصل التشريعي 1981 ـ 1985، قدم النائب أحمد الطخيم اقتراحاً بتعديل المادة الأولى من قانون الانتخاب، غير أن لجنة الشئون التشريعية والقانونية بمجلس الأمة، أوصت برفضه .
6 - وفي عام 1986 قدم النائب عبدالرحمن الغنيم اقتراحاً بقانون بمنح المرأة حقها في الانتخاب والترشيح، وقد أوصت لجنة شؤون الداخلية والدفاع بمجلس الأمة برفضه.
7 - وبتاريخ 17/4/1991 ـ بمناسبة العشر الآواخر من رمضان لسنة 1411 هجرية ـ أعلن صاحب السمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح ـ بعد عودته إلى البلاد بعد تحريرها من العدوان العراقي ـ أن النساء الكويتيات أثبتن ـ خلال فترة الاحتلال ـ جدارتهن وثباتهن، وتحملن كافة المتاعب والشدائد، ووعد بأن يدرس موضوع مشاركة المرأة في الحياة النيابية لتقوم بكامل دورها في بناء المجتمع والنهوض به.
8 - وفي عام 1992 قدم النائب حمد الجوعان، اقتراحاً بقانون بتعديل المادة الأولى من قانون الانتخاب، وتخفيض سن الناخب إلى 18 سنة، غير أن لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الأمة، أوصت برفضه.
9 - وبتاريخ 20/7/1994، قدم النواب علي البغلي، عبدالمحسن جمال، جاسم الصقر، عبدالله النيباري، اقتراحاً بقانون بمنح المرأة حقها السياسي، غير أن لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الأمة أوصت برفضه.
10 - وبتاريخ 13/12/1996، قدم النواب سامي المنيس، عبدالله النيباري، وحسن جوهر، اقتراحاً بقانون بذات التعديل السابق.
11 - وبتاريخ 11/1/1997 قدم النائب الدكتور حسن جوهر اقتراحاً بقانون بذات التعديل السابق.
12 - وبتاريخ 29/1/1998 قدم النائبان صلاح خورشيد وعباس الخضاري اقتراحاً بقانون بتعديل مماثل.
وبعد أن قررت لجنة الشئون التشريعية والقانونية بمجلس الأمة ـ ضم الاقتراحات الثلاثة السالفة ـ أوصت برفضها، وأوردت في تقريرها «أن منح المرأة حق الانتخاب سيخلق طائفة من المفاتيح الانتخابية النسائية مع ما يصاحب ذلك من مشاكل اجتماعية وعائلية وستشيع الفتنة بين الأسر وستؤدي هذه الأوضاع إلى تفكك الأسر وانهيار الروابط العائلية بسبب شيوع روح الكراهية والبغضاء»(3).
13 - وبتاريخ 16/5/1999، وقبل أن ينقضي القرن العشرين، أضاف حضرة صاحب السمو أمير البلاد، إلى سجل الخالدين في تاريخ الكويت القديم والحديث، أمراً مضيئاً للأسرة الحاكمة، يضاف إلى الأمر المضيء في تاريخ الكويت، الذي أطلقه المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح بالمرسوم الأميري رقم 12 بتاريخ 26/8/1961 ـ بعد استقلال الكويت بشهرين ـ بالدعوة إلى إجراء انتخابات عامة لمجلس تأسيسي يتولى إعداد دستور البلاد.
فقد أطلق حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح بتاريخ 16/5/1999، الإشارة لبدء حقبة جديدة للكويت، تحمل تغييرات سياسية واجتماعية، وذلك عبر إعلان دستوري، عن رغبة سامية بمنح المرأة الكويتية كامل الحقوق السياسية في الانتخابات، سواء بالتصويت للمجالس النيابية أو البلدية اعتباراً من انتخابات عام 2003، وقد جاء الإعلان من سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء في ذاك الوقت ـ الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح ـ أثناء ترؤسه لاجتماع المجلس يوم الأحد الموافق 16/5/1999، وهو تاريخ إعلان الأمير ذاته الرغبة السامية.
وعند لقاء صاحب السمو أمير البلاد الوفود النسائية التي أقبلت للشكر في اليوم التالي، قال العبارات السامية الآتية «أشكر الله أنني أعطيت المرأة حقوقها السياسية أثناء عهدي في الحكم».
وكلف مجلس الوزراء لجنة الشئون القانونية في الجلسة ذاتها إعداد الأداة القانونية اللازمة لتنفيذ الرغبة السامية بما يسمح للمرأة الكويتية بممارسة حقوقها السياسية بعد استكمال إجراءات التسجيل في قيد الناخبين التي تتم في شهر فبراير من العام القادم 2000، وصدر المرسوم بالقانون رقم 9/1999 بتعديل المادة الأولى من قانون الانتخابات وذلك بتاريخ 25/5/1999 بعد حذف كلمة «الذكور» من هذه المادة، فأصبحت المادة «لكل كويتي بالغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية كاملة حق الانتخاب».
وهنا بلغ العناد السياسي ـ في تاريخ الكويت ـ قمته، باللجوء إلى الحيل السياسية، لإجهاض ـ هذه الرغبة السامية ـ بعد أن أعلن سمو ولي العهد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح بتاريخ 17/5/1999 بالآتي «إن القرار جاء إجلالاً وتقديراً واحتراماً لدور المرأة في مختلف الميادين، وما قامت به المرأة الكويتية سجله التاريخ، وواجبنا أن نعطيها حقوقها وليأكل التيار الرافض نفسه وردوا عليه ولا تسكتوا»(4).
فشن رئيس جمعية الإصلاح السياسي السيد/ عبدالله العلي، أعنف هجوم شهدته الساحة المحلية، على المرسوم بقانون رقم 9/1999 بقولـه «إإنه يعد مخالفة شرعية ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وأن النساء اللواتي أيدن المكرمة الأميرية بأنهن ـ حفنة ـ من النساء السافرات المتبرجات الكاشفات للرأس والأرجل» .... موضحاً «أننا لا نرضى أن يجلس هؤلاء في مجلس بلد إسلامي» وناشد سمو أمير البلاد الالتفات عن هذه ( الحفنة ) من السيدات مؤكداً أنه «يستطيع تسيير آلاف النساء من مختلف مناطق الكويت ومن الجهراء ومن الأحمدي للتظاهر أمام قصر الأمير للمطالبة بهذا الحق».، ثم أضاف القول «إننا لا نخاف في الله لومة لائم وإذا كنا جبناء ولا نقول للإمام حين يخطئ سبحان الله فإننا بهذا نكون لا نستحق الحياة»(5).
ثم جاء دور أصحاب العناد السياسي من أعضاء مجلس الأمة ـ عند عقد ندوات ـ التمهيد لانتخابات مجلس الأمة في عام 1999، حيث انحصر عنادهم في توجيه عيب دستوري في إجراءات إصدار المرسوم بقانون رقم 9/1999، في فترة حل مجلس الأمة ـ على سند من عدم توافر حالة الضرورة الاستثنائية لإصداره وفقاً لنص المادة 71 من الدستور، مثلما أعلن النائب أحمد السعدون في مقره الانتخابي تمهيداً لانتخابات مجلس الأمة، بتاريخ 13/6/1999، وقال إن «قبول أي مرسوم بقانون يصدر في غياب مجلس الأمة يعد جريمة في حق الدستور أكبر من جريمة تعديل الدستور».
وردت عليه الدكتورة بدرية العوضي في مقال منشور لها بجريدة القبس بعنوان «حرمان المرأة من حقوقها السياسية جريمة بحق الدستور»(6).
واستغل أصحاب العناد السياسي صدور هذا المرسوم بقانون ضمن ستين مرسوماً بقوانين صدرت خلال فترة حل مجلس الأمة دستورياً في الفترة من 3/7/1999 إلى 3/9/1999، وهاجموا هذه المراسيم بقوانين استناداً إلى نص المادة 71 من الدستور.
وقد أعدت لجنة شئون الداخلية والدفاع تقريرها، بعد تشكيل مجلس الأمة في أكتوبر 1999 وأوصت برفض المرسوم بقانون رقم 9/1999، وتحددت جلسة يوم 23/12/1999 لمناقشة هذا التقرير.
ولكي يفوت أعضاء مجلس الأمة المؤيدون لمنح المرأة حقها السياسي الفرصة في حشد الأصوات ضد هذا المرسوم بقانون، خلال الفترة التمهيدية لانتخابات مجلس الأمة عام 1999، قام المؤيدون لهذا الحق بتقديم اقتراح بقانون، في الجلسة المحددة ذاتها لمناقشة المرسوم بقانون رقم 9/1999 وهي جلسة 23/12/1999، بالصيغة ذاتها التي صدر بها المرسوم بالقانون، قبل مناقشة تقرير لجنة شئون الداخلية والدفاع، وهؤلاء النواب هم: محمد جاسم الصقر، سامي أحمد المنيس، عبدالوهاب راشد الهارون، عبدالمحسن يوسف جمال، د. أحمد عبدالله الربعي، وقد طلب هؤلاء الأعضاء نظره على وجه الاستعجال وفقاً للمادة 181 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، على أن يتصدى مجلس الأمة لمناقشته فور الانتهاء من مناقشة المرسوم بقانون رقم 9/1999 المتضمن التعديل ذاته في جلسة 23/12/1999 .
واستهل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح المناقشة في المجلس يوم الثلاثاء الموافق 23/11/1999 ببيان أسباب إصدار هذا المرسوم بقانون وهي تخلص فيما يأتي:
1 - إن هذا المرسوم يتميز بشكل واضح وصريح يعلو حتى على حالة الضرورة أو الظروف الاستثنائية لأنه صدر تصحيحاً لوضع مخالف لنصوص الدستور الصريحة التي ترتب عليه حرمان المرأة الكويتية من حقوقها السياسية والاجتماعية والإنسانية في مشاركتها في بناء نهضة البلاد في جميع المجالات.
2 - إن الاستمرار في هذا الوضع يشكل خطأدستورياً جسيماً لا يحتمل التأخير ويستوجب سرعة إجرائه وليس هناك ضرورة تعلو على ضرورة تنقيح نصوص القوانين من أية مخالفة للنصوص الدستورية التي يقوم عليها نظام الحكم الديمقراطي.
3 - إن الدستور جعل حق الانتخاب لكل كويتي وذلك بصورة مطلقة وعامة، وإن قصر هذا الحق على الذكور فقط دون الكويتيات، يكون تخصيصاً بغير مخصص، ومخالفاً للمعنى والهدف الذي قصد إليه الدستور.
4 - إن تصحيح هذه المخالفة، أصبح أمراً ملحاً ودستورياً لرفع هذا الخطأ، مما دفع بحضرة صاحب السمو أمير البلاد إلى إزالة هذا الخطر، بإصدار هذا المرسوم حتى يستقيم البناء السياسي في الدولة.
وبعد أن عرض الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح للآيات القرآنية المؤيدة للتسوية بين الإناث والذكور في ممارسة الحقوق السياسية، اختتم الشيخ صباح بيانه بقوله «فإن لم تتم الموافقة على هذا المرسوم بقانون فإن الحكومة على استعداد لتقديم مشروع بقانون بهذا الخصوص إضافة إلى وجود اقتراح بقانون موجود لدى اللجنة على أن يضم هذا إلى تقرير اللجنة».
وثارت المناقشة بعد ذلك حول ضم الاقتراح بقانون المقدم في ذات الجلسة من الأعضاء المؤيدين لمنح المرأة حقها السياسي إلى تقرير لجنة شؤون الداخلية والدفاع التي أوصت برفض المرسوم، غير أن أغلبية أعضاء مجلس الأمة رفضوا ضم الاقتراح الجديد إلى تقرير اللجنة، وقاموا بالتصويت على تقرير اللجنة برفض المرسوم بقانون دون مناقشة محتوياته، اعتماداً على سياسة المجلس في رفض المراسيم بقوانين الصادرة في فترة حل المجلس لعدم توافر الضرورة التي تستوجب إصدارها في فترة الحل، مثلما حدث بالنسبة لباقي المراسيم بقوانين التي صدرت خلال فترة الحل استناداً إلى نص المادة 71 من الدستور.
وقد تم التصويت على رفض المرسوم بالقانون رقم 9/1999 بأغلبية 41 نائباً مقابل 21 نائباً من أصل عدد الحاضرين 62 نائباً.(7)
ثم تحددت جلسة يوم الثلاثاء الموافق 30/11/1999 ( الأسبوع التالي ) لمناقشة الاقتراح الجديد المقدم بتعديل المادة الأولى من قانون الانتخابات بذات الصيغة التي صدر بها المرسوم بقانون رقم 9/.1999
وفي هذه الجلسة رفض مجلس الأمة الاقتراح المذكور بأغلبية 32 نائبا مقابل 30 نائبا، وامتناع عضوين عن التصويت، ومما يذكر في هذه المناسبة، أن النائب أحمد السعدون، طلب من الحكومة في هذه الجلسة، عرض موضوع تعديل المادة الأولى من قانون الانتخابات على المحكمة الدستورية ـ لو كانت جادة ـ وصولاً إلى صدور حكم بعدم دستورية هذه المادة، بدلاً من إطلاق قنبلة دخانية بإصدار المرسوم بالقانون رقم 9/1999، وهي تعلم أن منح المرأة حقها السياسي محل خلاف شرعي واجتماعي وسياسي.(8)
وقبل أن ننتقل إلى مظاهر الأزمة السياسية والدستورية فيما لو تم عرض هذا الموضوع على المحكمة الدستورية، نجد لزاماً علينا أن نعرض نتيجة تقرير لجنة شؤون الداخلية والدفاع التي أوصت في تلك المرحلة برفض الاقتراح المقدم من الأعضاء بمنح المرأة حقها السياسي في جلسة 23/11/1999، ووافق عليه أعضاء مجلس الأمة بجلسة 30/11/1999 بأغلبية 32 نائبا مقابلا 30 نائب وامتناع عضوين عن التصويت(9).
فقد أورد التقرير ما يأتي:
«وبعد المناقشة وتبادل وجهات النظر وعلى ضوء ما استعرضته اللجنة من آراء وفتاوى وما تضمنته نصوص القوانين والتشريعات المنظمة للحياة في المجتمع الكويتي بكل أبعادها ـ خلصت إلى أن ـ الغالب من النظم مازال يخص بعض الناس بأحكام لمصلحة تقتضيها دون أن يمثل ذلك مساساً بمبدأ المساواة بين المواطنين في المكانة أو الأهلية أو الحقوق، وإذا كان هنالك من يرى جواز مساواة النساء بالرجال في الترشيح ـ سواء كان معرضاً عن الفتاوى الشرعية أو مؤسساً رأيه على فتاوى أخرى أجازت هذا الأمر ـ فالأولى بالمشرع أن يحتاط لكل شيء وأن يبتعد عن مواطن الجدل، وأن يدع ما يريبه إلى ما لا يريبه وسنده في ذلك أن الجهات التي حظرت منح المرأة حق الانتخاب جهات رسمية معتمدة لا يتطرق إلى عملها أو دينها».
ثم أضافت اللجنة :
«أن القيمة الكبرى للمرأة تتجلى في الرسالة التي خلقت من أجلها، وهذا يقتضي أن يتفرغ كل فرد في المجتمع سواء كان رجلاً أو امرأة للقيام بواجبه على الوجه الأكمل، دون النظر إلى الأدوار التي لم يتهيأ لها أو التي لا يستطيع القيام بها، وقد انتهت اللجنة في ضوء ما سلف جميعه وبإجماع آراء أعضائها إلى عدم الموافقة على الاقتراح بقانون السالف الإشارة إليه سالفاً والقاضي بإعطاء المرأة حق الانتخاب والترشيح».
وهكذا يبين من تقرير لجنة شؤون الداخلية والدفاع الذي تضمن التوصية برفض المرسوم بقانون رقم 9/1999، أن اللجنة لم تؤسس توصيتها بالرفض، على مخالفة المرسوم للشريعة الإسلامية، وإنما أسست رأيها على أن المرأة الكويتية لم تتهيأ بعد لمباشرة الحقوق السياسية، وأن الملائمة السياسية توجب الابتعاد عن إصدار تشريع يحيطه جدل فقهي (10).


هوامش:
1 - النائب أحمد باقر ووزير العدل حالياً في جريدة الدستور التي يصدرها مجلس الأمة في عددها 1140 بتاريخ 3/11/1999 ص13 ـ ولا يعلم موقفه من جدية الحكومة وحماسها في التمسك بإقرار القانون المقترح في دور الانعقاد الحالي.
2 - يراجع الآراء الفقهية والأبحاث القيمة التي طرحت في الندوة التي انعقدت ما بين الفترة من 4 ـ 5 أكتوبر 1999 ـ حول المرسوم الأميري بقانون بمنح المرأة حقوقها السياسية ـ التي أشرفت عليها ـ جامعة الكويت ـ مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية ـ والمنشورة بمجلة المركز ـ إصدار رقم (10) ـ الطبعة الأولى.
3 - محضر اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الأمة ـ جريدة الوطن ـ العدد رقم 3035 بتاريخ 30/6/.1998
4 - جريدة الوطن ـ العدد رقم 8351/2797 ـ س28 ـ بتاريخ 17/5/1999 ـ الصفحة الأولى، وجريدة الوطن ـ العدد رقم 8352/2797 بتاريخ 18/5/1999 وجريدة القبس ـ العدد رقم 9306 بتاريخ 18/5/.1999
5 - جريدة السياسة ـ العدد رقم 10953 بتاريخ 24/5/1999، حيث نشرت ندوة إذاعية بثتها إذاعة الكويت يوم 22/5/1999 ضمت رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي والدكتورة معصومة المبارك والدكتور عايد المناع.
6 - جريدة القبس الصادرة بتاريخ 14/6/1999 والصادرة بتاريخ 17/6/.1999
7 - جريدة الدستور الصادرة بتاريخ 24/11/.1999
8 - يراجع المناقشة المنشورة بجريدة الدستور في عددها رقم 117 الصادر بتاريخ 24/11/1999 ـ ص15 إلى ص.23
9 - يراجع المناقشة المنشورة بجريدة الدستور في عددها رقم 118 الصادر بتاريخ 1/12/1999 ـ ص15 إلى ص.21
10 - يراجع المناقشة المنشورة بجريدة الدستور في عددها رقم 118 الصادر بتاريخ 1/12/1999 ـ ص15 إلى ص.21
¾ المستشار فكري أحمد مغاوري

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور