الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

الراي العام - الاحد 20/2/2005

استعجال الحكومة مناقشة حقوق المرأة السياسية يسقط طلب الإحالة على المحكمة الدستورية

كتب جمعة جاسم العلي:
مضحك مبكٍ ذاك الطلب الذي قدمه عشرة نواب يدعون فيه إلى إحالة نص المادة الأولى من قانون الانتخاب على المحكمة الدستورية، لتقول كلمتها الفصل في حقوق المرأة السياسية,,, «فشيء كهذا يرسخ حديثا مفاده ان مجلس الأمة الحالي يسيّره صراع انجازات من ورق، والقفز إلى قارب المنتصرين في اللحظات الأخيرة لقطف ثمار الجادين»,,, هكذا رأينا عليه نوابا في استجوابات وميلاد قوانين، وهكذا هو سيناريو أصحاب الطلب الجديد الساعي إلى إقرار حقوق النساء.
فالنواب العشرة مارسوا التناقض بعينه، والغاية «نصر سياسي على حساب مشروع حكومي قدم في 16 مايو 2004، مناقشته آتية لا محالة سواء تضمنته أولويات المجلس اتفق على ترتيبها أخيرا، أم أغمضت الطرف عنه»,,, والإصرار الحكومي عليه لا يدانيه شك رغم مزايدة المزايدين,,, «وإلا فأين هم من طلبهم هذا، ومجلس 2003 مر من عمره ما يقارب العامين، والحكومة لم تحل الموضوع على المحكمة الدستورية منذ البرلمان الماضي، ولم يبدر منها ما يوحي انها ستفعل؟».
غير أن الواضح هو ان أصحاب الطلب ومن وراءهم، قادهم إلى نهجهم هذا أكثر من سبب، فهم مؤمنون أن «الحكومة غير جادة بإقرار الحقوق السياسية للمرأة، وما اتخذته من خطوات في هذا الشأن إنما هو محاولات لذر الرماد في العيون,,, وأمنياتها ألا تقر»,,, ولذا فإن المطالبة بالمحكمة الدستورية «إحراج لها وكشف حقيقة أنها تقول ما لا تفعل وتعلن ما لا تبطن، وهي التي تضم وزيراً يرفض تصويت المرأة وترشيحها»,,, وإلى جانب ذلك، فإن النواب العشرة يعيشون اقتناعا بأن إقرار حقوق المرأة تحت قبة البرلمان في المجلس الحالي «صعب جدا، إذا لم تمارس الحكومة ضغوطا مارستها على محسوبين عليها في استجوابات كادت تطير فيها رؤوس وزراء»، ولذا دخلوا بطلبهم من الباب الخلفي، لعلهم يحصدون ما يرمون اليه من غير صوت مؤيد وآخر معارض، خصوصا ان هذا الباب قد يدخل من خلاله معهم نواب يجدون فيه وسيلة تزيح عن كاهلهم احراجا يواجهونه يثيره صوت المرأة وتداعيات مشاركتها الانتخابية,,, وما بين هذا وذاك يقف النائب أحمد السعدون وفي جوفه مسعى آخر يرسمه قول الشاعر: «وما الحب إلا للحبيب الأول»,,, فـ «أبوعبدالعزيز» الذي زين اسمه بقائمة الشعب في الانتخابات البرلمانية في 1967 جنبا إلى جنب مع التقدميين والقوميين، أخذه الحنين إلى أحضان الليبراليين، فأراد الاقتراب منهم رويدا رويدا بعد بُعاد، ليعيد اليه بريقا افتقده كثيرا منذ زمان كفر به الاسلاميون فهجروه اثر دفء استمر عقدا,,, وتضعضع أصوات في الخالدية رفضت بقاءها مساندة له متأثرة بصراخ وعناد وهيجان قادته إلى مخالفة من جاؤوا اليه متمنين «ألا يسير في ركاب الكتلة الشعبية مُضيا في ما يخالف رغبات منطقته في موقعة استجوابي عادل الصبيح ويوسف الإبراهيم»، فنفذوا ما هددوا به، ليعرف ابوعبدالعزيز، كم هي قيمتهم كبيرة يوم تنفس الصعداء بأصوات جعلته في 5 يوليو 2003 ينجو من فضيحة لا تليق بمكانة برلماني مخضرم مثله.
لكن هذا السيناريو المؤيد لحقوق المرأة السياسية ضل الطريق القويم، و«التوربينات» التي تدفعه في غاية الضعف، فما بني على باطل فهو باطل,,, فكم من مرة تعرضت الحكومة إلى سهام حارقة لمجرد تلويحها باللجوء إلى المحكمة الدستورية، وأمطرت بوابل من الانتقادات، واصفة إياها بأنها «تعرض العلاقة بين السلطتين إلى التأزيم»، فلماذا تكون المحكمة ذاتها بردا وسلاما وحضنا هانئا للنواب العشرة، ومحرما على أعضاء الوزارة؟ وهل تجوز سياسة حلال علينا وحرام عليهم ان كان في الأمر نصر وانجاز ولفت انتباه,,, في مجلس نَدُرَ فيه الانجاز الحقيقي بعيدا عن الجعجعة والمصلحة العامة؟
وبعيدا عن هذا وذاك، كيف يسمح نواب بمصادرة آراء زملائهم في التصويت الديموقراطي على مشروع قانون كحقوق المرأة باعتبارهم ممثلي الشعب، بعيدا عن قرار سلطة ثالثة «قد يقلب مجلس الأمة رأساً على عقب، ويلغيه بحكم آراء دستورية ثابتة، وليس أعرافا مورست في بلاد أخرى؟».
الطلب النيابي الداعي إلى الإحالة على المحكمة الدستورية «فقاعة» روج أصحابه أن الأغلبية النيابية تؤيده، بيد ان الواقع يشير إلى ان السلطة التنفيذية سيدة الموقف، والأكثرية البرلمانية معها، فإن أرادت رفضه فحتما ستحصل على من يحقق لها ما تبتغي، مثلما يمكن أن تساند رأيا يحيل الجمل بما حمل على اللجنة التشريعية لتفصل بالأمر انطلاقا من قاعدة «المجلس سيد قراراته»، كما فعلت باستجواب النائب حسين القلاف لوزير العدل أحمد باقر,,, إلا أن في هذا وذاك غمزا ولمزا يشوه صورة الحكومة، ويتهمها بمعاداة الإصلاح كالمعتاد,,, ولئلا تواجه شيئا من هذا، فإنها مرغمة على رأي حاسم بعد جلسة مجلس الوزراء اليوم، تعلن فيه وبالصوت العالي رغبتها في الاستعجال بمناقشة مشروع قانون رفعته إلى البرلمان يسمح للمرأة المشاركة في الانتخابات تصويتا وترشيحا,,, فحتما بموقف كهذا لي ذراع لمن أراد الصعود على أكتافها، وخرس ألسنة اهتوت التنظير، وراحة لأعضاء ليسوا مستعدين لتصويت غير راغبين فيه، مثلما هو فضح لآخرين يريدون مواقف الغموض.

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور