الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

جريدة الجريدة - الأحد 13 ديسمبر 2009 -العدد 804

المحامي الحبيني: مشروع قانون العمل مخالف للدستور ومليء بالتناقضات
يشجع العمالة الوطنية ويسمح بالجمع بين القطاع الخاص والعام؟

في دراسة بعنوان «مشروع قانون العمل وما حواه من مخالفات وغرائب» أعدها المحامي فهد الحبيني، أكد الحبيني أن هذا المشروع يحمل العديد من المخالفات والتناقضات.يقول المحامي فهد الحبيني إن مشروع قانون العمل في القطاع الأهلي يحمل العديد من المخالفات الدستورية، كما أنه مليء بالتناقضات بشأن مخالفته المنطق القانوني، لافتا في دراسته بعنوان &مشروع قانون العمل وما حواه من مخالفات وغرائب& إلى ضرورة مراجعة المشروع قبل إقراره من مجلس الأمة.
وسوف يعرض على مجلس الأمة مشروع العمل في القطاع الأهلي والهدف من هذا المشروع هو وضع الميزات للعمالة الوطنية! وتشجيعها للعمل في القطاع الخاص، لتخفيف الميزانية- الباب الاول فيها.
لكن رغم ما بذل في هذا المشروع سواء في المجلس السابق او الحالي فإن بعض المخالفات والغرائب مازالت محتفظة بنفسها في هذا المشروع، وهذه الامور تجعل المهتم بالشأن القانوني يتعرض لها حتى لا يصدر من المجلس قانون يحتوي على مثل تلك الغرائب، خاصة ان هذا المشروع يحتاج الى اعادة دراسة من جديد يباشرها القانونيون المختصون حتى نزيل منه ما جاء به من شوائب.
المخالفات الدستورية
1-المادة 49 من المشروع، وهي التي تتكلم عن انتقال المنشأة بالميراث، فإن عقد العمل يسري في مواجهة الخلف بالشروط الواردة فيه.
فهذا النص بهذه الكيفية مخالف للدستور، لكن قبل تبيان المخالفة لابد من ان نعرف ان الخلف نوعان، خاص وهو من يشتري المنشأة والخلف العام وهم الورثة، والنص جاء بالمطلق فهو يسري على الخلف العام، وهم الورثة فلو افترضنا شابا عمره 25 سنة ولديه مؤسسة وعليها عمال وتوفي هذا الشاب ولم يورث شيئا فإن ورثته والداه وهما الخلف العام طبقا لهذا النص يلزمون بحقوق العمال!
وإليكم النصوص الدستورية التي تعارض هذا النص من المشروع:
المادة (18) من الدستور:
الميراث حق تحكمه الشريعة الإسلامية
فالشريعة الإسلامية الغراء تحمل التركة الديون، واذا لم يترك المورث شيئا فلا يلزم الورثة بديون المورث، والملكية الخاصة مصونة... ولا ينزع عن أحد ملكه إلا بسبب المنفعة العامة فلا يصح أن ينزع العمال من الورثة اموالهم الخاصة!
المادة (7) من الدستور:
العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع
فليس من العدل ان يتحمل الورثة ديون المورث، وهو لم يترك مالا.
المادة (22) من الدستور:
ينظم القانون، على اسس اقتصادية واجتماعية مع مراعاة قواعد العدالة الاجتماعية، العلاقة بين العمال وأصحاب العمل.
فإن المشروع بهذا النص قد خرج عن الخط الذي رسمه الدستور بتنظيم العلاقة فقط بين العمال وأصحاب العمل، فهذا النص بالمشروع مخالف للشريعة ولنصوص الدستور.
البند 2 من المادة 115 من المشروع، والتي تقرر بطلان كل شرط او اتفاق ابرم قبل العمل بهذا القانون او بعده، يتنازل بموجبه العامل عن اي حق من الحقوق التي يمنحها القانون، كما يقع باطلا كل تصالح اومخالصة يتضمن انتقاصا او ابراء من حقوق العامل الناشئة له بموجب عقد العمل، خلال فترة سريانه أو ثلاثة اشهر من تاريخ انتهائه متى كانت مخالفة لاحكام هذا القانون.
المادة (74) من المشروع التي تمنع العامل من التنازل عن اجازاته السنوية بعوض او من غير عوض!
فهذه النصوص تمثل وصاية على العامل، وتصادر ارادة العامل حتى لو كان كامل الاهلية وهذا امر معيب لأنه يحمل سوء الظن بأصحاب العمل ويعتبر العامل قاصرا يحتاج الى وصي!
والغريب ان البند 2 من المادة 115 من المشروع تمتد اثارها حتى على الشروط والاتفاقيات والتنازلات والتصالح المبرمة قبل العمل بهذا المشروع! فهل هذا يتفق مع قواعد العدالة ومبدا سلطان الإرادة؟
فلو أراد العامل ان يتنازل عن اجازاته السنوية سواء بعوض او من غير عوض، فهل من المقبول ان يمنع من ذلك؟ أهذا حماية للعامل أم افتئات على حق العامل!
والمادة (16) الملكية وراس المال والعمل مقومات أساسية لكيان الدولة الاجتماعي والثروة الوطنية.
والمادة (3) الحرية الشخصية مكفولة
فمواد المشروع تتعارض مع الدستور، والقانون المدني الذي يعتبر من يبلغ 21 سنة كامل الأهلية وله الحرية في التصرف في ما يملك، والحقوق العمالية تعتبر حقوقا مالية يجوز التنازل عنها،
واذا كان من وضعوا المشروع يخافون من استغلال العامل من قبل صاحب العمل السيئ فإن القانون المدني كفيل بحفظ حقوق العامل، دون التدخل من المشروع الذي اراد حماية العامل فوقع بالمحظور وهو الافتئات على حقوق العامل.
غرائب المشروع
لقد تضمن المشروع كثيرا من الغرائب، مما يتطلب إعادة النظر في هذا المشروع ومنها الأمثلة التالية:
1- ما جاء بالمادة (23) منه والتي أعطت المرأة العاملة الحق بإجازة مدتها سبعون يوما مدفوعة الأجرة لا تحسب من إجازاتها الأخرى، ولكن بشرط أن تلد خلال السبعين يوما! فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا؟
المشروع لم يعالج هذه الفرضية والتي يجب معالجتها قبل صدور القانون حتى لا تكون المرأة ضحية للمشروع بسبب ليس لها يد فيه!
2-المادة (7) الفقرة الثانية منه، وهي التي تجيز عمل الموظفين الحكوميين بالقطاع الخاص بموجب قرار يصدر من الوزير.
الغريب ان الهدف من المشروع هو تشجيع العمالة الوطنية للعمل بالقطاع الخاص للتخفيف على الباب الاول من الميزانية،
فهذه الفقرة من هذه المادة سوف تقضي على الهدف من هذا المشروع طالما هناك استثناء يجيز الجمع بين العمل بالقطاع الخاص والحكومة!
3-المادة (53) من المشروع والتي توجب على صاحب العمل إعطاء العامل شهادة خبرة، لكن اشترط المشروع أن لا تتضمن الشهادة أي عبارة قد تسيء إلى العامل أو تصدر في شكل يقلل من فرص العمل أمامه صراحة أو دلالة!
فهذا الشرط من شأنه نزع الثقة من هذه الشهادة فضلا عن أنها تصادر حق صاحب العمل في إبداء رأيه في هذا العامل، فلو افترضنا أن العامل قد تم فصله بسبب ارتكابه جريمة مثل السرقة أو التعدي على صاحب العمل أو عمل مخل في مكان العمل أوإخلاله بنصوص العقد أومخالفته لتعليمات صاحب العمل فهل منع سبب إنهاء العقد يتفق مع قواعد العدالة أم انه يحمي العامل السيئ!
4-المادة (92) من المشروع وهي التي تتحدث عن أجر العامل المصاب أثناء فترة علاجه والتي تعطي العامل نصف أجره إذا زادت فترة العلاج عن ستة أشهر حتى شفائه.
فلو افترضنا أن الطب قرر أن العامل ممكن أن يتشافى ولكن بعد عدة سنين حسب الحالة فهل من المعقول تحميل صاحب العمل أجر العامل إلى مالا نهاية!
5-المادة (40) من المشروع فقرة (ج) والتي تعطي العامل الحق باللجوء إلى المحكمة للطعن على قرار الفصل، فإذا ثبت بموجب حكم نهائي أن الفصل تعسفي استحق العامل مكافأة نهاية الخدمة والتعويض.
للعلم فإن الحكم النهائي هو الصادر من محكمة الإستئناف والحكم البات هو الذي يصدر من محكمة التمييز.
فلو افترضنا أن عاملا أجنبيا حصل على حكم استئنافي –نهائي- بأن الفصل تعسفي واتخذ إجراءات التنفيذ وحصل على المكافأة والتعويض وسافر، وبعد ذلك أصدرت محكمة التمييز حكما بأن الفصل غير تعسفي، فكيف يسترد المواطن ما أخذ منه بغير وجه حق!
6-المادة (29) من المشروع وهي التي حددت مدة عقد العمل بما لا يقل عن سنة ولا يجاوز خمس سنوات.
الغريب أن المشروع قد صادر حرية الإرادة بهذا العقد، فلو افترضنا أن عملا معينا يحتاج لإنجازه ستة أشهر، فإن المشروع يمنع إبرام العقد مصادرا بذلك إرادة الإفراد.
7-المادة (31) من المشروع وهي التي حددت فترة تجربة مدتها مئة يوم على أن يلتزم صاحب العمل بدفع مكافأة نهاية الخدمة إذا كان الإنهاء من جانب صاحب العمل خلال المئة يوم!
الغريب ان يتحمل صاحب العمل مثل هذا الالتزام، والعقد لم يتأكد بعد.
8-المادة (39) من المشروع والتي توجب إنشاء صندوق لحصيلة الخصم على العمال يخصص للصرف على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتي تعود بالفائدة على العمال.
فلو افترضنا ان صاحب منشأة صغيرة لم يخصم بحياته سوى على عامل واحد بمبلغ خمسة دنانير، فكيف لنا ان نصرف هذا المبلغ على النواحي التي عددتها المادة بالمشروع!
العامل السيئ والعامل المحترم
يميز المشروع تمييزا غريبا بين العامل المحترم والعامل السيئ فتجده يكافئ العامل السيئ بحقوق أفضل من العامل المحترم!
فالمادة (52) من المشروع تعطي العامل نصف مكافأة نهاية الخدمة في العقود غير المحددة المدة، إذا كان هو من تقدم بالاستقالة وكانت مدته تقل عن خمس سنوات، بينما نجد الفقرة (ب) من المادة (40) من المشروع يحصل العامل على مكافأة نهاية الخدمة إذا فصله صاحب العمل بسبب ارتكابه إحدى الحالات:
1-إذا حكم عليه نهائيا بجريمة ماسة بالشرف أوالأمانة أو الاخلاق.
2-اذا ارتكب عملا مخلا بالآداب العامة في مكان العمل.
3-اذا وقع اعتداء على احد زملائه او على صاحب العمل او من ينوب عنه اثناء العمل او بسببه.
4-اذا اخل او قصر في اي من الالتزامات المفروضة عليه بنصوص العقد واحكام هذا القانون.
5 –اذا ثبتت مخالفاته المتكررة لتعليمات صاحب العمل.
فمثل هذه النصوص بالمشروع تشجع العامل السيئ، لأن العامل المحترم لن يحصل إلا على نصف الحقوق!
فصل العامل مع حرمانه من مكافأة نهاية الخدمة
المادة (40) من المشروع فقرة (أ) تعطي صاحب العمل بفصل العامل مع حرمانه من مكافأة نهاية الخدمة:
-اذا ارتكب العامل خطا نتج عنه خسارة جسيمة لصاحب العمل
-اذا أفشى العامل الاسرار الخاصة بالمنشأة مما تسبب او كان من شأنه ان يتسبب في خسارة محققة لها.
فالمشروع يأخذ النتائج معيارا له وهي الخسارة وينظر الى المنشأة من زاوية مادية مهملا الجانب المعنوي لها.
فالعامل قد يرتكب اخطاء جسيمة ولا يفصل، لانه لم تتحقق خسارة جسيمة بسبب يعود لملاءة المنشأة، فبالتالي نحن نعطل نصوص المشروع بسبب ما تضمنه من احكام!

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور