الملف الصحفي


تصنيف الخبر /   تقنية المعلومات   

جريدة الأنباء - الثلاثاء 23 ذو القعدة 1441هـ - 14 يوليو 2020م

قانونيون يدعون عبر «الأنباء» إلى ضرورة إقرار تشريع يفرّق بين التوثيق والتشهير ويحسم اللغط
التوثيق بالتصوير.. بين التجريم و إثبات الحقوق
بوعركي: إذا كان غرض التصوير إثبات الواقعة فلا بأس به ولا يدخل بالتجريم
الجدعي: القصد الجنائي لا يتوافر بحالة التصوير لإثبات جريمة أو حادث مروري
سراب: الفصل بقصد الإساءة والتشهير يعود إلى السلطة التقديرية للقاضي
العنزي: ضرورة إباحة التوثيق بالتصوير خاصة إذا كان هو الدليل الوحيد
العتيبي: التشريع الحالي أوقعنا في لبس وغموض ونحتاج لبديل يحقق التوازن

عبدالكريم أحمد
ما بين التوثيق والتشهير يقف المصورون بهواتفهم المتنقلة حائرين أمام مآل تصويرهم للأحداث المختلفة بدافع حماية أنفسهم، متسائلين: هل يحق لنا التصوير ضمانا لحقنا؟ أم إن هذا الأمر ينتهك خصوصية الآخرين ويوقعنا في دائرة التجريم؟
فهناك من يمر بمواقف مختلفة ربما يحتم عليه أحدها استخدام هاتفه المتنقل للتوثيق وضمان حقه لاسيما أن التصوير يكون هو الدليل الوحيد الذي يدعم موقفه في هذا الموقف، غير أن البعض يتجاوز حقه بالتوثيق إلى المساس بخصوصية الآخرين من خلال تصوير وجوههم أو التعليق سلبا ضدهم لاسيما إذا اقترن ذلك بتسريب التصوير ونشره في منصات التواصل الاجتماعي.
ومع صدور أحكام قضائية تؤكد مشروعية التصوير في الأماكن العامة يرفض البعض خضوعهم للتصوير حتى وإن كانوا مذنبين أو مجرمين، ويدخلون في خلافات مع من قام بتصويرهم، وبعضهم يسجل قضية «تشهير وإساءة استعمال هاتف» ضد صاحب الحق، ليترك الأمر إلى تقدير السلطة القضائية باستنباط هدف المصور من التصوير، وسط تداخل قانوني يستوجب الفصل.
«الأنباء» عرضت هذه القضية على أساتذة قانون ومحامين، فكانت آراؤهم على النحو التالي:
بداية، قال رئيس قسم القانون الجزائي بكلية الحقوق في جامعة الكويت د.حسين بوعركي، إن هناك تجريما للتصوير بلا إذن، لكن التطبيق السليم للقواعد القانونية يقتضي منا التريث في الحكم على هذا التصرف.
وأوضح بوعركي أن هذا التصرف قد يكون قريبا من حالة التلبس التي تجيز للشخص العادي القبض على الفاعل، فهذه جنحة وهناك نوع من التلبس بهذه الجنحة.
وبين أنه إذا كان غرض التصوير هو إثبات الواقعة فقط فإنه لا بأس به ولا يدخل بالتجريم، لكن إذا كان الأمر بغرض التشهير وفيه تعد على الخصوصية فهنا يقع التجريم.
وأضاف: مناط الأمر هو تجاوز التصوير لمحل الواقعة والذهاب للخصوصية، أي لا يجوز تصوير شخص أو تصوير ذويه داخل مركبته فقط لكونه صدم مركبتي ثم أتحدث عنه، فهذا يعد تشهيرا.
وشدد بوعركي على ضرورة أن نفرق بين ارتكاب الجريمة وإثباتها من جهة، وبين التشهير بالآخرين من جهة أخرى، موضحا أنه يجوز إثبات ارتكاب الجريمة من خلال التصوير وقد تقبل سلطات التحقيق والمحكمة تقديم هذا التصوير كدليل وتعتبره دليلا مشروعا، لكن التشهير بمرتكب الجريمة يعتبر فعلا غير قانوني ومجرم.
تلصص وإيذاء
بدوره، أكد أستاذ القانون العام بكلية الحقوق في جامعة الكويت د.فواز الجدعي، أن التشهير عبر التصوير أو غيره يعد من المسائل المنهي عنها قانونا لأنه يهدف إلى التلصص على الحياة الخاصة للفرد ونشرها دون إذنه بما يؤذيه ويؤذي محيطه العائلي أو العملي وغيره.
واستطرد الجدعي قائلا: أما حال حصول واقعة ترتبط بجريمة أو حادث مروري أو غيره فإن القصد الجنائي لا يتوافر عند التصوير بهذه الحالة، إنما يكون هدف الشخص من هذا التصوير هو إثبات قيام الجريمة أو إثبات الخطأ بوقوع الحادث.
وأضاف أن الضرورة تقدر بقدرها، أي بالقدر الذي يحفظ حق من يقوم بالتصوير لإثبات حقه دون أن يتعداه إلى انتهاك صارخ لحرية الأشخاص الخاصة، وعليه لا يمنع التصوير إثباتا للحق أو حفظا له أو من باب إثبات ارتكاب الجاني جريمة معينة.
وأكد الجدعي توافر سبب الإباحة في مثل هذه الحالات باعتبار أن الجاني في الجرائم قد وضع نفسه بموضع قانوني لا يمكن معه الادعاء بحقه في الخصوصية، وكذلك في الحوادث باعتبار حق المتضرر من حفظ حقه.
سلطة تقديرية
من ناحيتها، ذكرت المحامية تهاني سراب أن البند «ج» من المادة 70 بالقانون رقم 37 لسنة 2014 بإنشاء هيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات واضح وصريح، حيث نص على أنه: «كل من تعمد الإساءة والتشهير بالغير عن طريق استعمال جهاز أو وسيلة من وسائل الاتصال أو غيرها في التقاط صورة أو أكثر أو مقطع فيديو له دون علمه أو رضاه أو استغل إمكانات هذه الأجهزة واستخرج صورا منها دون إذنه أو قام باصطناع صورة مخلة بالآداب العامة لأشخاص آخرين يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على خمسة آلاف دينار ولا تقل عن خمسمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين».
وأفادت سراب بأنه إذا قام أحد الأشخاص بتصوير آخر حتى يكون دليل إثبات وبينة فعليه إثبات ذلك أمام القاضي ويحق للمجني عليه رفع قضية إساءة استعمال هاتف، وتكون السلطة هنا تقديرية أمام القاضي.
وأشارت إلى أن المحكمة تنظر إلى الركن المعنوي المتمثل في قصد الإساءة والتشهير، فإذا كان غير متوافر بهذه الحالة تتم تبرئة المتهم من التشهير، لذا نرى أن يقوم الادعاء العام بإحالة مثل هذه القضايا إلى القضاء وترك أمر التقدير للقاضي، وهو ما نلاحظه الآن حيث تتم إحالة معظم القضايا من هذا النوع إلى المحاكم للفصل فيها.
اقتحام الخصوصية
أما المحامية ابتسام خالد العنزي فأثنت على معاقبة المشرع الكويتي للأشخاص الذين يقتحمون خصوصية الأفراد بتصويرهم دون رضاهم أو استئذانهم ونشر صورهم أو مقاطع تصوير لهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبينت العنزي أن هذا النوع من التصوير قد يسبب مشاكل كثيرة لمن تم تصويره دون رضاه أو استئذانه وكثيرا ما نرى بعض الأشخاص يقومون بالتصوير في الأماكن العامة ويلتقطون الصور ثم يقومون بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وقد يظهر في هذه الصورة أشخاص لا يرغبون في أن يراهم أحد بهذا المكان أو انهم بوضع أو هيئة غير مناسبة لمركزهم الاجتماعي.
وأضافت: إن جريمة تصوير الأشخاص دون رضاهم أو استئذانهم هي جريمة خطرة على مجتمعنا حيث تستخدم الصور أو مقاطع الفيديو للابتزاز السياسي أو المالي وأحيانا تسبب هذه الجريمة إنهاء علاقات أسرية خاصة، لذا شدد المشرع العقوبة بمثل هذه الحالات.
في المقابل، شددت العنزي على أهمية أن يبيح القانون للأشخاص توثيق الجرائم والاعتداءات التي تقع عليهم من آخرين خاصة إذا كان التصوير هو دليل الإثبات الوحيد بمثل هذه الجرائم، بشرط توافر حسن النية في عدم التشهير على مواقع التواصل الاجتماعي بمن تم تصويره وعدم ابتزازه بهذا التصوير.
لبس وغموض
من جهته، شدد المحامي محمد العتيبي، على أهمية توضيح أن التصوير لذاته فقط يختلف عن مسألة إساءة استعمال الهاتف، وهذا كذلك يطرح علينا تساؤلا مهما وهو: لماذا دائما يتم الربط في الكويت بين أمرين مختلفين هما التصوير والاتصالات؟
وذكر العتيبي أن بعض التشريعات الكويتية في هذا الجانب هي التي أوقعتنا في هذا اللبس والغموض الذي لطالما وقع فيه الكثير سواء من الأشخاص العاديين أو حتى على مستوى المتخصصين في مجال القانون.
وأضاف: بالنظر إلى أحدث القوانين الكويتية التي تناولت مسألة التصوير نرى أن القانون رقم 37 لسنة 2014 بإنشاء هيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات وفق المادة «70» فقرة «ج» بالتحديد والتي تناولت التصوير بذاته سواء صور أو فيديو، وسواء كان بدون إذن أو بدون علم. الجدير بالذكر أن هذه الفقرة هي اقتباس حرفي من المادة رقم 1 مكرر من القانون رقم 9 لسنة 2001 بشأن استعمال أجهزة الاتصالات الهاتفية وأجهزة التنصت وتعديلاته.
وأشار العتيبي إلى أن هذا الاقتباس أثمر أمرين في الحياة القانونية أن النص ذاته في القانون القديم تعمل فيه إدارة التحقيقات بينما ذات النص والعبارات وذات الجريمة في القانون الحديث تعمل فيه النيابة العامة، علما أن الجريمة واحدة وكل ما في الأمر أنها وردت في قانونين أحدهما من اختصاص التحقيقات والآخر من اختصاص النيابة العامة بغض النظر عن مسألة الظروف المشددة.
ولفت إلى أن محكمة التمييز قضت بعدة أحكام بشأن جريمة التصوير واعتبرتها جريمة عمدية وبذلك تتطلب قصدا هو الإساءة والتشهير، مشيرا إلى أن الركن المادي لتلك الجريمة يتمثل في التصوير ذاته، أما الركن المعنوي هو اتجاه إرادة المصور إلى التشهير والإساءة لمن صوره، وهذا الركن الأخير يخضع لتقدير المحكمة وحدها، وعليه نستطيع القول أن التصوير في الأماكن العامة بدون قصد إساءة أو تشهير لا جريمة فيه إذا كان وفق هذا الحد.
صعوبة الحكم
وأفاد العتيبي بأنه من الصعب تحديد وقوع تلك الجريمة من عدمها بدون معرفة الوقائع وظروف كل واقعة تصوير معينة، ولا يمكن إطلاق إجابة موحدة تنطبق على الجميع في مسألة إباحة التصوير في الأماكن العامة، داعيا إلى ضرورة إقرار تشريع يعيد النظر بقوانين الاتصالات وفك الربط بين حماية الاتصالات وجرائم التصوير، ووضع حدود منضبطة لمسألة التصوير في الأماكن العامة وحماية الحريات الشخصية.
وأكمل: أما تصوير الحوادث المرورية والمركبات خارجيا فمادام أنها لم تشمل الأشخاص بذواتهم ولم يكن هناك قصد بالتشهير أو الإساءة فهو مباح وفقا للقوانين الحالية، أما استخدام التصوير بسبق الإصرار والترصد وقبل وقوع الجريمة فهذا بحد ذاته مجرم ويفتح مجال كذلك بمسألة الاجتهاد القضائي والتوصل لمعرفة دوافع من قام بالتصوير وصولا لتحديد هذا الفعل هل يكون جريمة من عدمه.
وأوضح أن التصوير العرضي كمن يصور مشهدا عاما وبالصدفة تعرض لجريمة قام بإثباتها بذلك التصوير، فهنا كذلك الأمر مباح قانونا، فالعبرة بالإثبات أن التصوير كان عرضيا، كما أنا الكاميرات المثبتة مسبقا تصح أن تكون دليلا مشروعا كونها تعمل بشكل مستمر وقبل ارتكاب الجريمة سواء السرقة أو الإتلاف، وهذا يتجسد أكثر بالكاميرات الأمنية المنزلية المثبتة خارجيا.
وختم العتيبي قائلا: نرى أنه من الضروري تدخل المشرع بسن قانون ينظم هذه المسائل ويحمي الحرية الشخصية والمكان الخاص ويمكن الشخص حسن النية من الإثبات في المكان العام مع احترام خصوصيات الآخرين حتى لو في موقع عام، فالمسألة تحتاج إلى تشريع يحقق التوازن بين المصالح المتعددة.

دستور دولة الكويت الصادر في 11 / 11 /1962
قانون رقم 63 لسنة 2015 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات
القانون وفقاً لآخر تعديل - قانون رقم 37 لسنة 2014 بإنشاء هيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات
القانون وفقا لاخر تعديل - قانون رقم (9) لسنة 2001 بشأن إساءة استعمال أجهزة الاتصالات الهاتفية وأجهزة التنصت
التصوير للابتزاز... من زاوية قانونية
تجريم «البلوتوث» تصويراً ونقلاً ... وتعميماً على «الإنترنت»
الحبس 5 سنوات لمن يستغل صور الكاميرات الأمنية في التهديد أو المساس بالأعراض أو الابتزاز

الصفحة (1) من اجمالى(1)

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور