الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

جريدة القبس - الخميس, 19 ابريل, 2007 - 02 ربيع الثاني 1428- رقم العدد: 12169

في دراسة حول 'صحة' حضور الحكومة الجلسات البرلمانية
حضور أكثر من نصف الأعضاء شرط لدستورية انعقاد الجلسة

بقلم المستشار: عادل عباس الخضاري
بادئ ذي بدء اود ان اؤكد أن ما سأبديه هو رأيي الشخصي ولا يمثل بحال رأي اي جهة او هيئة. حيث ان المادة 97 من الدستور تنص على انه: 'يشترط لصحة اجتماع مجلس الامة حضور اكثر من نصف اعضائه وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين'.
وتنص المادة 116 منه على ان: 'يسمع رئيس مجلس الوزراء والوزراء كلما طلبوا الكلام ولهم ان يستعينوا بمن يرون من كبار الموظفين او ينيبوهم، وللمجلس ان يطلب حضور الوزير المختص عند مناقشة امر يتعلق بوزارته، ويجب ان تمثل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها او ببعض اعضائها'.
ويستفاد من سياق النص 97 سالف الذكر ان المشرع الدستوري قد حدد الاحوال التي يكون فيها انعقاد المجلس صحيحا، واشترط لذلك ان يحضر اكثر من نصف اعضائه، ولم يفرق المشرع هنا بين العضو المنتخب والعضو بحكم وظيفته، اي ان العدد يحسب على اساس كل الاعضاء، وبذلك لا يشترط لصحة انعقاد الجلسة حضور الحكومة ولو بوزير واحد، ومجرد توافر النصف + واحد، فإن الجلسة تكون صحيحة ولو كانت تتوقف صحة انعقاد الجلسة على حضور الحكومة لنص المشرع في هذا النص على البطلان في حالة عدم حضورها، لأن اتجاه المشرع دائما التقليل من حالات البطلان، فلو كان المشرع يرتب اثر البطلان على عدم حضور الحكومة لنص على ذلك، اذ ما كان يعجزه ان ينص على ذلك في الدستور.
اما القول بأن وجوب تمثيل الحكومة يحكمه النص 116 من الدستور برئيسها او ببعض وزرائها، فإن ذلك مردود عليه ان هذا النص يتكلم عن الاحوال التي يكون فيها محور او محاور الجلسة تتعلق بالحكومة او بوزارة ما فأوجب المشرع الدستوري على الحكومة الحضور حتى يتمكن المجلس من مزاولة مراقبته لأعمال الحكومة، اي ان الخطاب هنا موجه الى رئيس المجلس وللحكومة بوجوب دعوة الحكومة بالنسبة للرئيس ويتعين على الاخيرة حضورها، وذلك في المواضيع المتعلقة بسياستها او بعمل اي وزارة حتى لا يناقش المجلس هذه المحاور مع نفسه، اي ان ذلك يولد التزاما على الحكومة بالحضور لا التزاما على المجلس بعدم عقد الجلسة، لأن المشرع الدستوري لو كان يقصد بطلان الجلسة اذا لم تمثل الحكومة في الجلسة لنص على بطلانها في هذه المادة.
فوفقا للنصوص الدستورية ووفقا للمنطق القانوني السليم والفهم الصحيح للنصوص، فإن عدم حضور الحكومة للجلسة لا يبطلها والقول بغير ذلك يخالف نص المادة 97 سالفة الذكر. وايضا لو افترضنا ان عدم تمثيل الحكومة في الجلسة يبطلها اي يعطلها، فإنه بذلك نكون قد اتينا بحكم خاص لتعطيل الجلسات لم ينص عليه الدستور، اذ ان المختص بتأجيل الجلسات (تعطيلها)، هو الامير وحده ولمدة شهر واحد فقط، ولا تحسب هذه الفترة من مدة المجلس، واما تعطيل الجلسات لعدم حضور الحكومة، فهو افتئات على الدستور لأننا ستكون امام تعطيل الجلسات ليس من جانب الامير، ولكن من جانب الحكومة وبطريق غير مباشر عن طريق عدم حضورها بل وقد تطول هذ المدة أكثر من شهر، وهي المدة التي يملكها صاحب السمو رئيس السلطات جميعا وتحسب بالطبع هذه المدة من عمر المجلس وهذا ما يخالف العقل والمنطق والدستور نصا وروحا، إذ كيف تطغى سلطة من السلطات على رئيس السلطات جميعا، وكذلك مصير جلسات المجلس وعمله مرهونين بتفضل الحكومة بالحضور، وستكون الحكومة متحكمة في صحة جلسات المجلس إن شاءت عطلت الجلسة وإن شاءت عقدتها.
وسأعطي مثالا عن الجلسة التي يكون أحد بنودها أو ان الجلسة تكون مخصصة فقط لطرح الثقة بوزير ما بناء على استجواب أعقبه طلب موقع من عشرة نواب بطرح الثقة، طبعا أعضاء الحكومة لا يصوتون على طرح الثقة بحكم الدستور، فإن بدأت الجلسة وشرع بموضوع طرح الثقة بالأذن بالكلام ل 3 + 3 ثم انسحبت الحكومة قبل التصويت فهل تبطل الجلسة؟ مع العلم ان الحكومة لا تصوت؟ فهذا مثال بسيط يوضح مدى خطورة القول إن عدم حضور الحكومة يبطل الجلسة إذ ستتغلب الحكومة على أي جلسة لطرح الثقة أو بالاستجواب فقط بعدم الحضور.
وإذا نظرنا إلى التقاليد البرلمانية في جمهورية مصر العربية، هي التي تماثلنا في النظام القانوني في كثير من النصوص الدستورية ومنها النصوص محل هذه الخصوصية، نجد في سابقتين الأولى حدثت في ظل دستور 1923 والثانية في ظل دستور 1973 سوف نوردهما فيما يلي: 'عند افتتاح إحدى جلسات المجلس اعترض البعض ان الحكومة غير ممثلة وهنا ذكر السيد رئيس الجلسة بأنه ليس هناك نص في الدستور أو اللائحة الداخلية يحتم حضور الحكومة حتى يمكن عقد الجلسة، وذهب بعض الأعضاء إلى أنه من التقاليد البرلمانية ضرورة حضور الحكومة وإلا فهل يناقش المجلس نفسه؟ وذهب البعض الآخر من الأعضاء إلى أن التقاليد البرلمانية تقتضي ضرورة حضور الحكومة ولكن هذا يولد التزاما على عاتق الحكومة، بالحضور لا التزاما على المجلس بعدم عقد جلسته حتى يحضر ممثل الحكومة وانتهى الأمر إلى رفع الجلسة بضع دقائق بعدها حضر ممثلو الحكومة'. (مجلس الشعب دور الانعقاد العادي الرابع - مضبطة الجلسة التاسعة عشرة 29 ديسمبر سنة 1974 - ص 1571 - 1572).
2 - 'أثناء عرض اقتراح برغبة أبداه بعض الأعضاء لتمديد أيام العمل في المجلس اعترض بعض الأعضاء على أخذ الرأي وطلب التأجيل حتى يتسنى للحكومة ان تشترك في المناقشة تأسيسا على ان المسألة المطروحة واردة بجدول الأعمال وتهم الحكومة، نظرا لأن الأيام المطلوبة هي أيام عمل مجلس الشيوخ فوافق المجلس على التأجيل لإشراك الحكومة في المسألة المعروضة'.
(مجلس النواب دور الانعقاد العادي الثاني - مضبطة الجلسة الرابعة في 22 نوفمبر سنة 1924 - ص 32).
3 - 'استقالة الحكومة فرأى لمجلس النواب تعطيل أعماله حتى تشكل الوزارة الجديدة لأن اجتماعات المجلس من دون الحكومة غير قانونية، وطلب أحد الأعضاء الاجتماع والتأجيل على أساس انه يشترط الا يعمل المجلس عملا إلا إذا كانت هناك حكومة'.
(مجلس النواب دور الانعقاد العادي الثاني - مضبطة الجلسة السادسة في 24 نوفمبر سنة 1924 - ص 24).
هذا.. ونشير أخيرا إلى أنه لا مجال للقول إن العرف الدستوري قد جرى على الا تعقد جلسة للمجلس من غير الحكومة ذلك لأنه لا مجال للقول أو الاحتجاج بالعرف الدستوري بوجود النص الدستوري فالقانون مقدم على العرف 'مصادر القانون' وهو أولى بالتطبيق، وإذا خالف العرف نصا قانونيا قائما لا يؤخذ بهذا العرف.
'هذا رأينا قلناه فمن أتانا بأحسن منه قبلناه'.

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور