الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

جريدة القبس- الخميس, 25 مايو, 2006 -27 ربيع الثاني 1427- رقم العدد: 11844

نظرات حول مرسوم حل مجلس الأمة

بقلم: المحامي لبيد عبدال
يعتبر اجراء حل مجلس الامة احد اهم واخطر الاختصاصات التي يمارسها الامير والتي تحمل الطابع السياسي.
ويعد الحل احدى وسائل فض الخلاف بين الحكومة والبرلمان، من خلال اعادة الامر برمته الى اختيار هيئة الناخبين وتحكيمهم بالامر، من خلال الدعوة الى الانتخابات العامة، خاصة بعد احتدام الخلاف بين الطرفين ووصول الامر الى طريق مسدود.
وفي الكويت تنص المادة 107 من الدستور على ان 'للأمير ان يحل مجلس الامة بمرسوم يبين فيه اسباب الحل، على ان لا يجوز حل المجلس لذات الاسباب مرة اخرى. واذا حل المجلس وجب اجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل. فإذا لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطاته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن. ويستمر في اعماله الى ان ينتخب المجلس الجديد'.
ويلاحظ ان النص الدستوري المذكور جعل حق الحل حقا مقيدا وليس مطلقا وذلك من خلال:
أولا: التسبيب:
فالمرسوم الذي يصدره الامير متضمنا حل المجلس يجب ان يتضمن الاسباب التي دعت الى الحل، وخاصة ان الحالة محل البحث تأزمت بها العلاقة بين الطرفين وتستوجب التسبيب مع وجود خلاف ناشب بين الوزارة ومجلس الامة بشأن الدوائر الانتخابية، وانعدام مبدأ التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
ثانيا: عدم التكرار:
والعلة من ذلك القيد، انه بمجرد حل مجلس الامة، فإن القرار يعود للأمة بأسرها لتعود وتختار ممثليها، فإذا عبرت عن قبولها بذات الاعضاء او اغلبهم، فإن ذلك يؤكد اعتراضها على الحل وتأييد موقف المجلس، اما اذا لم يعد انتخاب هؤلاء الاعضاء، فإن ذلك يؤكد ان هيئة الناخبين وقفت مع الوزارة في الامر الذي كان محلا للخلاف.
وهذا القيد انما يمنع اعادة الحل للسبب نفسه، طالما ان الرأي الشعبي اعاد الاعضاء نفسهم الى المقاعد البرلمانية، او اغلبهم على الاقل، وبالتالي لا مبرر لإعادة الحل للسبب نفسه، والا فإن الموقف الشعبي سوف يكرر التعبير عن ارادته من خلال اعادة تأييد اعضاء المجلس المنحل مرات ومرات، فيكون تكرار الحل انما يعد عملا مضرا بمبدأ استمرار الحياة النيابية، والمصلحة العامة، وبأمن واستقرار البلاد ومبادئ الديموقراطية واحترام الارادة الشعبية التي نص عليها الدستور فيها.
ثالثا: وجوب اجراء انتخابات جديدة خلال الميعاد الدستوري:
فقد جاء نص المادة 107 ايضا واضحا بحيث اوجب اجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز الشهرين من تاريخ الحل، ويعد هذا القيد ايضا ضمانة لدعم استمرار الارادة الشعبية باختيار ممثليها عبر مجلس الامة لممارسة سلطاته التشريعية والرقابية على اعمال الحكومة بشكل عام.
رابعا: عودة المجلس المنحل اذا لم تجر الانتخابات:
وهنا يعود المجلس السابق بقوة الدستور، وذلك اذا لم يتم الالتزام بإجراء الانتخابات خلال شهرين من تاريخ الحل، بالتالي يعود المجلس المنحل بكامل صلاحياته وسلطاته ويستمر بأعماله الى ان ينتخب المجلس الجديد.
ويعود للمجلس اختصاصاته بناء على نفاذ قواعد الدستور - قانون القوانين - حتى لو عمدت الحكومة التي تم الحل بسبب خلاف معها الى عدم حضور الجلسات للمجلس المنحل، والعائد استثناء لممارسة اختصاصاته وفق قاعدة الضرورة.
خامسا: قيد المراسيم الصادرة في فترة الحل
ولا يخفى ان المشرع الدستوري قد عالج حالة تعطيل الحياة النيابية وما يصدر خلالها من مراسيم بموجب نص المادة 71 من الدستور التي جاء نصها على انه 'إذا حدث بين ادوار انعقاد مجلس الامة او في فترة حله، ما يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير ان يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على ان لا تكون مخالفة للدستور او للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية.
ويجب عرض هذه المراسيم على مجلس الامة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها، اذا كان المجلس قائما، وفي أول اجتماع له في حالة الحل او انتهاء الفصل التشريعي، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة الى اصدار قرار بذلك، اما واذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، إلا اذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة او تسوية ما ترتب من آثارها بوجه آخر'.
وهذا النص يعد قيدا اضافيا في حالة انحراف السلطة التنفيذية، وسوء استغلالها لأداة الحل، فقد يكون الحل قد تم تحت شعار الرغبة في اغتيال سلطة التشريع التي اعتبرها الدستور اختصاصا اصيلا للبرلمان الى جانب اختصاصاته الاخرى الرقابية والمالية.
فقد تتجه السلطة التنفيذية الى الحل بغرض تمرير تشريعات غير شعبية، او تخالف الإرادة البرلمانية بشكل عام، فكان نص المادة 71 الذي اباح للسلطة التنفيذية إصدار المراسيم بصورة استثنائية واصدار التشريعات تحت دواعي الضرورة والاستعجال إذا توافرت عناصرها، بحيث تحدث من المسائل والظروف التي تستعدي اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وبحيث لا تخالف الدستور او ميزانية الدولة، وبأضيق الحدود، وهذا الاستثناء في إطار الضرورة، والتي تقدر بقدرها فقط، كالحروب، او حالة الإرهاب العام، أو الإضراب العام مع استحالة انعقاد البرلمان، حيث تكون هذه الرخصة دون توسع موضوعي أو زمني، على اعتبار ان الدستور يضمن عودة صاحب هذا الاختصاص الاصيل وهو البرلمان الى ممارسة اختصاصاته خلال مدة اقصاها شهرين، وإلا عد الحل غير دستوري، وكان باطلا شكلا وموضوعا لمخالفة الدستور، وتعد الحكومة بذلك قد ارتكبت المحظور وأمعنت بانتهاك أحكام الدستور في حالة عدم الدعوة للانتخابات أو انحرفت في التوسع نحو إصدار تشريعات غير مرغوبة أو تخالف الإرادة الشعبية أو مقيدة للحريات والحقوق العامة، وذلك تحت ستار الضرورة.
ويلاحظ ان المادة 71 توجب عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها إذا كان المجلس قائما، وفي اول اجتماع له في حالة الحل أو انتهاء الفصل التشريعي، وإلا فان النص يضع الجزاء في حالة عدم العرض، وبحيث يزول ما كان لها من قوة القانون بأثر رجعي دون حاجة لإصدارقرار بذلك، وإذا عرضت ولم يقرها المجلس ايضا زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون.
ونرى ان العرض على البرلمان كسيد الاختصاص التشريعي، واجب بكل الاحوال سواء تم إصدار المراسيم خلال فترة الحل مع عودة الحياة البرلمانية او حالة الحل دون عودة الحياة البرلمانية خلال الميعاد الدستوري وهو مدة الشهرين التي نصت عليها المادة 107 من الدستور، وهو ما يسمى بحالة تعطيل الحياة النيابية، على اعتبار ان الدستور وضع جزاء صارما في حالة عدم العرض وهو اعتبار المراسيم التي صدرت دون عرض او مراجعة للبرلمان دونما اثر وكأنها لم تكن.

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور