الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

جريدة الوطن - السبت 16-06-2007

المنافع كثيرة وحيوية لاقتصاد الكويت وأثرها مباشر في حياة كل مواطن.. ولكن
إقرار قانون الضريبة اليوم.. كمن يسلم ثروة لطفل!

بقلم: الدكتور طارق العلوي*
كان الهرج والمرج يعم قاعة مجلس الأمة عندما وقف النائب أحمد السعدون وأكمل حديثه الموجه إلى وزير التجارة آنذاك عبد الله الطويل: '... لكن حتى هذي لا ندخل فيها، هات لك قانون من مادة واحدة تخفض النسبة المقررة، أو خلنا نقول الحد الأعلى المقرر في القانون 3 لسنة 1955م إلى (25 في المائة) ونقطة وخلاص! الدخول في هذه التفاصيل تجعلنا في متاهات...'.
كانت مداخلة النائب السعدون جزءا من معارضة شرسة فوجئت بها الحكومة عندما عرضت مقترحها بتعديلات عدة على قانون الضريبة في جلسة يوم الاثنين 14 يونيو عام 2004.
لكن ما هي قصة قانون الضريبة؟ ولماذا الإصرار الغريب من جانب الحكومة على تمرير هذا القانون وإعطائه صفة الاستعجال؟ وهل لهذا القانون من فوائد عملية تعود بالنفع على الشعب الكويتي ومستقبل الاقتصاد الكويتي؟
يعود تاريخ قانون الضريبة إلى عام 1955 حينما أصدر الشيخ عبد الله السالم الصباح، رحمه الله، حاكم الكويت آنذاك مرسوما لجباية ضريبة الدخل في الكويت، ويسري مفعوله على كل هيئة مؤسسة أينما كان مكان تأسيسها ما دامت تزاول العمل أو التجارة في الكويت.
هذا المرسوم صدر لهدفين أساسيين. الأول هو خدمة لشركات النفط الأجنبية العاملة في الكويت من أجل التمتع بإعفاءات ضريبية في بلادها أو ما يعرف بنظام Foreign Tax Credit. والثاني هو زيادة عائدات خزينة دولة الكويت بأكبر قدر ممكن من خلال الاستفادة من الامتيازات الممنوحة للشركات الأجنبية التي تنقب عن النفط في الكويت.
ومع أن المرسوم واضح وصريح فانه يسري على جميع الشركات سواء كويتية أو أجنبية، إلا أن ملاحظة صغيرة جاءت في المذكرة التفسيرية غيرت هذا المفهوم. نصت الملاحظة على الآتي: 'حيث أنه لا يوجد في الوقت الحاضر قانون في الكويت ينص على تأسيس وتسجيل مثل هذه الهيئات فان عبارة هيئة مؤسسة لا تنطبق إلا على الشركات أو المؤسسات الأخرى المسجلة في الخارج فقط'! ومنذ ذلك الحين جرى العرف، وليس نص القانون، على أن تطبيق هذه الضريبة يسري على الشركات الأجنبية فقط.
السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان دائما والذي يعتبر هو المقياس الأساسي عند الناس وعند أعضاء مجلس الأمة، وحتى عند بعض أطراف الحكومة لتطبيق الضريبة هو: هل الحكومة فعلا بحاجة إلى أموال الضريبة لتمويل مصروفاتها، وهل ستعرف الحكومة كيف ستستغل هذه الأموال بشكل أمثل لتحقيق أكبر قدر من الفائدة الاقتصادية للدولة؟
لاختصار الطريق حول هذا الموضوع، نستطيع الإجابة، بنسبة عالية من الثقة، ب'لا' كبيرة عن السؤال السابق. فالكويت وطبقا للظروف الحالية تعيش في وضع ممتاز من الناحية الاقتصادية وأسعار النفط وصلت إلى معدلات لم نكن نحلم بها سابقا. صحيح أن هذا الوضع لن يستمر إلى الأبد، لكن إلى حين يأتي ذلك الوقت يبقى الاقتصاد الكويتي متين وفي وضع جيد نسبيا.
أما بالنسبة لحسن استخدام الحكومة لأموال الضريبة في حال فرضت، فالمتتبع لتاريخ سياسة الدولة في التخطيط والإنفاق والمتابعة والمحاسبة يدرك مستوى بعد النظر في الصرف على المشاريع التنموية والاستراتيجية، وقلة الفساد الإداري والتعدي على المال العام في الدولة!
وبالتالي فان فرض الضريبة، لتصبح رافدا آخر لإيرادات الدولة الغنية، يمكن أن يصبح مثل إعطاء مبلغ كبير من المال لطفل غير ناضج في فترة عيد الفطر!
لكن ربط تطبيق الضريبة فقط بمدى نضج الحكومة وقلة الفساد فيها وحاجتها لمورد آخر من الإيرادات هو خطأ شائع يمارسه الكثيرون ممن لا يدركون الأبعاد الاقتصادية المهمة للضريبة. فالضريبة لها الكثير من الفوائد الاقتصادية التي تتعدى دور الحكومة ويكون لها أثر مباشر في حياة المواطن العادي ومستوى المعيشة في الكويت.

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور