الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

جريدة القبس - الاثنين 17 نوفمبر 2008 ,19 ذوالقعدة 1429 , العدد 12741

الحكومة متهمة بتأييد الوضع الحالي ..
ومطالبات بتدريس القانون في المناهج التعليمية
المجتمع يجهل القانون .. فما الحل؟

إعداد: مبارك العبدالله
طبيعة القضايا المرفوعة امام المحاكم الكويتية، وعندما يقف فيها المدعى عليهم او المتهمون امام القضاة، وبعد سؤالهم عن سبب ارتكاب الجرائم، يكون الجواب غالبا بالإنكار وبالنص الحرفي: لا أعرف أن ذلك مخالف للقانون أو مجرم.
وعلى الرغم من ان المحكمة لا تعتد بهذا الدفع الذي يؤكد اصحابه جهلهم القانوني من مبدأ «القانون لا يحمي المغفلين» كما يطلق عليه الكثيرون، وبما ان هناك اتهامات كثيرة من قبل القانونيين والقضاة انفسهم بان هذا الدفع جاء للهروب من المسؤولية كونه اقصر طريقة للرد على الاتهامات المرتكبة والجريمة المقترفة.. فإنه من غير المعقول ان يكون جميع هؤلاء المتهمين كاذبين، بل هناك بالفعل من يجهل القانون ولا يدرك ما يفعله، والسؤال هنا من المتسبب في بقاء الجهل القانوني في المجتمع الكويتي.
هناك تلميحات قانونية تثير تساؤلات مسموعة، وهي هل الحكومة غير مهتمة بثقافة المجتمع القانونية وتؤيد بقاءها على هذه الحال حتى لا يعرف الناس حقوقهم وبالتالي تكثر مطالبهم؟ وهل ما تقوم به وسائل الإعلام والوزارات المعنية بتثقيف المجتمع قانونيا هو دور كاف ولا يحتاج الى بذل جهد مضاعف او اعادة صياغة؟
ثم انه الى متى يبقى هذا الوضع في تجاهل الجهل القانوني، ولماذا لا يدرس ضمن المناهج التعليمية لجميع المراحل الدراسية، حتى ننتج اجيالا واعية في القانون، بحيث ان القانون هو الحياة وبدونه لا نستطيع ان نعيش باعتدال.
«القبس» استطلعت اراء قانونيين لبحث مشكلة الجهل القانوني الذي غالبا ما يدفع به في القضايا المرفوعة امام المحاكم لتأتي الآراء بضرورة زيادة هذا الوعي باختلاف الوسائل:
لا اعتداد قانونيا
في البداية بينت المحامية نضال الحميدان ان القاعدة القانونية لا تعتد بجهل من يجهل القانون، موضحة انه في غالب الأمور يكون الدفع بالجهل القانوني هو ذريعة الإنسان المفلس الذي لا يملك دفاعا عن نفسه.
واستدركت قائلة: وان كان هذا الدفاع غير معتد به قانونا فإنه يبقى هناك من يجهل القانون بالفعل، وعلى الجهات القانونية في الدولة كوزارة العدل ووزارة الإعلام بالإضافة الى جمعية المحامين ان يكون لها دور مهم في هذا الموضوع، من خلال تكثيف البرامج التثقيفية كما يحدث في وزارة الداخلية.
وأضافت: نحن لا ننكر ان هذه الجهات تقوم بدورها، لكنه في الوقت نفسه هناك اشخاص لا يكلفون انفسهم عناء القراءة في مجتمعنا، وبالتالي نحن بحاجة الى تغيير طريقة الإعلام من خلال هذه الفلاشات والبرامج المرئية بدلا من السمعية، فهذه تستقطب الناس، وفي النهاية يبقى الإنسان لا يلوم إلا نفسه في حال تعديه القانون.
واشارت الى قضايا كثيرة يتورط فيها الاشخاص لانهم جهلوا بالقانون ومنها العقود التي يوقعونها مع الاطراف الاخرين، والكفالات والشيكات، وهذه مشكلة كبيرة لان البعض لا يقرأ البنود التي يوقع عليها ويعتبرها نقيصة عندما يطلب منه الطرف الآخر ان يقرأها، موضحة ان العملية ليست مسألة ثقة بين طرفين وانما حقوق وواجبات والتزامات قانونية، متسائلة: هل نستطيع ان نوفي هذه الحقوق قبل ان نثقل كاهلنا بالمسؤولية القانونية؟
وقالت انه امر وارد في كل دول العالم ان يكون هناك مساجين خلف اسوار القضبان بسبب جهلهم بالقانون، فما الذي يوصلنا بالمصائب غير الجهل القانوني؟
وانتهت قائلة: لماذا لا تكون هناك مادة قانونية في جميع المناهج الدراسية توضح العقوبات والمناطق التي يجب على الانسان على ألا يقتربها حتى يقع في الجرم، فهذه المسألة ضرورية بمثل ما طالبنا سابقاً بوجود مادة الدستور بحيث انها تكون اكثر وضوحاً للطلبة.
قضايا خاسرة
واوضح المحامي بدر باقر انه في الكثير من الاحيان نصادف العديد من الاشخاص الذين يتقاضون بالمحكمة من دون اللجوء الى المحامين، الامر الذي ينعكس سلبا على قضاياهم مما يؤدي الى خسارة هذه القضايا لاسباب بسيطة مع ان الحق معهم.
وارجع السبب في ذلك الى ضعف الملكة القانونية للمتقاضين وجهلهم بالقانون، حيث ان الاجراءات القانونية في مجال التقاضي بها بعض التعقيدات التي تحتاج الى المتخصصين من القانونيين للعمل على تطبيقها، وفيها اجلاء اعلان القضايا ومواعيد رفعها ومواعيد سقوط الحق في المطالبة وتنفيذ الاحكام، لا سيما ان المادة القانونية غير موجودة في المناهج الدراسية وهي من اهم المواد التي يجب ان تكون ملزمة للطالب لدراستها ليعرف ما عليه من واجبات وما له من حقوق.
وأضاف: نلاحظ اختفاء حملات التوعية القانونية في وسائل الإعلام بعكس الدول المتقدمة التي تهدف الى تطبيق القانون واحترامه من قبل المواطنين، وذلك ابتداء بتوعيتهم ونشر الثقافة القانونية لديهم، وهنا يبدأ دور الجهات القانونية المختصة للقيام بهذا الدور التوعوي، ونشره للعامة عن طريق وسائل الاعلام المتخصصة ومحاولة توصيل الثقافة القانونية التي يجب ان يتثقف بها كل مواطن ولو بأبسط المعلومات القانونية للتقاضي، كما انه يجب الا ننسى دور جمعية المحامين في اعطاء الرأي القانوني لمن يطلب الانتشار عن الجهات الرسمية التي بدورها توصلها للمجتمع الكويتي كافة.
واشار الى ان هناك دورا للموظفين الرسميين في جهات الدولة، ويجب ان يطلعوا على اللوائح والقوانين الخاصة في مجال عملهم، حيث ان لمواجهتنا العملية للواقع الحالي نرى أن أغلب الموظفين يجهلون حقوقهم وكيفية الحصول عليها إن سلبت منهم من قبل جهة الإدارة ومنها التظلمات الإدارية وطرق ومواعيد الطعون بالقرارات الإدارية التي تعتبر أهم سيادة قانونية يتثقف منها الموظف العام.
التعليم القانوني
وقال المحامي محمد خريبط إن الثقافة القانونية أمر يقع على عاتق الكثيرين ومن بينهم وزارة التربية التي كان لزاماً عليها أن تطبق قانون تدريس المادة القانونية عبر مناهجها التعليمية منذ فترة وليس الآن، أو على المستوى الشخصي يجب علينا رفع معدل التثقيف القانوني عبر الاطلاع أو عبر الصحافة المحلية التي تنشر المعلومات القانونية والوقائع القضائية.
وأضاف: «ولكن تقع المسؤولية العظمى علينا نحن كمحامين، فمن ضمن واجباتنا التي يجب أن نرعاها نشر الثقافة القانونية عبر أجهزة الإعلام أو الندوات أو أي وسيلة أخرى».
وتابع: «كما انه من المعروف ان رفع معدل الثقافة القانونية يؤدي في النهاية إلى ارتقاء العمل القانوني أساساً وعلى كافة الأصعدة بمعنى ان رفع الثقافة العامة يؤدي إلى تمييز القانونية بصفة خاصة لأنه لن يكون هناك قانون تحت المعدل العام».
وأوضح ان للإعلام دوراً كبيراً جداً في نشر الثقافة القانونية الصحيحة وتقع على عاتقه مسؤولية نشر الخبر القانوني الدقيق، وللأسف نجد بعض الأخبار والتعليقات غير الدقيقة التي تؤدي إلى تضليل الكثيرين.
معاناة المجتمع
أما المحامية عبير المطيري فقالت: «بالفعل هناك الكثيرون من الناس يجهلون القانون ويكون الدفع بالجهل أمر صحيح، وهذا أمر يعاني منه المجتمع الكويتي والعربي عموماً، موضحاً ان الحل ممكن بتعليم الطلبة على الدستور والمواد القانونية وحقوق الفرد في المجتمع».
وأضافت: «كذلك الإعلام له دور مهم في هذه المسألة وعلى الرغم من تركيزه في الفترة الأخيرة على هذا الدور، إلا ان العمل في هذا الأمر يبقى في حاجة إلى مزيد من الجهد والعطاء فالمسألة جداً مهمة».
وأكملت: «أيضاً لجمعية المحامين دور كبير في تثقيف المجتمع، والتي تبقى حتى الآن مقصرة في إقامة الندوات التوعوية التي من المفترض أن تكون في المدارس أو تدرس مسألة جنوح الأحداث».
وتابعت: «نعم لا يوجد اعتدال في الجهل بالقانون، والقاضي دائماً لا يأخذ بالجهل لأن القانون واضح والمشكلة هي تثقيف الإنسان لنفسه».
وأشارت الى تساؤلات من بعض القانونيين، وهي: هل الحكومة غير مهتمة بتثقيف المواطنين؟! لأن فائدتها قد تكون بجهل الناس حتى لا تكثر المطالبة بحقوقهم.
وزادت: لو نرجع الى مرجعنا، وهو الدستور، نجد ان من ابسط الامور واهمها الحقوق بين الرجل والمرأة التي لم نحصل عليها الا أخيرا، فصحيح ان الحكومة اقرتها، لكن المجلس وقف حجر عثرة امامها، ويبقى للحكومة دور في ذلك!
وبينت ان الجهل في القانون يكثر احيانا في قضايا الاحوال الشخصية، فالرجل غالبا ما يطلق زوجته ولا يضع امامه او لا يعرف القوانين التي تترتب على هذا الطلاق، فهناك نفقات متعددة لو يعلم بها الرجل لضعفت نسبة الطلاق.
وانتهت قائلة: يجب ان نعترف بان الثقافة القانونية لدى الاغلبية شبه منعدمة.
قيمة قانونية
من جانبه، رأى المحامي محمد العتيبي ان دفع المتهم بالجهل بالقانون او عدم العلم به له قيمة من الناحية القانونية.
واضاف: ان القاعدة القانونية توضح انه لا يعذر بالجهل بالقانون، حيث ان أي قانون تصدره الدولة، سواء كان ذلك من ضمن القوانين الجزائية او التجارية او المدنية، فانه وفقا لاحكام هذا القانون لا يعمل به الا بعد نشره في جريدة الكويت اليوم، وبطبيعة الحال فانه وبمجرد ان يتم اقراره من مجلس الامة فانه ينشر بالجريدة اليومية، كما ان هذا القانون الذي يدعي الشخص انه يجهل به، فانه يكون محل مناقشة من مجلس الامة، ويتم تداول هذه المناقشات في الصحف اليومية والاذاعة والتلفزيون.
وتابع: وبالتالي لا يتصور بعد كل هذه الضمانات ان يزعم شخص انه لم يكن يعلم بصدور قانون ينظم علاقة معينة، او يحظر تصرفا معينا، وهذا الذي حدا القواعد العامة للقانون الى ان تحظر على الشخص ان يدفع مثل هذا الدفع.
واشار الى ان هناك في بعض التشريعات مثل التشريع اللبناني فانه يجوز للاجانب في احوال معينة ان يدفع بالجهل بالقانون حسب الاحوال التي ينظمها هذا التشريع، وهي حالة استثنائية وقاصرة على الاجانب، إلا ان التشريع الكويتي والتشريع المصري لا يوجد فيهما مثل هذا المبدأ.
واكمل: اما عن دور جمعية المحامين او القضاء فان التشريع هو من ضمن المهام التي يقتصر اصدارها والتأكد من تطبيقها على الدولة، وبالتالي هي المسؤولة عن اخبار العامة بصدور مثل هذه القوانين حتى تطبيقها، ولا يتصور ان يكون للقضاء الواقع الممثل بالمحامين وجمعية المحامين ولا القضاء الجالس المتمثل برجال القضاء والمستشارين دور في ذلك، اذ ان هذا الدور قاصر على الدولة بنشرها هذه القوانين في الجريدة الرسمية او عن طريق التنبيه بصدور قانون معين بوسائل الاعلام.
اقتراح حكومي
اتفق جميع القانونيين على ضرورة الدفع باقتراح من قبل الحكومة ويكون مستعجلا ينص على وضع مادة قانونية في المناهج الدراسية حتى لا يقع احد في ثنايا القانون، مشيرين الى ان هذه المطالبات طرحت منذ فترة ولم تر النور، ومن الضروري تطبيقها حاليا وعدم الانتظار حتى لا تتفاقم المشكلة.
جميع القضايا
أكد المحامون ان الجهل بالقانون لا يقتصر على قضايا معينة، فهو يشمل قضايا الأحوال الشخصية والمدنية والتجارية والجزائية، لكن اغلبها يقع في قضايا الجنايات وفيمن يتورطون بتهمة التعاطي، والضرب والسب علنا، مشيرين الى ان الادلاء بجهل القانون يهدف أحيانا الى تعطيل القانون وعدم إعماله.
العقاب
يبقى القانون يطبق على جميع الأفراد سواء علموا أو لم يعلموا بعقابه، كما أن الواضح لا يجوز التذرع بجهل القانون، بالإضافة الى ان قرينة التذرع بجهل القانون مستمدة من علم المواطنين بنص القانون.

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور