الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

جريدة القبس - الاثنين, 5 مايو, 2008 - 28 ربيع الثاني 1429- رقم العدد: 12547

أتعاب المحاماة .. بين مغالاة الدفاع وحكم القضاء

إعداد: ميلاد سامي
التقاضي أمام المحاكم يحتاج إلى ان يحضر عن الشخص المتقاضي محام متخصص يدافع عنه، ولكي يحضر المحامي للدفاع عن أي شخص لابد له من تقاضي أتعاب، ومن ثم يقوم المحامي وموكله بابرام عقد يحدد بموجبه أتعاب المحاماة التي يمنحها الموكل للمحامي مقابل مباشرة مهمة الدفاع عنه.
ولكن هناك كثيرا من المشكلات والاستفسارات في هذا الموضوع، خاصة عندما نسمع ان أحد المحامين رفع الدعوى ضد موكله مطالباً بأتعابه المحددة بعقد الأتعاب ويبين ان المحكمة بحكمها قد انقصت منها، وايضاً هل يجوز للمتقاضي ان يطالب بالأتعاب الفعلية التي تكبدها حتى يدافع عن نفسه في دعوى رفعت ضده وكان رافعها ليس لديه الحق في رفعها وانما كانت دون اساس ودليل؟
وما التزامات الحل من المحامي والموكل؟ وماذا يقصد بالأتعاب الكلية؟ وهل المحامي كصاحب مهنة يختلف عن الطبيب والمهندس والمحاسب.
هذه الاستفسارات دفعتنا إلى التوجه إلى المختصين في القانون للاجابةعنها وفيما يلي التفاصيل:
المحامي عادل قربان يزيل الالتباس : عقد الأتعاب شيء ومصروفات القضية شيء آخر
يميز المحامي عادل قربان بين عقد الأتعاب الذي يبرمه المحامي مع موكله مقابل الترافع عنه وبين الاتعاب الفعلية التي تقضي بها المحكمة.
ويقول قربان في لقاء مع «القبس» إن المادة119 مكرر من قانون المرافعات اقرت بان «تقدر المحكمة أتعاب المحاماة بناءً على طلب المحكوم له» وهو ما يعني ان المصروفات تكون على خاسر الدعوى.
وفيما يلي تفاصيل اللقاء مع المحامي عادل قربان:
• عقد الأتعاب الذي يبرمه المحامي مع موكله لتقدير أتعابه مقابل الترافع والدفاع عن الأخير يختلف عن الأتعاب الفعلية التي تقضي بها المحكمة وان كانت تختلف، فما أوجه الاختلاف بينهما وماذا يقصد بكل منهما قانونا؟
ــ عقد الأتعاب الذي يبرمه المحامي مع موكله هو عقد بموجبه يتولى المحامي الدفاع والترافع عن الموكل مقابل مبلغ مالي محدد في العقد، اما الأتعاب الفعلية فهي مقررة بنص المادة 119 مكرر من قانون المرافعات والتي أقرت بأن «تقدر المحكمة أتعاب المحاماة بناء على طلب المحكوم له في حدود طلباته وفي ضوء الأتعاب الفعلية التي تحملها وبمراعاة موضوع الدعوى ودرجة التقاضي المنظورة أمامها»
ولكن عند الحديث عن الأتعاب الفعلية:
- في البداية هناك شرط مفترض بموجب نص المادة 119 من قانون المرافعات ان يكون قد قُضي بطلباته أي ان المصروفات على خاسر الدعوى.
فمثلاً المدعي في دعوى معينة اذا قضي له بطلباته وكان قد عقد اتفاقا مع محامي للترافع عنه وأخذ يطالب بالأتعاب الفعلية فهو يطالب المدعى عليه ويقدم ما يفيد المصروفات والأتعاب التي تكبدها وهو بصدد هذه الدعوى، فيقدم للمحكمة عقد الاتفاق الذي ابرمه مع المحامي، وفي هذه الحالة يطالب المدعي المحكمة بان تلزم المدعى عليه بأن يدفع للمدعي ما تكبده من مصروفات.
سلطة تقدير
• هل عقد الأتعاب الذي يبرم بين المحامي وموكله والذي تحدد بموجبه أتعاب الأول ملزم لطرفيه أم انه يمكن تعديله من قبل أحدهما أو من قبل المحكمة؟ وما حدود سلطة المحكمة في ذلك؟
ــ نص القانون رقم 40 ــ 1964 في شأن تنظيم مهنة المحاماة أمام المحاكم في المادة 32 منه على ان يتقاضى المحامي أتعابا من موكله بحسب الاتفاق المكتوب بينهما، ويجوز للمحكمة التي نظرت القضية ان تنقص بناء على طلب الموكل الأتعاب المتفق عليها، اذا رأت انها مبالغ فيها بالنسبة لما تتطلبه القضية من جهد ولما عاد على الموكل من نفع، وبموجب هذه المادة في قانون المحاماة، فإنه يجوز للمحكمة ان تتدخل وتنقص الأتعاب المتفق عليها.
ولما صدر قانون خاص لاحق في شأن تنظيم هذه المهنة برقم 62 ــ 1996 استبدل بنص المادة 32 سالفة الذكر مادة اخرى اقتصر على النص فيها على «ان يتقاضى المحامي أتعابا وفقا للعقد المحرر بينه وبين موكله..» واستبعد ما نص عليه في القانون السابق، وبشأن تفسير تلك المادة فقد رأت محكمة التمييز ان للمحكمة سلطة في تقدير أتعاب المحامي وفقا للنص المعدل من قانون المحاماة.
وكالة المحامي
• هل المحامي وكيل تنطبق عليه أحكام الوكالة في القانون المدني أم انه وكيل له طبيعة خاصة فيما يقوم به من عمل لمصلحة الغير ومن ثم لا تنطبق عليه تلك الاحكام..؟
ــ وكالة المحامي لا تعدو ان تكون نوعا من الوكالة تخضع في انعقادها وسائر أحكامها للقواعد العامة المتعلقة بعقد الوكالة في القانون المدني فيما عدا ما يتضمنه القانون رقم 42 ــ 1964 في شأن تنظيم مهنة المحاماة أمام المحاكم وتعديلاته من أحكام خاصة بتلك الوكالة، واذ لم ينظم القانون الأخير طرق انقضاء عقد وكالة المحامي فإنه ينقضي بالأسباب نفسها التي ينقضي بها عقد الوكالة المنصوص عليها في القانون المدني، ولما كان مؤدى نص المادتين 717 ــ 718 من القانون المذكور وما ورد بمذكرته الايضاحية ان الوكالة عقد غير لازم فللموكل ان يعزل الوكيل في أي وقت قبل اتمام العمل محل الوكالة فتنتهي الوكالة بعزله سواء كانت الوكالة بأجر أو بغير أجر، فاذا كانت الوكالة بأجر فإن الوكيل تكون له مصلحة في الأجر ولذلك أوجب القانون في هذه الحالة ان يكون عزل الوكيل لعذر مقبول وفي وقت مناسب والا التزم الموكل بتعويض الوكيل عما يلحقه من ضرر من جراء عزله.
فروق في المهنة
• الطبيب والمهندس وغيرهما من أصحاب المهن يمكنهم تحديد أتعابهم دون ان يكون لأحد سلطة في تقييم هذه الأتعاب والتقليل منها، وبرغم ان المحامي صاحب مهنة أيضاً، فإنه يجوز قانوناً تخفيض أتعابه المتفق عليها مع موكله.. فما رأيكم في ذلك؟
ــ علاقة الطبيب والمريض وكذلك علاقة المهندس بالعميل تختلف عن علاقة المحامي بالموكل، فكما سبق القول إن العلاقة بين المحامي والموكل تكون بموجب أحكام الوكالة وهذه الأحكام ونصوص قانون المحاماة هي التي تحكم هذه العلاقة وهي التي تقرر انه من الممكن التقليل من أتعاب المحاماة اما علاقة المهندس بالعميل فيحكمها العقد العادي بالقواعد العامة وان كليهما مطالب ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجة.
حادثة
• من خلال مطالعتنا الصحف اليومية وما تنشره من أحكام لاحظنا أخيراً نشر حكم قضي بحبس أحد المحامين لانه استوقع موكلته ــ ودون علم منها كما ورد بالحكم ــ على كمبيالة قدمها ضدها بقيمتها فما كان منها الا ان طعنت عليها وأثبتت للمحكمة ادعاءها فانتهت المحكمة إلى حبسه اسبوعا ومائتي دينار لوقف التنفيذ، ولكن السؤال ما الذي يدفع محاميا إلى ارتكاب ذلك الفعل ان كان يضمن أتعابه بموجب عقد مع موكلته أو موكله، خاصة انه رجل قانون، ويعلم جيداً نتيجة وآثار تصرفه غير القانوني، فما تعليقكم على ذلك من خلال عملكم لمهمة المحاماة؟
ــ مهنة المحاماة من المهن السامية الراقية وهي قبل ان تكون مهنة فهي رسالة لاحقاق الحق ونصرته وإقامة المظلوم من عثرته والواقعة التي ذكرتموها ما هي الا اخلال بميثاق شرف المهنة وبغض النظر عن ضمان الأتعاب فهذا الفعل مجرم قانونا بصرف النظر عن كون الفاعل عالما بالقانون، ولا ارتباط بين هذه الجريمة وما بين ضمان ان يتلقى المحامي حقوقه.
توقيع المحامين لموكليهم على كمبيالات إخلال بميثاق شرف المهنة
الطبيب والمهندس يختلفان عن المحامي لأنهما مطالبان ببذل عناية وليس تحقيق نتيجة
بطرس : للقاضي أن ينقص أتعاب المحامي
يرى المستشار عادل بطرس ان المحامي هو صاحب المهنة الوحيد الذي لا يستقل في تحديد أتعابه، فالمهندس يستطيع ان يحدد أتعابه كيفما شاء بلا معقب، والمحاسب يستطيع ان يحدد أتعابه كيفما يشاء والطبيب وهكذا، ولكن المحامي اذا حدد أتعابه فإن للقاضي لانقاص هذه الأتعاب، ولقد كان هذا مثار شكوى متكررة من المحامين، لانه أولاً يتجاهل قاعدة ان العقد شريعة المتعاقدين، مما يقتضي احترام الاتفاق الذي يتم بين المحامي وموكله، ومن ناحية اخرى، لا يعطيهم الحق في تقاضي الأتعاب التي يرون انها تقابل جهدهم، ولهذا عدل القانون وحذفت الفقرة التي كانت تعطي القاضي سلطة انقاص أتعاب المحامي، فعادت إلى القاعدة الأصولية وهي ان العقد شريعة المتعاقدين وصدرت عدة أحكام من القضاء بهذا المعنى ولكن القضاء اتجه أخيرا إلى فكرة اخرى وهي تطبيق المادة 711 من القانون المدني على أتعاب المحامي، فقد اعتبر ان المحامي مجرد وكيل لصاحب القضية ولان المادة 711 تعطي القاضي الحق في انقاص الأجر المتفق عليه بين الموكل والوكيل، فمن هنا يجوز للقاضي انقاص أتعاب المحامي.
ويقول بطرس: ومع تقديرنا الكامل لهذا القضاء وثقتنا غير المحدودة بقضائنا العادل فان ليّ رأيا آخر في هذا الموضوع وهو ان المادة 711 من القانون المدني لا انطباق لها على أتعاب المحامي، لان هذه المادة تعالج أتعاب الوكيل العادي ولا تعالج أتعاب المحامي الذي يمتهن هذه المهنة ويتكسب منها، ولهذا استعمل نص المادة 711 بعبارة الأصل في الوكالة انها بغير أجر فهل يعقل ان يفتح المحامي مكتبه تبرعاً بغير أجر؟، ومن اين يسدد التزاماته؟ ثم ان هناك من اعمال المحاماة ما لا يقتضي توكيلاً أساساً كأعمال الاستشارات وصياغة العقود، فكيف انتقص أجره عنها مع انها لا تستلزم توكيلاً لادائها؟.

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور