الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

جريدة القبس - الثلاثاء, 26 فبراير, 2008 - 18 صفر 1429- رقم العدد: 12478

تقرير إخباري : لا يجوز رفعها دون الاستماع إلى ردود النائب في «التشريعية»
الحصانة البرلمانية مقيدة بقرار أغلبية أعضاء مجلس الأمة

كتب محمد سندان:
ثار جدل في الأوساط الشعبية خلال المرحلة الماضية عن معنى الحصانة البرلمانية على خلفية مطالبة بعض النواب برفع الحصانة عن النائبين عدنان عبدالصمد وأحمد لاري كرد فعل على مشاركتهما في تأبين المسؤول العسكري في حزب الله عماد مغنية.
ويمكن خلال هذا التقرير الإخباري تسليط الضوء على معنى الحصانة البرلمانية في الدستور والقانون لتكوين فكرة واضحة لدى القارئ عما تعنيه وأين يمكن تداولها.
ويظهر في معظم الدراسات الدستورية والقانونية ان الحصانة نوعان هما الحصانة الموضوعية والحصانة الإجرائية. حيث تعني الأولى عدم مسؤولية أعضاء البرلمان عن الأقوال أو الأفكار والآراء التي تصدر منهم أثناء ممارستهم لوظائفهم النيابية. أما الأخرى فتعني عدم جواز اتخاذ أي إجراءات جنائية ضد أي من أعضاء البرلمان في غير حالة التلبس بالجريمة إلا بعد إذن المجلس التابع له ولهذا يطلق عليها الحصانة ضد الإجراءات الجنائية.
وترى دراسة قانونية أعدتها إدارة الدراسات والبحوث في مجلس الأمة أن الحصانة البرلمانية سواء أكانت موضوعية تمثل استثناء من القانون العام اقتضته ضرورة جعل السلطة التشريعية بمنأى عن اعتداءات السلطات الأخرى، وهي إن كانت في الظاهر تخل بمبدأ المساواة بين الأفراد فإن عدم المساواة هنا لم يقرر لمصلحة النائب بل لمصلحة سلطة الأمة، ولحفظ كيان التمثيل النيابي وصيانة ضد أي اعتداء لكن ذلك لا يعني ان يصبح أعضاء البرلمان بهذه الحصانة فوق القانون لا حسيب عليهم ولا رقيب فالحصانة ليست مطلقة من كل قيد أو حد، فهي عندما تقررت إنما كان ذلك لهدف محدد وواضح لا يجوز تجاوزه أو الخروج عليه وإلا تعرض عضو البرلمان للمسؤولية كاملة.
وتقول الدراسة إن الحصانة ضد المسؤولية البرلمانية لا تشمل أقوال العضو داخل البرلمان فقط بل تشمل أقواله داخل اللجان وتقاريره التي يكتبها. وكذلك أقواله التي يبديها خارج المجلس بمناسبة قيامه بعمل برلماني وهي ضمانة حقيقية تهدف إلى منح عضو البرلمان الثقة التي تمكنه من أن يقول كل ما من شأنه إثراء العمل البرلماني وإعلاء الفكر الديموقراطي. ولو اننا حاسبناه على جرائم السب والقذف وجعلناه يوماً يمثل أمام محكمة الجنح وفي اليوم التالي أمام محكمة الجنايات فإنه لن يستطيع القيام بواجبات وظيفته على الوجه الأكمل.
وترى الدراسة ان الحصانة «امتياز دستوري مقرر لأعضاء البرلمان بصفاتهم لا بأشخاصهم سواء كانوا منتخبين أم معينين يتيح لهم أثناء قيامهم بواجباتهم البرلمانية حرية الرأي والتعبير دون أي مسؤولية جنائية أو مدنية تترتب على ذلك». وتعتبر الدراسة ان الحصانة من اهم الضمانات التي كفلتها الدساتير لاعضاء البرلمان وايضا عدم جواز اتخاذ اي اجراء جنائي ضد أي منهم في غير حالة التلبس بالجريمة الا باذن مسبق من المجلس النيابي الذي يتبعه، وكما هو واضح ليس الهدف من هذه الحصانة حماية الاعضاء من نتائج الجرائم التي يرتكبونها بل اخذ موافقة المجلس على اتخاذ الاجراءات القانونية قبل الشروع فيها، فهذه الحصانة تستهدف افساح المجال امام العضو حتى يؤدي وظيفته النيابية من دون خوف او وجل، فالقبض على العضو قد يحول بينه وبين المشاركة في احدى جلسات المجلس المهمة.
وربما يثور تساؤل عما اذا كان اقرار مثل هذه الحصانة دستوريا يعني ان الاعمال او الافعال التي يقترفها عضو البرلمان والتي يحظرها قانون العقوبات تصبح اعمالا او افعالا مشروعة؟
نعم اذا ارتكب العضو داخل المجلس او داخل احدى لجانه جريمة من الجرائم التي تقع بالقول كجرائم السب والقذف بصفة خاصة، فهذه الجرائم تنحسر عنها صفة عدم المشروعية ليصبح الفعل مشروعا بينما هو في قانون العقوبات فعل غير مشروع.
وحسب اللائحة الداخلية لمجلس الامة فان اجراءات طلب رفع الحصانة تمر اولا بخطاب من وزير العدل وممن يريد رفع دعوى مباشرة ضد العضو امام المحاكم الجنائية، وترفق بالطلب اوراق القضية المطلوب اتخاذ اجراءات فيها، وخصوصاً عريضة الدعوى المزمع رفعها مع المستندات المؤيدة لها على ان يحال الطلب الى اللجنة المختصة (التشريعية والقانونية)، ثم على المجلس ان يعرف اسباب طلب رفع الحصانة، ويجب تمكين العضو المطلوب رفع الحصانة عنه من الادلاء بأقواله امام اللجنة، ولهذا نصت المادة 111 من الدستور على انه «لا يجوز اثناء دورة الانعقاد في غير حالة الجرم المشهود ان تتخذ نحو العضو اجراءات التحقيق او التفتيش او القبض او الحبس او اي اجراء جزائي اخر الا باذن المجلس، ويتعين اخطار المجلس بما قد يتخذ من اجراءات جنائية اثناء انعقاده على النحو السابق، كما يجب اخطاره دوما في اول اجتماع له بأي اجراء يتخذ في غيبته ضد اي عضو من اعضائه، وفي جميع الاحوال اذا لم يصدر المجلس قراره في طلب الاذن خلال شهر من تاريخ وصوله اليه اعتبر ذلك بمثابة اذن».

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور