الملف الصحفي


أستعراض تاريخيا / الثلاثاء 30 أبريل 2024

جريدة الجريدة - الثلاثاء 21 شوال 1445هـ - 30 أبريل 2024

بوابة «التشريعية» المغلقة أمام القوانين هل يعود فتحها من «مؤقتة 75»؟
مجلس 75 أنشأ لجنة ثانية لنظر الاقتراحات ولم يطبق «الإعدام الأبدي» كما حدث في 2022

عندما واجه مجلس أمة 1975 مشكلة في تزاحم الاقتراحات بقوانين على طاولة لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية، والتي لم تقارن بأي حال بأعدادها في الفصول التشريعية الأخيرة، لم يعاقب اللجنة آنذاك بـ «الحرمان الأبدي» مثلما فعل مجلس أمة 2022، بل استحدث لجنة مؤقتة بالاسم ذاته، انطلاقاً من إيمانه بدورها في نظر الاقتراحات من الناحية الدستورية والقانونية، قبل أن تناقشها اللجان الأصلية من الناحية الفنية، وأهميتها في توفير الجودة التشريعية والدستورية.
وبحسب المراقبين فإنه منذ تعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة في 2022، بإحالة الاقتراحات بقوانين إلى اللجان المختصة مباشرة دون مرورها على اللجنة التشريعية والقانونية، بدأ الضعف في جودة التقارير المدرجة على جدول الأعمال منذ ذلك التاريخ، لعدم بحثها بالشكل الكافي من الناحية الدستورية والقانونية، الأمر الذي زاد من كثرة الأخطاء في موادها، وما استدعاه من استدراكات عليها في الجريدة الرسمية بعد إقرارها بالمداولتين في مجلس الأمة.
«تشريعية» مؤقتة
وما يعكس أهمية اللجنة التشريعية ودورها في بحث الاقتراحات بقوانين المقدمة من النواب، هو إصرار مجلس 1975 على استحداث لجنة مؤقتة، تشكلت بناء على قرار المجلس بجلسة 18 فبراير 1975، لتتقاسم العمل مع اللجنة التشريعية الدائمة في النظر إلى اقتراحات القوانين التي تبلغ نحو 200 قانون آنذاك، رغبة في إنجازها تحت رقابة مجلس الأمة وبعيداً عن مراسيم القوانين، بناء على اقتراح قدمه 8 أعضاء آنذاك وهم: جاسم الصقر، ناصر العصيمي، راشد الفرحان، خالد خلف، جاسم القطامي، جاسم القطان، محمد حبيب، سعد طامي.
وشكل المجلس أعضاء اللجنة من 7 أعضاء وهم: جاسم القطامي، خالد خلف، جاسم الصقر، بدر الجبري، إسماعيل دشتي، عبدالله الوزان، جاسم الخرافي.
مجلس 1975 عندما وجد زحمة اقتراحات باللجنة التشريعية استحدث أخرى مؤقتة للإسراع في الإنجاز
وقال الخبير الدستوري عثمان خليل عثمان آنذاك: إن «اللجنة التشريعية المؤقتة شكلت وفق المادة 44 من اللائحة الداخلية في حين شكلت اللجنة التشريعية الدائمة وفق المادة 43 من اللائحة»، واقترح الخبير الدستوري لحسم اختصاص اللجنتين إحالة القوانين السابقة منذ مجلس 1963 والتي تقدر بنحو 200 بقانون إلى اللجنة المؤقتة في حين تنظر اللجنة الدائمة القوانين الجديدة التي تقدم في المجلس، وهو الأمر الذي لاقى رفض مقدمي الاقتراح من الأعضاء خلال الجلسة.
في وقت، قال أحد مقدمي الاقتراح النائب آنذاك جاسم القطامي كما هو مسجل بمضبطة تلك الجلسة، إن القصد من الاقتراح هو إنجاز القوانين عبر توزيعها بين اللجنة الدائمة والمؤقتة، مبيناً أنه «بادرت بهذا الاقتراح لأنني أردت أن ننجز هذه القوانين التي أصبح تأخرها ذريعة لأن تصدر تشريعات بمراسيم، فالتشريعات بقوانين يجب أن تكون تحت سيطرة مجلس الأمة، وتكون رقابة المجلس على كل ما يصدر من تشريعات، وأن يتم اقتسام القوانين فيما بين اللجنتين».
وصدر عن اللجنة المؤقتة آنذاك قانونان، الأول «قانون العقوبات»، والثاني «قانون التأمينات الاجتماعية»، ولم يتسنَ للجنة استكمال أعمالها، وذلك نتيجة حل المجلس.
منذ تعديل اللائحة في مجلس 2022 بإحالة الاقتراحات بقوانين للجان المختصة مباشرة دون مرورها على «التشريعية» بدأ الضعف في جودة التقارير المحالة من اللجان
وقال النائب السابق جاسم حمد الصقر (رحمه الله)، الذي كان عضواً في مجلس 1975 في مقابلة تلفزيونية وقتها، وهو الحاصل على ليسانس حقوق من جامعة بغداد عام 1943: «إنه في الفصل التشريعي الثالث كان هناك كم هائل من التشريعات التي لم يبت فيها، وإعمالاً لللائحة الداخلية (المادة 44) تم اقتراح لجنة تشريعية مؤقتة في الفصل التشريعي الرابع، مرافقة للجنة التشريعية الأساسية (الدائمة)، لتخفف من عبء اللجنة الأساسية، وكنت أحد أعضاء اللجنة وتفضلت اللجنة بانتخابي رئيساً لها، واللجنة عملت طوال عمر المجلس حتى حله، وكان نشاطها جيداً جداً وكانت تتميز بإنجاز تشريعي على جانب من الأهمية، وهو تعديل قانون العقوبات وقانون التأمينات الاجتماعية».
وعن أعمال اللجنة التشريعية المؤقتة آنذاك، فقد أعدت اللجنة 14 تقريراً خلال عملها في الفصل التشريعي الرابع، ففي دور الانعقاد الأول أحيل إليها 13 مشروعاً بقانون إضافة إلى عدد من الاقتراحات، وعقدت 22 اجتماعاً وأنجزت 11 موضوعاً، وقدمت للمجلس 7 تقارير، في حين عقد في دور الانعقاد الثاني 31 اجتماعاً وأنجزت قانون العقوبات ومشروع قانون التأمينات الاجتماعية، بالإضافة الى عدد من الاقتراحات بمشروعات قوانين وعدد من الاقتراحات مرتبطة بمشاريع القوانين، وقدمت للمجلس في دور الانعقاد الثاني 5 تقارير.
الإحالة إلى «المختصة» مباشرة
وعودة إلى القانون الذي أقره مجلس أمة 2022 بتعديل اللائحة الداخلية، والذي كان على وشك الرد، حيث تأخر كثيراً منذ إقراره حتى تم نشره رسمياً بالجريدة الرسمية، فقد أنجزه المجلس في المداولتين في جلسة 1 نوفمبر 2022، بتعديل نص المادتين 97 و98 من اللائحة حسبما ذكر الاقتراح بهدف تسريع وتيرة الإنجاز في اللجنة، بإحالة رئيس المجلس الاقتراحات إلى اللجان المختصة مباشرة بدلاً من مرورها على بوابة اللجنة التشريعية.
وقد كان محركه بحسب ما ورد في المذكرة الإيضاحية للاقتراح أن «أبزر المتغيرات التي طرأت على العمل البرلماني هي الزيادة في عدد الاقتراحات والتي بلغت 843 في الفصل التشريعي السادس عشر، وما ترتب على ذلك من عجز اللجنة التشريعية عن إبداء رأيها وأدى إلى تعطيل هذه المقترحات وتأخر إحالتها إلى اللجان المختصة».
الخبير الدستوري عثمان خليل عثمان أكد أن تشكيل «التشريعية» المؤقتة جاء وفق المادة 44 من اللائحة
وأضافت المذكرة، أن هذا الإجراء كان مفهوماً في بداية العهد الدستوري في البلاد عندما كانت تفتقد للخبرات الدستورية والقانونية، لكن بعد مرور ستة عقود على العمل بالدستور أصبح لدى الكثير من الأعضاء الملكة الدستورية والقانونية الكافية لصياغة المقترحات بقوانين.
جانب من أول جلسة لمجلس 1975 وكان هناك رأي مخالف لما ورد في المذكرة الايضاحية للاقتراح، وهو رأي المكتب الفني للجنة التشريعية والذي ورد في تقرير التشريعية، إذ بين المكتب الفني «أن المقترح لم يقم على أسس أو أسانيد كافية تبرر إلغاء الاختصاص الشامل للجنة في الرقابة الأولية لدستورية كل الاقتراحات بقوانين المقدمة من الاعضاء ودراسة وتمحيص الموضوعات وإبداء الرأي في الفكرة ووضعها عند الاقتضاء في الصيغة القانونية السليمة، ومنها نزع صلاحيات اللجنة في مراجعة الاقتراحات قبل احالتها الى اللجان المختصة، وان التغيرات التي يسوقها الاقتراح لإدخال تعديل على اللائحة الداخلية لزيادة عدد الاقتراحات وعجز اللجنة أنه امر مردود عليه وبامكان الاعضاء اللجوء الى المادة 55 من اللائحة في حال تعطل الاقتراحات او تأخرها في اللجان سواء بمنح اجل جديد للجنة، أو أن يحال الموضوع الى لجنة اخرى، او البت مباشرة في الموضوع دون تقرير صادر من اللجنة».
الموقف الحكومي
وبحسب المراقبين، كان مستغرباً موقف الحكومة من الموافقة على القانون في مجلس 2022، خصوصاً أن اللجنة تعد بوابة أولى لفلترة الاقتراحات المقدمة من النواب لا سيما غير الدستورية منها، وأصبحت تحال مباشرة إلى اللجان، وما ترتب على ذلك من خروج اقتراحات غير دستورية وبصياغة ركيكة تسببت في ردها وتعطلها وعودتها إلى المربع الأول، في حين أن اللائحة الداخلية منحت مرونة في التعامل مع أي تعطيل قد يواجه اللجنة التشريعية عبر المادة 55 من اللائحة الداخلية.
الراحل جاسم الصقر أحد مقدمي اقتراح تشكيل مؤقتة التشريعية أكد أنها كانت مرافقة للدائمة لتخفيف العبء عنها
وبالنظر إلى السابقة البرلمانية التي حدثت في مجلس 1975 بالإمكان الاستعاضة في بعض أدوار الانعقاد بإنشاء لجنة تشريعية مؤقتة تكون مساندة للجنة الدائمة دون التنازل عن اختصاصاتها التشريعية الأصلية، بحيث تكون مهمتها نظر الاقتراحات بقوانين المقدمة من النواب من الناحيتين الدستورية والقانونية قبل إحالتها إلى اللجان المختصة مباشرة.

دستور دولة الكويت الصادر في 11 / 11 /1962
القانون وفقاً لآخر تعديل - قانون رقم (12) لسنة 1963 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة

الصفحة (1) من اجمالى(1)

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور