الملف الصحفي


أستعراض تاريخيا / الأربعاء 02 سبتمبر 2020

جريدة القبس  14 المحرم 1442هـ - 02 سبتمبر 2020م

العبث النيابي بالحق الدستوري

أمران في عالم الحياة النيابية عندنا متناقضان متباعدان، الاول الممارسة الدستورية الحقة التي كفلها الدستور لأي نائب سواء بالرقابة على أجهزة الدولة المختلفة الإدارية أو المالية، وأما الآخر فهو الاستخدام غير الدستوري لهذا الحق، وهو ما يمكن أن نطلق عليه «العبث» الدستوري البعيد عن كل مفاهيم الحق الدستوري ومذكرته التفسيرية، وهو المشهد الذي صار طاغيا اليوم على الأداء النيابي، خاصة في «استنساخ» الاستجوابات التي تتوالد علينا كأننا في مزاد نشط على بضاعة مزادات زبائنه نواب يدفع كل واحد منهم بالأعلى للفوز ببضاعة هذا الاستجواب او ذاك، وكأن كل نائب يقول للآخر أنا قبلك بالاستجواب والتالي ما يلحق. ولعل السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل إنسان هو ما سر هذا السباق في تقديم هذه الاستجوابات، وفي هذا الوقت القصير من عمر هذا المجلس؟ والجواب بالطبع لا يحتاج إلى تفكير ولا تحليل ولا حتى تردد بالقول من أن السر يكمن في ان الانتخابات على الابواب، وان التفكير في تسجيل مواقف بطولية زائفة في نظر زبائن المزادات لا تتحقق إلا بالمزيد من الاستجوابات للوزراء وحتى الى رئيس الحكومة باعتبار أن مثل هذا التوجه يضمن الصوت الانتخابي لصاحبه مع ان الامر غير ذلك تماما، لان الناخب يدرك جيدا الدوافع الحقيقية من ورائها ولا تنطلي عليه هذه الممارسات التي هو ايضا، اي الناخب، كرهها وصارت تثير اشمئزازا حتى بالديموقراطية التي يريدها ويحرص على وجودها ويؤكد عليها ايضا اكثر من وزير واجه اكثر من استجواب، وفي فترة زمنية قياسية غير مسبوقة، بعضهم جاء الفشل بطرح الثقة والبعض الآخر استجواب والسلام عليكم. ومع تكرار الاستجوابات لذات الوزراء كأن هناك تصفية حسابات لا رقابة على أداء الوزير، خاصة ان الاستجوابات اللاحقة لذات الوزير تأتي من نفس النائب الذي فشل في المرة الاولى او من احد نواب طرح الثقة، وكأن الامر ليس محاسبة على الاداء بل إزالة الوزير و- بس- وحين يجدون أنفسهم غير قادرين على ذلك، يَرَوْن ان لا احد امامهم سوى رئيس الوزراء، وفي محاور سبق طرحها على الوزير في استجواب سابق فاشل، كل هذا ماذا نسميه؟ «عبث» مقصود بالحق الدستوري الذي اضاع بوصلته نواب ابتليت بهم قاعة عبدالله السالم، وكانوا عبئا ثقيلا على الحياة النيابية عندنا وهماً على صدورنا كناخبين. نريد مجلسا في مستوى طموحاتنا، لا مجلس لا نرى من ورائه سوى استجوابات وازمات وادعاءات بكشف اسرار وحقائق وبعد كلام «فالصو» يشوه وجه الديموقراطية التي حشروا في استجواباتها حتى الزوجات، وللاسف من دون أي حياء، وهن في بيوتهن، «عيب» فأي مفهوم لدور النائب والاستجواب يعرفه هؤلاء وأي مجلس هذا الذي نراه امامنا ونحن ابرياء من معظم من فيه براءة الذئب من دم يوسف. عشنا الكثير من استجوابات المجالس السابقة التي كان فيها نواب يملأون المكان وكنا سعداء بالمحاور والطرح بالمناقشة والاحترام المتبادل بين المستجوب والوزير، ولم نكن نرى حتى زلة لسان من المستجوب الى الوزير لان الغاية يومها كانت الاصلاح واستقامة الاعوجاج، اما اليوم فإن الغاية هي شخص الوزير وإزالته والشعور بدور البطولة، وكلها لا تقود مثل هذا النائب سوى الى السقوط بالانتخابات القادمة بعون الله حتى ترتاح نفوسنا منهم وعيوننا من رؤيتهم، قولوا: آمين. نغزة لا اعرف وزير الداخلية الأخ انس الصالح ورؤيتي له بالاعراس والعزاء قبل كورونا مع كل التقدير والاعتزاز الاخوي له، لكنني اعرف انه حصل على ثقة نيابية مطلقة في محاولة طرح الثقة وكان المفترض اغلاق هذا الباب بثقة الاغلبية، لكن العودة الى استجواب جديد لذات الوزير وبعد الثقة المطلقة تفسيره تأكيد على العبث بالحق الدستوري، بصراحة الله يصبرنا عليكم حتى يوم الاختبار بالصندوق ومبروك للوزير بالثقة الاولى وحتى العاشرة اذا ارادوا.. طال عمرك.
 

دستور دولة الكويت الصادر في 11 / 11 /1962
اللائحة وفقا لاخر تعديل - قانون رقم (12) لسنة 1963 في شأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة
 

الصفحة (1) من اجمالى(1)

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور