الملف الصحفي


أستعراض تاريخيا / الخميس 27 أغسطس 2020

جريدة الراي - الخميس 8 محرم 1442هـ - 27 أغسطس 2020م

دستورياً... رواتب الموظفين مُحصّنة من المساس
آراء قانونية أكدت أنّ الاقتراب منها يتطلّب تعديلاً تشريعياً لا قرارات إدارية
إبراهيم الحمود:للرواتب مركز قانوني ولا يجوز تعديلها إلّا بتشريع من المجلس
- الأمر ينطبق على البدلات التي تأخذ شكل الراتب ولا يجوز المساس بها إلّا بقوانين
- المعاش التقاعدي ليس منّة... فالمشرّع عوّض الموظف به عن استهلاك صحته أثناء الخدمة
خالد الحربي:للرواتب طبيعة خاصة ولا يمكن المساس بها إلا بالطريق التشريعي
- تأكيداً على حرمة الراتب أحاطه المشرع بضمانات لا تجيز للإدارة الحجز أو الخصم منه

أثارت موجة الاستجوابات الأخيرة لوزير المالية، ردود أفعال وحديثاً مجتمعياً، بشأن ما أثير فيها عن نية وزارة المالية المساس برواتب الموظفين، عن طريق ما يسمى بالوثيقة الاقتصادية، ولكون الرواتب في الكويت تخضع لقواعد قانونية متعدّدة.
«الراي» فتحت ملف الرواتب ومدى إمكانية المساس بها، واستطلعت آراء أساتذة القانون المالي والإداري بجامعة الكويت، فأجمعوا على عدم جواز المساس بها على أساس القرارات الإدارية، وإنما يتطلب الأمر تعديلاً تشريعاً، كما أن بعض تلك البدلات والدعوم التأمينية تخضع لمبادئ دستورية لا يجوز المساس بها بأي حال من الأحوال.
رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق في جامعة الكويت الدكتور إبراهيم الحمود، قال ان «الرواتب دائماً ما تكون ملحقة بقوانين مثل قانون الخدمة المدنية، وأي قانون وظيفي آخر والذي يتضمن جدولاً ملحقاً للرواتب، وهو في كل الأحوال يكون قد صدر بقانون أو بمرسوم بقانون، وبالتالي لا يمكن المساس برواتب الموظفين بقرارات إدارية أو من خلال قانون الميزانية؛ فقانون الميزانية يعتبر من القوانين الشكلية التي لا يجوز ان تخالف القوانين الموضوعية التي تخص الرواتب بأي حال من الأحوال».
وأضاف الحمود أنه «لتعديل الرواتب يتطلب الأمر تدخلاً تشريعياً من مجلس الأمة، وليس مثلما صوّرها البعض بأنه يصح أن تُمس بقرارات إدارية. والقرارات المرتبطة بالرواتب هي قرارات مُنشِئة بالنسبة للعلاوات والبدلات، وهي تكون في مركز قانوني، وهذا المركز هو مرتبة وظيفية مرتبطة بسلم الرواتب ولا يجوز تعديلها إلا بقانون يصدر من مجلس الأمة».
وبيّن أن «ذلك ينطبق أيضاً على بدل الغلاء المعيشي وبدل الطريق وبدل السكن وبدل الشاشة، وغيرها من البدلات، وهي من مُفردات المُرَتب وتأخذ شكل الراتب ولا يجوز المساس بها أيضاً إلا بقوانين. والموظف يتم استهلاكه فيفقد بسبب الوظيفة جزءا من صحته، والانسان ليس كالآلات التي تقيّم بعد خصم نسبة الاستهلاك، وإنما كان هذا النوع من التعويض عن طريق البدلات، كأن المشرع عوّض الموظف عن استهلاك صحته بسبب الوظيفة والتي يترتب عليه أن المعاش التقاعدي، ويُحسب على اعتبار كامل الراتب. وبالتالي فإن المعاش التقاعدي لا يعتبر منّة من أحد، وإنما هو من خلال استقطاع شهري خلال حياة الموظف الوظيفية، وحساب اكتواري مع غيره من المتقاعدين، من مبدأ التكافل الاجتماعي، وجميع ذلك مرتبط بقانون التأمينات الاجتماعية الذي لا يجوز أيضاً المساس به، لأن أي مساس في هذه المرتبات ستتأثر الدائرة الكبيرة المرتبطة بمرتب المتقاعد».
وتعليقاً على المستندات التي تزامن نشرها مع استجواب وزير المالية، والتي جاء فيها إعادة النظر في الدعم الحكومي لنسبة التأمينات الاجتماعية والمقدرة بـ5 في المئة، قال الحمود ان «الدولة تدفع 10 في المئة، وتدفع أيضاً 5 في المئة بسبب الوظيفة العامة، وهناك نية لرفع الدعم عن الـ5 في المئة، وتحميلها على الموظف والذي سوف يدفع 10 في المئة، في المحصلة النهائية، وهذا أمر غير جائز ويتطلب تشريعاً لتعديله، وذلك لكون التأمين الاجتماعي نوعاً من الضرائب المستقلة، ولا ضرائب إلا بقانون حسب الدستور، وبالتالي أن ما يدفعه الموظف من استقطاع تأميني لا يدفعه لنفسه عند التقاعد حسب الفهم السائد، وإنما هو حساب اكتواري لكل العاملين في الدولة من مبدأ التضامن الاجتماعي». وقال «حسب الدستور فإن الدولة تكفل التأمين الاجتماعي، وعليه يجب أن يعيش المواطن الموظف حياةً اجتماعية، وعليه لو تم رفع دعم الدولة عن تأمين الموظف المقدر بـ5 في المئة فإنه سيواجه طعناً أمام المحكمة الدستورية لأنه يمس التأمين الاجتماعي الذي تكفله الدولة».
وأوضح أن «في الكويت لا يوجد قانون يقول بالحد الأدنى للمعيشة، وعليه فإن المعيار هو الحياة الإنسانية الكريمة، وبالتالي فإن الراتب ليس مقابلاً للعمل، وإنما هو صورة من صور إعادة توزيع الدخل القومي، ولهذا لا يحق للموظف حسب القانون أن يمارس عملاً حراً في المساء، لأن ذلك يعتبر جريمة وظيفية قد يفصل بسببها، وبالتالي فإن الموظف مُحتبَس للدولة بنسبة 100 في المئة».
من جانبه، قال أستاذ القانون الاداري بجامعة الكويت الدكتور خالد الحربي إن «هناك علاقة تنظيمية تربط الموظف العام بالإدارة، بمعنى انه يخضع لقواعد معدة سلفاً تحكم حقوقه وواجباته، فيمكن للإدارة تعديل المركز القانوني للموظف، وتعديل حقوقه بالزيادة او النقصان، ومنها الحق بتعديل الرواتب اذا اقتضت المصلحة العامة وضرورة تسيير المرافق العامة بانتظام واطراد ذلك».
وأضاف الحربي «لكن بسبب الطبيعة الخاصة لبعض الحقوق، وأخصها الرواتب، فإن الادارة يجب ان تتقيد بعدة قيود عند مساسها بهذا المركز، فلا يمكنها المساس بالرواتب إلا بالطريق التشريعي الذي أقر حق الموظف بهذا الراتب في بداية الامر، فلا يمكن المساس برواتب اقرت بالقوانين عن طريق قرارات إدارية، وأيضاً لا يجوز المساس بالرواتب بأثر رجعي تطبيقاً لقاعدة عدم الرجعية والاثر الفوري للقانون، ومن ناحية أخرى يجب مراعاة المساواة وعدم الانتقائية عند الاضطرار للمساس بحقوق الموظفين، تطبيقا للمادة 41 من الدستور التي تقتضي عدالة شروط العمل. وتأكيداً على حرمة الراتب كذلك فقد أحاطه المشرع في قوانين الخدمة المدنية بضمانات لا تجيز للإدارة الحجز أو الخصم من الراتب الا بالحالات القليلة المحددة قانوناً».
وختم الحربي بالتأكيد على «كون المساس بالرواتب أخطر وآخر الحلول، فالدولة وفقا للمادة 8 من الدستور تصون دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة بين أفراده، والأمن المالي وحماية الأسرة الكويتية من أهم جوانب الأمن المجتمعي في الدولة».

دستور دولة الكويت الصادر في 11 / 11 /1962
القانون وفقاً لآخر تعديل- قانون رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي
وزير المالية يؤكد مجددا عدم المس برواتب الموظفين والدعوم

الصفحة (1) من اجمالى(1)

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور