الملف الصحفي


تصنيف الخبر /   آراء قانونية   

جريدة الراي - الخميس 8 محرم 1442هـ - 27 أغسطس 2020م

نظام الالتماس بإعادة النظر نحو معالجة تشريعية

أكدت السوابق البرلمانية أنه في كل مرة تتم الدعوة إلى ضرورة سن تشريع لتنظيم الالتماس بإعادة النظر في المواد الجزائية ينزوي المشرع ويلتزم الصمت والسكون والسكينة. أما وأن المشرع عدل - مشكوراً- عن تلك السابقة المشؤومة بإصدار القانون 11 /‏2020 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية فمن شأن تلك التعديلات التشريعية تعزيز ضوابط المحاكمة المنصفة والمساواة في حق التقاضي باعتبارهما من الحقوق الدستورية اللصيقة بالمتهم، فحينما تظهر لاحقاً أدلة جديدة للمحكومين في القضايا الجزائية بأحكام باتة، من شأن تلك الأدلة أن تظهر براءتهم، يجوز لهم الالتماس بإعادة النظر في الحكم البات والبحث في دليل براءة المُتهمين الجديدة.
إن إصدار قانون يُعزز من مفهوم المحاكمة المنصفة، بإقرار قانون ينظم طرق طعن التماس إعادة النظر على الأحكام الجزائية يهدي إلى سبيل الرشاد التشريعي، ولا يكتمل هذا الرشد ونضوج التوجه الحصيف إلا إذا أدخل المشرع تعديلاً تشريعياً على المادة 148 وما بعدها من قانون المرافعات، في المواد المدنية والتجارية التي تُقرر عدم جواز الطعن بطريق الالتماس، بإعادة النظر على الأحكام غير الجنائية الصادرة من محكمة التمييز، واقتصارها فقط على الأحكام الصادرة بصفة انتهائية كأحكام محكمة الاستئناف، وهو أمر مُخل مُفتقد للتوازن التشريعي، ذلك أن فكرة التماس إعادة النظر تقوم على ظهور أدلة قاطعة في الدعوى لم تكن موجودة أو ظاهرة أثناء نظر محكمة التمييز للدعوى، وبعد إسدال محكمة التمييز الستار بصدور حكم بات في الدعاوى المدنية والتجارية فيها، قد تظهر أدلة جديدة ولكن يترتب عليه حرمان المتقاضي من المساواة بينه وبين المتهمين في الدعاوى الجزائية، الأمر الذي يُعد إهداراً للعدالة وإخلالاً بالمحاكمة المنصفة والمساس بحق التقاضي الدستوري.
ماذا لو كشفت الأوراق عن ظهور غش أو تدليس أثر في حكم التمييز؟ ماذا لو بُنيَ حكم التمييز على أوراق مُزورة أو شهادة زور وثبت بعد ذلك فعل التزوير أو قول الزور؟ ماذا لو كان منطوق حكم التمييز مُناقضاً بعضه لبعض؟ هل تعلم أو لاتعلم عزيزي القارئ أن متى ما توافرت الحالات السابقة أو غيرها في حكم صدر من محكمة التمييز في دعوى تجارية أو مدنية، فإنه لا يجوز للمحكوم عليه أن يتقدم بطعن التماس بإعادة النظر، لسبب أن الحكم صادر من محكمة التمييز، والأحكام التي تصدر من التمييز تُعد باتة ليست بأحكام نهائية وهو ما يخالف ما نصت عليه المادة 148 من قانون المرافعات.
إن النظام العدلي لايتأتى إلا بالتصدي للظلم وكفالة الحق في التقاضي دونما نقصان وصولاً لإرجاع الحقوق لأصحابها، لذلك يتعين إعادة النظر في المادة 148 من قانون المرافعات لتشمل الطعن بطريق الالتماس في كافة الأحكام الصادرة بصفة انتهائية والأحكام الباتة... قياساً على التعديل التشريعي في المادة 213 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية المُعدل أخيراً، والذي يكفل للمُدانين بأحكام التمييز الحق بالطعن بطريق الالتماس بإعادة النظر على الأحكام الباتة.
ويتعين أيضاً إعادة النظر في حكم المادة 112 من القانون 7 /‏2010 في شأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية والتي قررت أن الأحكام التي تصدر من محكمة استئناف أسواق المال تكون أحكاماً باتةً لا يجوز الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن، فإذا كانت أحكام محكمة الاستئناف أسواق مال باتة لايجوز الطعن عليها بأي طريقة من طرق الطعن سواء كان الطعن بطريق التمييز أم بطريق الالتماس بإعادة النظر، ألا يعد ذلك إخلالاً بميزان العدالة؟ ذلك أن المُشرّع في قرارة نفسه يكفل حق التقاضي في المادة 148 من قانون المرافعات بالطعن بطريق الالتماس على الأحكام التي تصدر من محاكم الاستئناف في دوائرها المدنية والتجارية، ويسلب هذا الحق من المتقاضين أمام محكمة استئناف أسواق المال دونما فلسفة تشريعية دونما عدالة منشودة دونما منطق، لايخفى معرفة الكافة أن حكم المحكمة الدستورية - المُلزم للكافة ولسائر المحاكم حسبما قررته المادة الأولى من قانون إنشائها - الذي أسدل الستار على نص المادة 112 من قانون هيئة أسواق المال، وقرر دستورية النص لكون حق التقاضي في الأصل على درجتين، ومرجع تقدير درجات التقاضي ومواءمتها للمشرع بما يتماشى مع الضوابط الدستورية. أما وأن الحال ليس كذلك بدليل أن المشرع حرّم الطعن على أحكام استئناف أسواق مال بأي طريقة من طرق الطعن، ويشمل ذلك الطعن بطريق الالتماس بإعادة النظر لكونه وسيلة طعن غير عادية، بينما مكن المشرع في كفة الميزان الأخرى المحكوم عليهم بأحكام نهائية صادرة من محاكم الاستئناف في دوائرها المدنية أو التجارية بالطعن بطريق الالتماس بإعادة النظر، لايمكن وصف هذا الوضع المُخل إلا بشبهة عدم الدستورية التي تحوم حول المادة 112 من قانون هيئة أسواق المال بما يتعلق بالطعن بطريق الالتماس، بإعادة النظر وليس الطعن بالتمييز المُحصّن بموجب حكم الدستورية، وعلى النقيض نجد أن الواقع العملي أثبت أن كثيراً من طعون التماس إعادة النظر التي تقدم إلى محكمة استئناف أسواق المال ينتهي بها المطاف - وهو المبدأ المستقر عليه بأحكام استئناف أسواق المال - (بقبولها شكلاً) وكأن الأحكام تتمنع عن إصدار حكم بعدم جواز الطعن نأياً بمبدأ المساواة بحق التقاضي ولإن كان توجه أحكام محكمة استئناف أسواق مال توجهاً نبيلاً إلا أن نُبل الغايات لايُغني عن مشروعية الوسائل.
أيضاً من أوجه عدم وضوح الفلسفة التشريعية لقانون التماس إعادة النظر في الأحكام الجزائية ما قررته الفقرة (4) من المادة 213 مكرر التي أجازت الحق بالطعن على الأحكام الباتة الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجُنح بطريق الالتماس بإعادة النظر «إذا كان الحكم مبنياً على حكم صادر من محكمة مدنية أو إحدى محاكم الأحوال الشخصية وأُلغيَ هذا الحكم»، إن التساؤل الذي يُثار ماذا لو كان الحكم مبنياً على حكم صادر من محكمة تجارية أو محكمة أسواق المال أو محكمة أحداث أو المحكمة - أو الدوائر- الإدارية ماذا سيكون مآلها؟ ألا يُعد ذلك إهمالاً تشريعياً؟
إن مايختلج في نفس الكاتب وما يكنه ضميره التفاؤل نحو المشرع ببعد النظر وعمق البصيرة والإلمام بفن صياغة وسن التشريعات وإقرار قوانين تُعزز من ضوابط المحاكمة المُنصفة لإقامة سابغات تقوم على إرساء العدل والمساواة في حق التقاضي.

دستور دولة الكويت الصادر في 11 / 11 /1962
القانون وفقاً لآخر تعديل - قانون رقم (40) لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته
القانون وفقاً لآخر تعديل - قانون رقم (17) لسنة 1960 بإصدار قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية 
القانون وفقاً لآخر تعديل- قانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية
قانون رقم 73 لسنة 2003 بإضافة مادة جديدة برقم (200) مكررًا إلى القانون رقم (17) لسنة 1960 بإصدار قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية

المرسوم بقانون وفقاً لآخر تعديل - مرسوم بالقانون رقم (38) لسنة 1980 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية 
رفض الطعن على دستورية مواد التماس إعادة النظر

الصفحة (1) من اجمالى(1)

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور