الملف الصحفي


تصنيف الخبر /   آراء قانونية   

جريدة الراي - الثلاثاء 16 ذو القعدة 1441هـ - 7 يوليو 2020م

فايز الظفيري مراجعاً قانون التماس إعادة النظر: لا بد من الشجاعة لرفع المظلمة إذا تحقّقت الشروط
اعتبارات العدالة والمصلحة الاجتماعية مرجحة على اعتبارات الاستقرار القانوني
القانون ضم «الالتماس» لطرق الطعن العادية رغم كونه أحد أشهر الطرق غير العادية
سعياً لتحقيق العدالة علينا إعادة النظر في الحكم القضائي الذي قد يكون فيه ظلم للبريء
لابد من السعي لتحقيق العدالة من خلال الأحكام القضائية حتى لا تهز الثقة الاجتماعية بالعدالة
من مصلحة العدالة ألا يشوب الأحكام شائبة تنقص من قدسيتها القانونية
الشارع جعل أساس خطته احترام قوة الحكم البات تغليباً للاستقرار القانوني واحتراماً لقرينة الحقيقة
الحقيقة الشكلية تتراجع في حالات أمام الحقيقة الموضوعية التي سمح الشارع بالكشف عنها
الحكم لا يمكن أن نصفه بقداسة مانعة من إعادة النظر فيه

أجرى عميد كلية الحقوق مدير جامعة الكويت بالإنابة البروفيسور فايز الظفيري، مراجعة مختصرة لمشروع قانون التماس إعادة النظر، الذي أقره مجلس الأمة أخيراً، لافتا الى انه كان من الأفضل إدراجه تحت مظلة القانون رقم (40) لسنة 1970 المتعلق بالطعن بالتمييز، باعتبار أن كليهما يعد طريقاً غير عادي للطعن، لا ضمه مع طرق الطعن العادية، معتبراً أنه لا بد من الشجاعة لرفع المظلمة إذا تحققت شروط رفعها.
وفي ما يلي تنشر «الراي» نص المراجعة كاملة:
المطلب الأول
التماس إعادة النظر
الماهية ...والأهمية
صوت مجلس الامة الكويتي منذ أيام قليلة على مشروع قانون يتضمن تعديلا على قانون الاجرءات الجزائية رقم (17) لسنة 1960 ويتعلق بطريقة من طرق الطعن غير العادية وهو التماس اعادة النظر الذي يتم تبنيه ولاول مرة في نطاق المواد الجزائية ومن ثم يضاف الى طريق آخر من طرق الطعن وهو الطعن بالتمييز الذي صدر تحت رقم (40) لسنة 1970 وهو من أهم الطرق غير العادية للطعن في الاحكام الجزائية .
ونصت المادة الاولى منه ( يستبدل بعنوان الفصل الثاني من الباب الرابع من القانون رقم (17) لسنة 1960 المشار اليه العنوان التالي: " المعارضة والاستئناف والتماس إعادة النظر).
ومن ثم نلاحظ أن مشروع القانون قد ضمه للطرق العادية للطعن على الرغم من كونه أحد أشهر الطرق غير العادية وكان حريا به وضع الأمور في نصابها الصحيح وضمه جانب الطعن بالتمييز .
ولا شك أن النظرة العامة لقواعد قانون الإجراءات الجزائية تبين لنا أهمية الانتباه والاهتمام ، بتلك القواعد الشكلية المنظمة لحق التقاضي ، إذ إن تلك القواعد مرتبطة مع العديد من القيم البالغة الأهمية بالنسبة للمجتمع وأفراده ، إذ إنها تمثل جوهر ما يؤمن به أي مجتمع بمفهوم القضية العادلة ، وهي طريق وحيد ، تتلمس فيه العدالة خروج حكم قضائي ، له العديد من الآثار الجسيمة والكبيرة على حياة الأفراد ، وأي خطأ قد يشوب الحكم قد يصعب إصلاحه أو الرجوع عنه ، ومن ثم - ونظرا لاحتمال وقوع الأخطاء التي قد يكون مصدرها أجهزة العدالة المناط بها التحري أو تقديم التقارير الفنية اللازمة وهي بصدد بحثها عن الحقيقة - كان من الأهمية ترك الباب مفتوحا وبشكل يمتاز بالسهولة والوضوح لتصحيح أي خطأ قانوني قد يعتري الحكم القضائي ، إذ لا بد أن نتفق على أن هذا الحكم لا يمكن أن نصفه بقداسة مانعة من إعادة النظر فيه ، خاصة إذا ما علمنا أهمية قواعد قانون الإجراءات في تجسيد مفهوم العدالة وارتباطها بمبدأ سيادة القانون .
وقد يتساءل البعض : عن أهمية تبني التماس إعادة النظر ؟ تساؤل لاشك يحظى بأهمية بالغة لا بد من الإجابة عليها ، وبداية نقول : أننا نعلم أهمية الاستقرار القانوني الذي لا بد أن تتصف به الأحكام القضائية ، وأن من صالح العدالة والمجتمع أن تبقى تلك الأحكام دون أدنى ما يهز الثقة العامة التي تولدت بها منذ أن أصبحت باتة لا تقبل التغيير ، إذ إنها حازت على قوة الشيء المحكوم به ، ونحن لا نجادل في ذلك بل نؤكده وندعمه ، إلا أن من مصلحة العدالة أيضا ، أن لا يشوب تلك الأحكام شائبة تنقص من قدسيتها القانونية ، فلا بد أن تتصف بالعدل المتحقق المتيقن منه، في ظل الظروف التي صدرت بها ، فإن ثبت خلاف ذلك ، فإن من مجافاة العدالة أن تغض الأبصار عن ذلك ، بل لا بد من الشجاعة ، لرفع المظلمة ، خاصة إذا تحققت شروط رفعها التي يتطلبها عادة المشرع الجزائي ، في حالة تبنيه التماس إعادة النظر ، فلماذا لا نقوم ، سعيا لتحقيق العدالة ، بإعادة النظر في هذا الحكم القضائي الذي خرج باسم الأمة ، وهو حامل لجهالة موضوعية متصلة بالوقائع ، قد يكون ظلم فيه بريء لا علاقة له بالجريمة.
نعلم حقيقة أن الأمر ، قد يبدو ظاهريا ، متضمنا نوعا من الصعوبة ، لاختلاف الاعتبارات التي لا بد من تحققها ، فمن جهة ، لا بد من استقرار قانوني تتصف به الأحكام ، نظرا لاتصالها بمراكز قانونية واجبة الثبات والاحترام ، ومن جهة أخرى ، لابد أن نسعى إلى تحقيق العدالة من خلال تلك الأحكام القضائية وحتى لا تهتز الثقة بالشعور الاجتماعي بالعدالة ، إلا أن التوفيق ليس بالأمر الصعب بين هذين المبدأين الذي يسعى كل مشرع قانوني إلى تحققهما معا.
وقد جعل الشارع هذا المساس في أضيق نطاق ، فحصره في حالات محددة ، ويمكن القول بأن الشارع قد جعل أساس خطته احترام قوة الحكم البات ، تغليباً للاستقرار القانوني ، واحتراما لقرينة الحقيقة ، التي تمثلها هذه الأحكام ، ولكنه تقبل المساس بها في حالات محددة ، قدر فيها أن اعتبارات العدالة ، والمصلحة الاجتماعية في إصلاح الأخطاء القضائية مرجح على اعتبارات الاستقرار القانوني ، ونرى أن قرينة الحقيقة الملازمة لقوة الحكم البات ، تتراجع أمام الحقيقة نفسها التي كشف عنها خطأ قضائي يتعين إصلاحه ، بتعبير آخر ، فإن الحقيقة الشكلية تتراجع في هذه الحالات أمام الحقيقة الموضوعية التي سمح الشارع بالكشف عنها .
ولم أجد بلاغة وبيان من الخطر الذي يترتب على الاخطاء التي قد تصدر من القاضي الجنائي ابلغ مما ذكره العلامة رؤوف عبيد في هذا الصدد وهو يتناول المشكلات العملية الهامة في الإجراءات الجنائية فأترك القارئ الكريم مع هذا العبر حيث يقول (ليست الإجراءات الجنائية مجرد قواعد شكلية ، تنظم الدعوى الجزائية ، وترسم لها خط سيرها ، ثم ينتهي دورها بنهايتها ، كلا ، بل إن للتشريع الإجرائي رسالة أخطر من ذلك بكثير ، إذ إنه أوثق الشرائع صلة بمبدأ سيادة القانون ، وبالتالي باستقرار المواطنين في حياة كريمة راقية ، إذا ما أرادوا لأنفسهم هذا الأسلوب من الحياة ، كما أنه أوثقها صلة بحسن سير العدالة الجنائية ، وبالتالي بانتظام الحياة القضائية للبلاد ، فالتشريع الإجرائي يمثل في جملته أصولاً كلية للتنظيم القضائي ، ينبغي أن يتجاوب مع القيم الخلقية الصحيحة ، فضلاً عن أوضاع المجتمع الذي ينبغي أن يضعها لنفسه ، قبل أن توضع له ، وأن يحدد اتجاهاتها ، قبل أن توجه إليه أوامرها ونواهيها ، وتفرض عليه ألفاظها ومعانيها ، وبالنظر إلى خطورة النتائج المترتبة على وثيق الصلة التي تربط بين التشريع الإجرائي وبين سيادة القانون من جانب وتحقيق العدالة من جانب آخر . وليتصور القارئ حكماً جانب التوفيق فألقي ببريء واحد إلى غيابة القبر أو السجن ظلماً ، إنه يفعل في نفوس الجماهير من زعزعة ثقتها في قضائها ما لم يفعله أشد أعداء العدالة إن كان في مقدورها أن يكون لها أعداء ظاهرون …… ثم إن النفوس سرعان ما تنفعل لهذا الخطأ – مهما خلا من سوء النية – فيغلي مرجل الغضب فيها حين قد لا يحركها الخطأ الجسيم في مجموعة كاملة من قرارات إدارية جانبها الصالح العام أو صحة تطبيق القانون الإداري ، وذلك لأن الإحساس بلزوم العدل القضائي قبس سماوي أودعته العناية الإلهية ضمير الإنسان ، فيما يثور إذا أخطأ تقدير القاضي ويسكن إذا أصاب ، ولا يقبل بين الخطأ والصواب مهادنة ولا أوساط حلول ، ولهذا كان الإحساس بلزوم حق الدفاع راسخاً في الشعور ، عميقاً لفرط لزومه لتحقيق هذا العدل ، وكان من أوليات فن القضاء التي يؤمن بها القاضي الحكيم قبل غيره من الناس أن تبرئة مذنبين كثيرين بغير حق ولمجرد الشك اليسير في ثبوت الاتهام ، أفضل كثيراً من إدانة بريء واحد ظلماً بسبب شطط في التقدير أو تسرع في التقرير بثبوت الإدانة ذلك لأن تبرئة مذنب لعدم ثبوت ذنبه تتضمن معنى واحداً ينبغي على أية حال ألا يكون هو معنى إمكان إفلات أحد الجناة من سطوة القانون الوضعي وحده ، لا إفلاته من عدالة القدر التي لن يفلت منها إنسان مهما طال الأمد . أما إدانة إنساناً بحكم خاطئ رغم براءته ، فهي تتضمن جملة معان من الظلم والظلام تسيء كلها إلى قدسية العدالة ، فهي تتضمن - إلى جانب إفلات الجاني الحقيقي من سطوة القانون الوضعي - معنى آخر أشد نكراً ، وهو أن إنسان بريئا دفع ثمن جريمة غيره ، بالإضافة إلى ثمن خطأ القضاء ، ثم يضاف إلى ذلك أخطر المعاني كلها وهي أن موازين الحق قد اختلت ، فأضحت موازين بطلان ، وأن مصادر النور قد خبت فأضحت مصادر بهتان ، وليس بعد ذلك من خطر يتهدد كل بريء في المجتمع بسوء المآل . ولهذا كان من طبائع الإنسان أن يغتفر لرجل الإدارة ما قد يقع فيه من خطأ مهما كان جسيماً ما لا يغتفره لرجل القضاء مهما كان يسيراً ، لأنه يعلم أن التصرف الإداري يتم في سرعة تقتضيها طبيعة الحياة الإدارية ولأنه عرضة في أية لحظة للعدول عنه وللتعديل فيه ، أما عمل القضاء فهو خلاصة بحث متأن وميزان دقيق لوجهات النظر المختلفة في الدعوى ، ومن هنا جاءت قدسية الأحكام وقوة تأثيرها في النفوس باعتبارها عنواناً عند الكافة على الحقيقة المطلقة بحكم مشاعر طبيعية راسخة ، مثل أن تكون بحكم قرائن قانونية قاطعة . ولهذا أيضاً كان أي خلل في التشريع الإجرائي أخطر على مصير العدالة من الخلل في التشريع القضائي ، رغم أن الأول يحكم على شكل الدعوى والثاني يحكم على موضوعها ، لأن عيب هذا الأخير يمكن أن يتداركه القاضي الحكيم بحكمته أما خلل التشريع الإجرائي فقد يلقي بمقاليد القضاء إلى من قد تعوذه حكمة القاضي واستقلال ضميره …… وإذا لم يكن القاضي مستقلاً وحكيماً فأي عدل يرجى تحقيقه من التشريع القضائي مهما كان محكماً وقوياً . فميزان العدل هو في النهاية في يد القاضي الذي يختاره التشريع أكثر مما هو في يد التشريع الذي يطبقه القاضي ، لذا كان من الأفضل للمجتمع أن يكون القاضي حكيماً مع ضعف التشريع من أن يكون التشريع حكيماً مع ضعف القاضي ، وأفضل من الأمرين معاً حكمة القاضي وعدالة التشريع معاً )
لذا فإننا نرى من الأهمية التطرق إلى هذا الموضوع ، الذي يحظى هذه الأيام باهتمام من قبل المشرع الكويتي، من حيث إمكانية تطبيقه ، ضمن منظومة الطرق التي يجوز اللجوء إليها ، في سبيل إعادة النظر في الدعوى .
أولا
تعريف التماس إعادة النظر وتحديد ماهيته
يعد طريق التماس إعادة النظر من الطرق غير العادية ، لفتح الباب ومراجعة حكم قضائي ، حاز على حجية الأمر المقضي ، وأصبح من اللزام الاعتراف به ، والتسليم بما قضى به ، إلا أنه لا يعد بهذا المفهوم العام طريقا وحيدا ، بل أن هناك من المؤسسات القانونية المقررة ، ما قد يتشابه بهذا المعنى معه ، سواء من حيث الطبيعة ، أم قد يكون هذا التشابه من حيث الأثر الذي قد يرتبه .
فكان من الضروري تحديد ماهيته ، بشكل يزيل عنه كل لبس ، ويجعله منفردا بخصائص تحدد بنيانه القانوني بكل وضوح ، وعلى وجه الخصوص تلك الطرق القانونية المقررة للطعن بالأحكام الجزائية ، سواء ما كان يعد منها من طرق الطعن العادية كالمعارضة ، والاستئناف ، أم من الطرق غير العادية كطريق الطعن بالتمييز.
كذلك ، فإن التماس إعادة النظر في الأحكام الجزائية لا يتصور عقلا و لا قانونا أن يكون باب مفتوحا على مصراعيه ، دون قيد أو شرط ، بل كان من الضروري أيضا أن تتحقق فيه الشروط اللازمة حتى يمكن لصاحب المصلحة – وهو المحكوم عليه – أن يتقدم ويسلكه ، لأن المشرع عادة ما يقوم بتنظيم استعمال القواعد القانونية المتضمنة لنوع من الإجراءات القانونية ، المرتبة بعض الآثار ، خاصة في مجال الطعن بالأحكام القضائية ، إذ إن من شأن تلك الطرق – بشكل عام – أنها قد تؤدي إلى النظر في حكم قضائي مرة أخرى ، مع الأخذ بعين الاعتبار ماهية تلك الطرق ، والاختلاف القائم فيما بينها من حيث تلك الآثار .
ثانيا
تعريف التماس إعادة النظر
التماس إعادة النظر – كما هو مسلم به فقها وقضاء - طريق طعن غير عادي ، يقرره القانون في حالات حددها على سبيل الحصر ، ضد أحكام الإدانة الباتة في الجنايات والجنح ، لإصلاح خطأ قضائي تعلق بتقدير وقائع الدعوى .
1 - التماس إعادة النظر طريق غير عادي للطعن
حدد التعريف السابق خصائص طلب التماس إعادة النظر كطريق للطعن في الأحكام الجنائية ، فهو طريق طعن غير عادي ، لا يجوز الالتجاء إليه ، إلا إذا شاب الحكم خطأ من حيث الوقائع ، أما إذا تعلق الخطأ بتطبيق القانون ، فطريق الطعن الذي يجوز الالتجاء إليه هو الطعن بالتمييز .والقول بأن التماس إعادة النظر طريق غير عادي ، من شأنه أن يميزه عن طرق الطعن العادية ، كالطعن بالمعارضة والطعن بالاستئناف ، إذ إن طرق الطعن العادية هي تلك الطرق التي تقبل من المحكوم عليه في الميعاد القانوني بلا قيد أو شرط ، ويترتب عليهما إعادة طرح الموضوع مرة أخرى ، سواء أمام نفس المحكمة التي أصدرته ، كما عليه الوضع في التشريع الكويتي عند استخدام الطعن بالمعارضة ، أم أمام محكمة أعلى درجة، كالحال عند استخدام الطعن بالاستئناف.
أما الطرق غير العادية للطعن فلا بد أن تتحقق شروط يتطلبها القانون من أجل إجازة الطعن ، فلا يجوز الطعن بالتمييز إلا بناء على حالات محددة ، كما هو مقرر من خلال المادة الأولى من القانون رقم (40) لسنة 1972 بشأن الطعن بالتمييز وإجراءاته ، حيث نصت على أنه ( للخصوم أن يطعنوا بالتمييز في الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف العليا في الأحوال التالية : أ – إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله . ب – إذا وقع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم).
وكذلك هو الحال في التماس إعادة النظر الذي لا يجوز اللجوء إليه إلا في حالات محددة كما هو مقرر من خلال نص المادة ( 213 مكرر) من مشروع قانون التماس اعادة النظر التي نصت على أنه (يجوز طلب إعادة النظر في الأحكام الباتة الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح في الأحوال الآتية :
1 ) إذا حكم على المتهم في جريمة قتل ، ثم وجد المدعى قتله حياً .
2 ) إذا صدر حكم على شخص من أجل واقعة ثم صدر حكم على شخص آخر من أجل ذات الواقعة ، وكان بين الحكمين تناقض يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما .
3 ) إذا حكم على أحد الشهود أو الخبراء بالعقوبة المقررة لشهادة الزور في الباب الثالث من قانون الجزاء أو إذا حكم بتزوير قدمت أثناء نظر الدعوى وكان للشهادة أو تقرير الخبير أو الورقة تأثير في الحكم .
4 ) إذا كان الحكم مبنياً على حكم صادر من محكمة مدنية أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية وألغي هذا الحكم .
5 ) إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة ، وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه )
2 - التماس إعادة النظر محددة حالات استعماله
لا يجوز الالتجاء إلى طلب التماس إعادة النظر ، إلا إذا كان الخطأ الواقع داخلاً في إحدى حالات نص عليها الشارع على سبيل الحصر .ويقتصر نطاق إعادة النظر على أحكام في الإدانة ، أما أحكام البراءة فلا يجوز الطعن فيها ، بطلب إعادة النظر أيا كان الخطأ الواقعي فكان لنا ممن ثم القول أنه من غير المقرر للسلطة العامة ممارسة الطعن بالتماس اعادة النظر على الاحكام الجنائية التي صدرت بالبراء واصبحت باتة، فهو على خلاف الطعن بالتمييز المسموح لها وللمتهم ممارسته، فهو قد قرر لصالح المتهم ، حتى في الاحوال الاستثنائية التي وردت (231 مكرر 1) قد انيط استخدامه للسلطة العامة لمصلحة المتهم نظرا لكون غير قادر على ممارسته لعلة أو سبب قد لحق به كأن يكون مفقودا أو عديم اهلية أو قد توفي .
ومن المنطقي أن يحدد نطاق التماس إعادة النظر ، فلا يكون طريقا مطلقا دون أي قيد أو شرط ، إذ إن العدالة أيضا تقتضي أن يوازن المشرع الجزائي بين ضرورة احترام الأحكام الباتة الحائزة لقوة الشيء المحكوم فيه ، والشعور العام بالعدالة الذي يحتم ضرورة إيجاد باب لإصلاح الأخطاء الموضوعية المتعلقة بالوقائع التي يقع بها القضاء .
وينحصر نطاق التماس إعادة النظر – في التشريعات التي تأخذ به -بأحكام الإدانة في الجنايات والجنح ، فلا مجال له إزاء الأحكام الصادرة في المخالفات ، ولا مجال له بطبيعة الحال ضد الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية ولو صدرت عن القضاء الجنائي .
3 - ينحصر التماس إعادة النظر في الأحكام الصادرة بالعقوبة
طريق الطعن بالتماس إعادة النظر ينحصر فقط في أحكام الإدانة الصادرة ضد الأفراد ، فلا يجوز استخدامه ضد المحكوم عليه من قبل ممثل المجتمع - النيابة العامة أو الادعاء العام – في أحكام البراءة ، إذ أن من مصلحة المجتمع والعدالة أن يبرأ مظلوم خير من إدانة متهم ، لذا فإننا نجد أن التشريعات التي تأخذ بالتماس إعادة النظر تجعل حق ممارسة الطعن بالتماس إعادة النظر بيد المحكوم عليه ، إذا كان هناك حكم يقضي بإدانته ، فلا يجوز الطعن بالتماس إعادة النظر في الأحكام القاضية ببراءته .
والإدانة تعني هنا أن يقضي الحكم بعقوبة معينة على المحكوم عليه أيا كان نوعها : إعدام ، حبس ، غرامة مالية ، امتناع عن النطق في العقوبة ، مع وقف التنفيذ ….الخ من أنواع العقوبات الجزائية التي لا يهم نوعها .
وبالمقابل ، لا يجوز الطعن بالتماس إعادة النظر في قرارات سلطات التحقيق ، فهي لا تعد أحكاما فاصلة في موضوع الدعوى ، ولا في الأحكام التمهيدية أو التحضيرية أو الأولية ، إذ لا يعد أي منها قاطعا في موضوع الدعوى بالبراءة ، أو الإدانة ، ولكنها قد تفصل في مسائل تعترض بمناسبة الفصل في موضوع الدعوى .
ثالثا
الفرق بين التماس إعادة النظر وطرق الطعن الأخرى
يجمع بين التماس إعادة النظر وطرق الطعن الأخرى ، بعض أوجه التشابه والاختلاف ، كطريق الطعن بالتمييز أو الاستئناف أو المعارضة ، إلا أن من الأهمية أن نشير إلى أن هناك فوارق جوهرية ، بين هذه الطرق المقررة للطعن ، مما يميز بينها ، بشكل يضمن نطاق واستقلالية كل طريقة من هذه الطرق.
1 - التماس إعادة النظر والطعن بالمعارضة
يختلف التماس إعادة النظر بداية عن الطعن بالمعارضة ، إذ إن الأخير يعد طريقا عاديا للطعن بالأحكام الغيابية ، لأنها صدرت بهذه الصفة ، من أجل تمكين الخصوم من إبداء دفاعهم ، نظرا لتغيبهم عن جلسات المحاكمة ، إلا أن التماس إعادة النظر طريق طعن غير عادي ، يقرره القانون في حالات حددها على سبيل الحصر ، ضد أحكام الإدانة الباتة في الجنايات والجنح ، لإصلاح خطأ قضائي تعلق بتقدير وقائع الدعوى ، فلا يلجأ إليه إلا بعد الانتهاء من جميع الطرق المقررة قانونا ، بينما يلجأ للمعارضة في كل حكم يصدق عليه وصف الحكم الغيابي الصادر من الدرجة الأولى ، إذ لا تجوز المعارضة حسب التشريع الكويتي إلا في الأحكام الصادرة من محكمة أول درجة نظرا لصريح (210) من قانون الإجراءات الجزائية الكويتي التي تقرر أنه ( الحكم الصادر في الاستئناف لا تجوز المعارضة فيه).
وإذا ما أردنا التمييز بين كل من الطريقين ، فإننا نجد - بالنظر إلى تعريفهما السابق - فرقا شاسعا بينهما ، إذ أن المعارضة بحسب تعريفها ، لا تكون إلا في الأحكام الغيابية ، وأمام محاكم أول درجة ، وهي في أصلها لا تمارس إلا من قبل المتهم المحكوم عليه ، والمسئول عن الحقوق المدنية ، إذ لا يمكن قانونا ، أن تستخدم من قبل النيابة العامة أو الإدعاء العام ، لعدم إمكان تصور غيابهما لأن حضورهما جزء من تشكيل المحكمة نفسها ، وإلا اعتبر التشكيل باطلا لمخالفته القانون.
واستخدام المعارضة وفقا للوضع في التشريع الكويتي لا يعني إعادة المحاكمة وانعدام الحكم الغيابي ، إذ إن للمحكمة التي تنظر المعارضة – وهي نفس المحكمة التي أصدرته – أن تعتبر المعارضة كأن لم تكن ، كما في حال غياب المعارض عن الجلسة الأولى ، فيظل للحكم الغيابي قوته القانونية ، ولا يكون للمعارض الغائب سوى استئناف الحكم الصادر باعتبار المعارضة كأن لم تكن ، أما إذا كان حاضرا للجلسة الأولى ، فإن للمحكمة أن تؤيده ، على النحو الذي قررته المادة ( 195 ) من قانون الإجراءات الجزائية التي نصت على أن ( تقضي المحكمة بتأييد الحكم الغيابي اذا وجدت أن المعارضة لا أساس لها ، وأن الحكم صحيح شكلا وموضوعا )، أو ترى المحكمة إلغاءه ، على النحو الذي قرره نص المادة (196 ) التي نصت على أن ( للمحكمة أن تقضي بإلغاء الحكم الغيابي إذا وجدت به عيبا شكليا لا يمكن تصحيحه ، أو وجدت أنه مخالف للقانون ، سواء كان المعارض قد تمسك بهذه العيوب أو أن المحكمة قد لاحظتها من تلقاء نفسها ) أو تعدله على نحو ما جاء بنص المادة (197) التي نصت على أنه ( لا يجوز أن تكون المعارضة ضارة بالمعارض ، فيجوز إلغاء الحكم الغيابي والحكم بالبراءة ، كما يجوز تعديل الحكم الغيابي وتخفيض العقوبة الواردة فيه ، ولكن لا يجوز تشديد هذه العقوبة).
2 - التماس إعادة النظر والطعن بالاستئناف
و يختلف التماس إعادة النظر عن الطعن بالاستئناف في أغلب ما يخضعان له من قواعد، فإعادة النظر تفترض خطأ واقعياً شاب الحكم ، في حين يجوز الطعن بالاستئناف لخطأ واقعي أو قانوني يشوب الحكم ، إذ أن الاستئناف يعرف بأنه طريق عادي للطعن ، يطلب أحد الخصوم بمقتضاه إصلاح خطأ يزعمه ، في الوقائع أو القانون.
ويختلفان في أن الطعن بالتماس إعادة النظر يفترض وجود واقعة جديدة وجدت بعد وجود الحكم المطعون فيه ، أو كشف وجودها بعد صدور هذا الحكم ، أي كانت مجهولة على القضاة الذين أصدروا الحكم ، أما الطعن بالاستئناف فيجوز أن يستند إلى واقعة كانت معروضة على هؤلاء القضاة ، وقالوا فيها رأيهم وكلمتهم ، ولكن المستأنف يعيد عرضها على قضاة الاستئناف ، لأنه لا يشاطر قضاة الدرجة الأولى تقييمهم لها . ويختلف الطريقان أيضا من حيث إن إعادة النظر تفترض حكماً باتاً، في حين يفترض الاستئناف حكماً ابتدائيا ، كما يختلفان أخيرا في انحصار الطعن بالاستئناف في ميعاد حدده القانون ، دون التماس إعادة النظر الذي لا يتصف بمدة محددة للطعن فيه.
3 - التماس إعادة النظر والطعن بالتمييز
أما من حيث أوجه الشبه أو التفرقة بين التماس إعادة النظر وطريق الطعن بالتمييز - أو كما تسميه الكثير من التشريعات الطعن بالنقض – فهو أن كلا منهما طريق غير عادى للطعن في الأحكام ، وهو بهذا يشابه التماس إعادة النظر ، كما يجمع بينهما كذلك في بعض التشريعات التي تبنته اختصاص محكمة النقض بالنظر فيهما كمبدأ عام ، إلا أن هناك فوارق بين كل من الطريقين على ما سوف نرى لاحقا في آلية الاختصاص القضائي .
فالطعن بالتمييز أو النقض يعد طريقا غير عاديا للطعن في الأحكام الجزائية ، يطلب بمقتضاه أحد الخصوم - ولأسباب محددة قانونا - إلغاء الحكم المطعون فيه لمخالفته القانون ، بينما نجد أن التماس إعادة النظر إنما هو إعادة للمحاكمة ، بعد صدور حكم جنائي بات ، لأسباب أيضا محددة قانونا ، ولكن نظرا لخطأ في الواقع . فالطعن بالنقض يرد على الأحكام النهائية ، بينما يرد التماس إعادة النظر على الأحكام الباتة ، والطعن بالنقض عادة ما يكون لمخالفة الحكم قاعدة قانونية ، سواء كانت إجرائية أم موضوعية ، بينما في التماس إعادة النظر يكون الطعن بسبب خطأ في الواقع .
والطعن بالتمييز يكون في أحكام الإدانة أو البراءة في الجنايات والجنح في التشريع الكويتي خاصة بعد صدور قانون (73) لسنة 2003، بينما لا يكون الطعن بالتماس إعادة النظر إلا في أحكام الإدانة فقط ، ولكن يجوز في الجنايات والجنح على حد السواء . وللتمييز ميعاده الذي يتعين استعماله من خلاله في حين لم يحصر الشارع إعادة النظر في ميعاد معين .
المطلب الثاني
أهمية تبني نظام التماس إعادة النظر
في نطاق الأحكام الجزائية
لا يعد التماس إعادة النظر غريبا على التشريع الكويتي ، إذ إن المشرع المدني قد تبنى نظام التماس إعادة النظر في نطاق الأحكام المدنية ، وذلك من خلال نص المادة (148) من قانون المرافعات المدنية ، نظرا لأهمية تبني مثل هذا الطريق غير العادي للطعن ، بجوار ما هو مقرر للطعن بالتمييز في نطاق الأحكام المدنية ، والفقه يرجع إلى هذا الإقرار المزدوج إنما يقوم على أساس من تحقيق للعدالة ، وإتاحة للفرصة للمحكوم عليه أن يتمسك بوجود خطأ في الإرادة القضائية عن طريق التماس إعادة النظر، إذ إن هذا الطريق لا يلجأ إليه إلا بعد الانتهاء من سلوك طريق الطعن العادية وطرق الطعن غير العادية .
إلا أننا حقيقة نتساءل عن مدى أهمية تبني مثل هذا النظام في نطاق الأحكام الجزائية ، وإذا كنا من المؤيدين – من قبل ومن بعد - لهذا الاتجاه فعلى أي أساس من الأهمية نعزز اتجاهنا ؟ بإضافة هذا الطريق إلى طريق آخر مقرر للطعن بالأحكام الجزائية ، وهو طريق الطعن بالتمييز
هناك العديد من الآراء الفقهية التي قيلت في سبيل التأكيد على أهمية تبني نظام التماس إعادة النظر ، باعتباره طريقا غير عادي للطعن من شأنه أن يؤكد على مبدأ العدالة الواقعية التي تسعى الأحكام الجزائية لإصابتها ، وسوف نتناول بالبحث والإشارة أهم تلك الآراء .
أولا
أهمية التماس إعادة النظر في ضوء معطيات
العمل القضائي
لا شك أن الناظر إلى الحياة بشكل عام يرى البون الشاسع الذي قد فصل بينها وبين الحياة في سنوات قليلة مضت ، فالعمل اليوم لم يعد كالعمل بالأمس ، فالتضخم والتوسع والتشعب أصبحت من مواصفات عمل اليوم، والاعمل القانوني دائما ذو صلة بمدنية المجنمع ، والتوسع في أعماله، فكان امرا مقضيا أن نرى زيادة ضخمة في القضايا في كل تخصص ، ومنها القضايا الجزائية، حيث تضخم الاجرام بزيادة أعداد المجتمع وتنوع طوائفة وقدوم الهجر من امم مختلفة يستقبلها المجمتمع نظرا لحاجته للعمالة والبنيان والاقتصاد .. الخ من اسباب المدنية .
ولا شك أن غدا سيتصف وقته بأمور عدة قد لا نعلمها في الوقت الحالي ، ومن ضمن تلك المتغيرات التي نلحظها الآن - وقد نتلمس آثارها في بعض لحظات الهدوء - أن العلم والتقدم والمدنية والاكتشافات الجبارة والمتداخلة ، تتجدد كل يوم ، إلى درجة أننا لا نستدرك التطورات الهائلة من شدة سرعتها ، مما رتب العديد من الآثار على جميع أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، ولا شك أن الحياة القانونية هي الأخرى بدأت تتغير ، فلم تعد الحياة القانونية للأمس ، فتشابك أمور الحياة بدأ يغير معالم القواعد القانونية ، إذ إنه يدفع بالمشرعين القانونيين ، يوما بيوم ، إلى تطوير واستحداث القواعد القانونية لمعالجة آثار التقدم والمدنية والاكتشافات التي يعلن عنها كل يوم .
ونحن - المنشغلين بالحقل الجزائي بحكم الاختصاص – لا شك أننا على عاتقنا أن نسارع أيضا في طرح حلول وأسس معالجة لاستقبال هذا التقدم المدني والحضاري ، الذي لا شك أن له الكثير من التبعات على الحياة القضائية على وجه العموم ، وعلى أحكام القضاء على وجه الخصوص ، فهذا الكم الهائل من التقدم ، رافقه أيضا كم هائل من زيادة عدد السكان ، ونمو المجتمعات على جميع الأصعدة ، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية كذلك ، ولم تعد الدول قاصرة وجودها على مواطنيها ، بل تستقبل العديد من المقيمين ، مما أدى إلى تزاحم الحياة في المجتمع الواحد ، وتشابك العلاقات الاجتماعية وتنوعها ، فنمت الخلافات القانونية بينهم ، وازدحمت أروقة القضاء.
ثانيا
إمكانية تحقق الأخطاء القضائية
ولا شك أن القاضي الجزائي اليوم أصبح لديه قدر هائل من المسئولية ، فكيف يوفق بين هذا التقدم والتسارع فيه وتشعبه ، وبين الحالة النفسية التي لا بد أن تتوافر لديه حتى يتمكن من دراسة الدعوى الجزائية والتمعن فيها ، لكي يتمكن من الفصل فيها بشكل يتلمس فيه سبل العدالة الواقعية ؟ من المؤكد أنه عبء ثقيل ، فمن ثم كان لا بد أن نيسر السبل اللازمة لإصابة ذلك الهدف ، نظرا لإمكانية تحقق الأخطاء القضائية نتيجة التقدم العلمي الكبير وتزاحم الحياة القضائية بكثرة القضايا التي تعرض على القضاة للفصل بها.
فالقول بإمكانية تحقق الخطأ القضائي هو قول لا يخلو من الحقيقة ، فالقاضي بشر يزل ويخطئ ، إذ إن حكمه لا يعدو أن يكون اجتهادا قائما على فهمه الشخصي ، وإن سار على جادة الحكمة والنزاهة وكانت وجهته قبلة العدالة والإنصاف ، وهذه الحقيقة تجد من الدعم القانوني عدة حجج ، فمنها تبني نظام الطعن بالاستئناف والتمييز ، إذ إن في تبني كلاهما يقوم جانب الأخطاء القانونية من قبل القضاء ، فمن أجل تقليل تلك النسبة ، يجوز استئناف الأحكام أو الطعن بتمييزه ، ومن يرد تلمس تلك الحقيقة الواقعية التي لا تقبل الجدل في وجودها وإن تفاوتت نسبتها ، فلينظر إلى ما يعدل أو يلغى من تلك الأحكام سواء من قبل محكمة الاستئناف أم محكمة التمييز.
كما أن الأمر، قد لا يتصل بخطأ قاضي بعمله، ,إنما قد يتصل هذا الخطأ بالاجهزة المساندة للقضاء ، التي قد تسمى فقها بإجهزة العدالة كرجال المباحث الذين يسند لم التحري وجمع الاستدلالات أو خبير أوكل له الامر بفحص مستند ولم يتحقق من تزويره، أو طب شرعي أخطأ بنسبة عينة أو بقعة دماء ونسبها – على خلاف الحقيقة – للمتهم ، فالاخطاء في الوقائع وارد تحققها ، لذا كان من المقبول عقلا وإنصافا أن يكون هناك باب مفتوح دون تحديد مدة لاغلاقه، يستطيع المتهم من خلاله رفع الظلم ودرئه عن نفسه متى من كشف عن واقعة ذات صلة لاثبات برائته.
وإذا ما نظرنا إلى التشريع الفرنسي فإننا نجد أن تحقق تلك الأخطاء القضائية ، كان من أهم العوامل التي دعت بالمشرع الفرنسي إلى تبني نظام الطعن بالتماس إعادة النظر منذ ما يزيد على المائة عام، إذ إن أول قانون صدر لتبني إعادة النظر هو قانون 8 يونيو 1895 ، وهناك قضايا شهيرة يذكرها الفقه وجد أن أحكام الإدانة فيها صدرت بسبب أخطاء قضائية ، وقررت تلك الأخطاء دون مكابرة من قبل قضاء رائد وأصيل ، ويتبع دولة صاحبة ثورة شهيرة ، كانت سبب إلهام للعديد من التشريعات الجزائية في أغلب دول العالم .
إذن ، فنحن نرى حقيقة أن تبني نظام التماس إعادة النظر من شأنه أن يقلل نسبة الخطأ في الواقع الذي قد يلحق بالأحكام الجزائية.
و هذا ما يؤكد عليه الفقه الفرنسي في أسباب تبني التماس إعادة النظر في التشريع الفرنسي ، على الرغم من وجود طرق أخرى للطعن ، سواء كانت عادية أم غير عادية ، فهو على وجه الخصوص مسنود بإمكانية حدوث خطأ في الواقع erreur de fait .

الصفحة (1) من اجمالى(2)

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور