الملف الصحفي


تصنيف الخبر /   آراء قانونية   

جريدة الأنبا ء - الخميس 26 جمادى الآخرة 1441هـ - 20 فبراير 2020م

دراسة قانونية: مشروع قانون مزاولة الطب يُخالف الدستور والشريعة و«الجودة»

أكد خبير العلوم الجزائية والعلوم القانونية المقارنة بندر جبر أن المادة 27 من قانون الطفل تجيز للطبيب إجراء التدخل الجراحي في الحالات غير المستعجلة وكذلك في حالة رفض الولي الطبيعي الحضور أو رفض إجراء التدخل وكان التدخل مهماً ولمصلحة الطفل من ناحية صحية، مبينا أن نص المادة العام يتكلم عن جميع أنواع الرعاية الصحية إذا رفض الولي أو من في حكمه إبقاء الطفل في المستشفى وكانت حالته الصحية تستدعي ذلك.
وأوضح جبر، خلال دراسة قانونية مطولة خص بها «الأنباء» بشأن مشروع قانون مزاولة مهنة الطب المقدم من الجمعية الطبية الكويتية والذي ساهمت جهات أخرى في صياغته ك‍مؤسسة الكويت للتقدم العلمي والمجلس الأعلى للتخطيط وكلية الحقوق بالإضافة إلى جهات طبية وقانونية، أن المشروع يتضمن مخالفات دستورية وأخرى تتعلق بأحكام الجودة الصحية، مشيرا إلى أنه لا يسن نصوصا تواكب الطفرة العلمية على سبيل المثال لا الحصر في قواعد التطبيب عن بعد بواسطة الانترنت، ومعالجة أخطاء الروبوت الجراحي «الإنسان الrآلي» مثلما نصت عليه قوانين الاتحاد الأوروبي.
وذكر أن بحثه يستند الى مسألة ولاية الطبيب على المادة 27 من قانون الطفل وفتاوى شرعية صادرة عن دار الإفتاء في دولة الكويت وفتوى المجمع الإسلامي في جدة وفتاوى علماء منهم الشيخ ابن باز، رحمه الله.
وأشار جبر إلى أنه تم تقسيم بحثه إلى مبحث واحد وأربعة مطالب، تحدث في المطلب الأول حول إجازة الطبيب بإجراء جراحة الطفل، والثاني حول موافقة المريض على التدخل الجراحي، والثالث تبصير المريض بحالته الصحية، والمسؤولية القانونية عن عدوى المستشفيات سواء أكانت في قطاع عام أو خاص وأن أحكام الفقه والقضاء مستقرة على تعويض المتضررين من العدوى وأن المرفق الصحي مسؤول عن اتخاذ إجراءات الوقاية منها، فيما تكلم المبحث الرابع عن الاستشارة الطبية والقانونية الخاطئة في القانون والشريعة الإسلامية.
وأضاف أن بحثه تطرق إلى دستورية اقتراح بقانون مقدم في مجلس الأمة ويتعلق بمسؤولية الموظف مدنيا عن عمله الذي يضر بالغير، لأن ذلك النص الموجود في المشروع عام وتدخل فيه أيضا المسؤولية عن الاستشارات بجميع أنواعها، مبينا أن أحكام الفقه والقضاء أقرت هذه المسؤولية وعلى مجلس الأمة أن يتحمل المسؤولية ويقر هذا القانون الذي يحمي المال العام.
واشار إلى أن هذا البحث هو جزء من دراسة كبيرة بنقد قانون مزاولة مهنة الطب، مشيرا إلى أنه سيقوم قريبا بنشر هذه الدراسة المتكاملة والتي وضع فهرس موضوعاتها في نهاية البحث الماثل.
وفي التفاصيل:
تعتبر هذه الدراسة هي جزء من بحث مطول تناولنا فيه مشروع قانون مزاولة مهنة الطب المقدم من الجمعية الطبية الكويتية ومشروع هذا القانون نشرته الجمعية في موقعها في شهر 2 لسنة 2019 وقد ساهمت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وجهات اخرى ـ وهي المجلس الأعلى للتخطيط وجهات اكاديمية وطبية في المشروع ـ ونظرا لوجود مخالفات دستورية ومخالفات لأحكام قانون الجزاء والإجراءات الجزائية والقانون المدني واحكام الشريعة الإسلامية، ولأحكام الجودة الصحية، وعدم مواكبة المشروع في سن نصوص تواكب الطفرة العلمية على سبيل المثال لا الحصر في قواعد التطبيب عن بعد بواسطة الانترنت، ومعالجة أخطاء الروبوت الجراحي، الانسان الآلي الذي أصبح واقعا محتوما في العمليات الجراحية، وسن نصوص متعلقة بالروبوت الجراحي كما نصت علية قوانين الاتحاد الأوربي، كما يأتي لاحقا في المباحث القادمة، وهذا البحث الذي سيتم نشره قريبا ان شاء الله، ونشرنا موضوعات هذا البحث في الفهرس الذي في آخر هذه الدراسة، إلا أنه نظرا لأهمية الولاية في أمور التطبيب والعلاج، ونظرا لأن الساحة المحلية تكلمت كثيرا في هذا الموضوع سواء من القانونيين أو من الجسم الطبي ووزارة الصحة، بأن الشريعة والقانون المدني وقانون الجزاء يشترط موافقة الولي على إجراء العمل الجراحي في الحالات غير المستعجلة، فآثرنا ان نستبق ذلك قبل نزول بحث مشروع القانون وبما أنه لا يجوز للحاضنة أن تباشر هذا الاجراء واستندت وزارة الصحة الى فتوى قديمة صادرة من إدارة الفتوى والتشريع في سنة 2010، ومعنى ذلك إذا لم يحضر الولي الطبيعي للطفل المريض الذي لم يبلغ خمس عشرة سنة أو رفض الحضور أو الموافقة على هذا التدخل في الحالات غير المستعجلة، لأن الحالات المستعجلة لا يشترط القانون اخذ هذه الموافقة فيها ويجوز للطبيب او المستشفى ان يقوم بعمل الاجراء الجراحي دون موافقة الولي وذهبت هذه الآراء الى أن هنالك قصورا في القانون يعالج هذه المسألة، وأن الطفل لن تعمل له العملية الجراحية طالما ان الولي لم يتدخل ويمنح هذه الموافقة للطبيب أو المستشفى الذي يقوم بهذه العملية الجراحية، وكلا أعطى رأيا في مسألة شائكة مهمة تهم المجتمع، وتمس سلامة الأطفال الذين ليس لديهم ذنب فيما إذا كان هنالك قصور في القانون وفي الآراء الاستشارية التي أوصلت الى هذا القصور القانوني البشري، والحقيقة أن القول ان القانون لا يعالج مسألة إذا رفض الولي الطبيعي الحضور أو رفض إجراء التدخل الجراحي، كلام غير دقيق وهذه لم تتطرق اليه الفتوى السابقة من إدارة الفتوى والتشريع، أو الآراء الصادرة من وزارة الصحة أو الآراء القانونية التي بحثت هذه المسألة الشائكة، لأن هذه المسألة هي التي ستحل مشاكل هؤلاء الأطفال، وتجيز للطبيب المعالج أن يجري العملية الجراحية غير المستعجلة بدون موافقة الولي أو المسؤول عنه أي كان، وهذا ما نصت عليه المادة (27) من قانون الطفل الكويتي رقم 21 لسنة 2015 التي جاء فيها «بأنه إذا تبين للمختصين في مركز حماية الطفل أن الحالة الصحية للطفل تستوجب ابقاءه في المستشفى ورفض والداه أو متولي رعايته أو من في حكمهم ذلك وجب على المختصين المشار اليهم اتخاذ ما يلزم لبقائه في المستشفى بالتنسيق مع الجهات المختصة ووفقا للإجراءات المقررة قانونا»، وهذا النص عام يشمل جميع أنواع الرعاية الصحية دون استثناء وسواء أكانت عمليات جراحية مستعجلة أو غير مستعجلة وقانون الطفل بجميع نصوصه أعطى حماية لهم وكفل لهم أمور التعليم والتطبيب.. الخ، فإن اي خلل يجيز للجهات المختصة بما فيها مركز حماية الطفل أن يتدخل لحماية هؤلاء الأطفال، واتخاذ الإجراءات القانونية بإعلام السلطات المختصة بما يتعرض له هؤلاء الأطفال من ضرر، يصيبهم وبما أن المبدأ العام المتفق عليها شرعا وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية وما جاءت به نصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة.
وما جاءت به نصوص القوانين ذات الصلة ومنها قانون الأحوال الشخصية، والقانون المدني، بأن الولاية للأب، وفي حالة وفاته أو إصابته بعاهة عقلية فإن الولاية تنتقل الى من أجازت لهم الشريعة ذلك في سلم العصبة، إلا أن هنالك مسألة وهي موضوع هذه الدراسة، إذا لم يحضر الولي الطبيعي ويعطي هذه الموافقة أو رفض التدخل فهل الحاضنة تقوم بهذا الدور؟ أو أن الطبيب المعالج يتدخل في حال تم اخطار الولي بإخطار رسمي من المستشفى ببرقية أو رسالة رسمية أو عن طريق رسالة عن طريق التلفون.. الخ وثبت تلقي هذا الولي هذه الرسالة وفقا لقانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية ولم يحضر ويلقي بالا لصحة طفله سواء أكان أنثى أو ذكرا نتيجة وجود خلافات مع حاضنته او مطلقته، او حضر ورفض التوقيع على بيان إجراء التدخل الجراحي وكان هذا التدخل ضروريا لإنقاذ حياته، فهنا الشريعة الإسلامية على حسب الفتوى الصادرة من وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت والفتاوى الصادرة من المجمعات الإسلامية وفتوى العلماء تجيز للحاضنة ان تتدخل وتطلب من الطبيب إجراء هذه الجراحة وكذلك قانون الطفل في المادة (27) منه، فيجيز له القانون أن يتدخل ويجري هذه العملية الجراحية غير المستعجلة من دون موافقة الولي وأن عدم إجراء هذه الجراحة بعد ان ثبت قانونا تحقق الرفض او عدم المجيء من الولي يرتب المسؤولية القانونية الجزائية والمدنية للمستشفى او الطبيب المعالج لان هذا النص يرتب المسؤولية سواء فوتت فرصة العلاج للطفل او لم تفوت، وكذلك اذا ترتب على عدم التدخل تفويت فرصة لعلاج هذا الطفل كأن يصاب بعاهة جسدية أو مرضية تؤدي الى وفاته، وهذا النص السابق (المادة 27)، هو نص لاحق على نصوص القانون المدني ونصوص قانون الجزاء، التي لا تجيز عمل الجراحة الغير مستعجلة إلا إذا تم أخذ موافقة الولي لأن نص المادة (27) من قانون الطفل هو قانون لاحق على هذه النصوص ويعد هذا النص قيد هذه النصوص السابقة فقط وفي حالة امتناع الولي من الحضور أو رفضه لإجراء التدخل، ولكن نص المادة (27) أبقى على المبدأ العام وهو أن الولاية للأب وما بعده في سلم العصبة، فاذا تعنت وتعسف الولي ولم يقبل استخراج مستندات للمحضون تطبق عليه المادة (3) من نص القانون وإذا تعسف في العمل الطبي تطبق المادة (27)، وهذا ما نصت عليه الفتوى سابق الإشارة اليها وكذلك تنبه المشرع الكويتي في قانون الطفل، وسد هذه الثغرة الشرعية لأن المبدأ لا ضرر ولا ضرار في الشريعة الإسلامية، فإذا لم يوافق الولي وكانت حالة الطفل تستدعي هذا التدخل لمصلحته وثبتت هذه المصلحة، فإن ذلك يعد ضرر يصيب الطفل من الولي الطبيعي وهذه لا تقره الشريعة ولا القانون، وترتب مسألة شرعية وقانونية تجاه من فعل ذلك في حق الطفل. لذا، فإن هذه الدراسة قد تم تقسيمها الى مبحث واحد، وهو مدى جواز اجراء التدخل الجراحي للطفل في الحالات غير المستعجلة إذا رفض الولي الطبيعي الحضور او رفض هذا التدخل، وقسمناه الى أربعة مطالب:
٭ المطلب الأول: إجازة قانون الطفل للطبيب او المرفق الصحي بعدم أخذ موافقة ولي الطفل إذا لم يحضر الولي بعد إخطاره بالطرق القانونية أو رفض هذا التدخل الجراحي اذا كانت الحالة الصحية للطفل تستدعي هذا التدخل لإنقاذ حياته أو تحسين صحته
٭ المطلب الثاني: موافقة المريض على التدخل الجراحي.
٭ المطلب الثالث: تبصير المريض بحالته الصحية، واعلامه بجميع الاعمال الطبية المراد القيام بها لمصلحة المريض.
٭ المطلب الرابع: المسؤولية القانونية الناتجة عن الاستشارات الطبية أو القانونية او الاكاديمية أو الجهات التابعة للسلطة التنفيذية لمن تمنح قوانين المهنة او لوائحها حق إعطاء هذه الاستشارة.
المبحث الأول
ان الأصل العام الذي جاءت به الشريعة الإسلامية، والقانون المدني وقانون الجزاء والإجراءات الجزائية وقانون الطفل الكويتي، هو أن الولاية للأب وفي حال عدم وجوده تنتقل الى العصبة في جدول النسب المقررة في الشريعة الإسلامية، إذ إن الشريعة بينت أنه إذا تعذرت هذه الموافقة لإجراء التدخل الجراحي من الولي أو لأي سبب من الأسباب، فأنه يجوز للحاضنة أن تطلب من الطبيب أو المستشفى التدخل لأجراء العمل الجراحي على حسب الفتوى رقم 1/7/هـ 2008 فقرة 789/ مجموعة الفتاوي الصادرة من دار الإفتاء الكويتية جزء 24 سنة 2008، وفتوى المجمع الفقهي الإسلامي بجدة – التي سوف نلقي عليها الضوء لاحقا، وكذلك قانون الطفل في المادة (27) منه في حالة عدم مجيء الولي بعد إخطاره أو رفضه التدخل الجراحي إذا حضر وأبدى هذا الرفض وكانت أسباب هذا الرفض تضر بالطفل، لاسيما إذا كان التدخل هاما لإنقاذ حياته وعدم تفويت فرصة العلاج له، وأخذ الموافقة للطفل الذي لم يبلغ خمسة عشر سنة، أما ما فوق الخمسة عشر سنة فلا يشترط هذه الموافقة، وكذلك البالغ المدرك يجب أخذ موافقته، وأن مجرد اخذ الموافقة من الولي أو البالغ على اجراء التدخل الجراحي يتبعه اجراء آخر وهو ضرورة تبصير المريض بحالته الصحية ورتبت الشريعة الإسلامية والقانون قواعد محددة لهذه الموافقة والتبصير بهذه الحالة، في حال مخالفتها تثور المسؤولية القانونية والشرعية أيضا لمن لم يتبع هذه القواعد الطبية ولا يشترط الموافقة في الحالات المستعجلة التي تستدعي لإنقاذ حياة المريض سواء أكان قاصرا أو بالغا. كما بينا أن المادة (3) فقرة (د) من قانون الطفل الكويتي التي تجيز لولي أمر الطفل أو الحاضن أو متولي رعاية الطفل أو من في حكمهم استخراج كافة المستندات الرسمية والثبوتية الخاصة بالطفل والقيام بأي اجراء اداري أمام كل الجهات الرسمية نيابة عن الطفل وتكون لحماية الطفل ومصالحه الأولوية في جميع القرارات والإجراءات المتعلقة بالطفولة، أي كانت الجهة التي تصدرها أو تباشرها لا تنطبق ولا يستشف منها تفسير النص انها تجيز للحاضنة ذلك لان هذا النص يتكلم عن الاعمال الإدارية، وليس الاعمال المادية ـ والتي يدخل فيها العمل الجراحي ـ او العمل الطبي وهذا ما أكدته أحكام الفقه والقضاء الإداري التي سوف نلقي عليها الضوء لا حقا وان نص المادة (3) فقرة (د) منقول من أحكام الشريعة. والنص له أصل شبيه في القانون السعودي، وهذا ما ذهبت اليه أحكام القضاء السعودي ويعد النص أصله التاريخي مأخوذ من هذه الأحكام الشرعية الإسلامية وهذا ما سوف نلقي عليه الضوء لاحقا. وبين أن النص الذي ينطبق هو نص المادة (27) من قانون الطفل والذي لم يصدر فتوى قانونية جديدة فيه من إدارة الفتوى والتشريع تواكب ما طرأ من تغيير وفق قانون الطفل لان سكوت الفتوى والتشريع، جعل هنالك اختلاف في الرأي لا سيما أنها الجهة التي يؤخذ بارئيها الجهات الحكومية ولكن فتواها غير ملزمة للقانون اذا وجد نص يخالفها وأيضا فتواها غير ملزمة للقضاء أيضا، فالفتوى القديمة سنة 2010، طرأ عليه التغيير في المادة (27) سالف الإشارة اليها والتي صدرت في 2015، خاصة انها تعالج حالة رفض الولي للعلاج الجراحي الغير مستعجل، في حين أن الفتوى الصادرة من إدارة الفتوى والتشريع لا تعالج مسألة الرفض، ففتوى إدارة الفتوى والتشريع في سنة 2010 يستشف منها أولا: يجب اخذ موافقة الولي، وبالمنظور العكسي لو رفض هذا الولي فإن الفتوى تقول يجب أخذ رأي الولي، حتي لو رفض الاجراء الطبي، ولم تعالج الحالة الجديدة التي تنبه لها المشرع في قانون الطفل، وقد شرحنا المسؤولية القانونية للطبيب الذي يعطي استشارة قانونية خاطئة يطبقها المريض وتصيبه بضرر لأن قانون مزاولة مهنة الطب يعد الاستشارة الطبية عمل من أعمال مهنة الطب لأنها تعد بمنزلة شهادة، فالخلل فيها يعد خطأ مهني جسيم تتعلق بأعمال المهنة، كذلك بينا أن أي مهنة تنص قوانينها أو لوائحها بإعطاء الاستشارة فهم مسؤولين عن هذه الاستشارة لو أحدثت ضررا بمن طبقها وثبت نسبة هذه الاستشارة للجهة محدثة الضرر، سوءا أكانت قطاع خاص أو حكومي أو مكتب محامي، أو طبيب أو مهندس، أو أكاديمي، او اطلاق استشارة لا تستند الى قانون او مرسوم بقانون نافذ او وفقا للنقد العلمي الذي يصيب بعض القوانين من عوار دستوري او شرعي، وانما لمجرد البروز وإظهار الذات الذي لا يستند الى الأسس العلمية وحرية الرأي وضوابطها في هذه الحالات، وهذا ما استقرت عليه أحكام الفقه والقضاء، لا سيما إذا كانت هذه الاستشارة عابرة غير مبنية وفق بحث علمي رصين معمق ونقل خلاصة البحث بصورة مختصرة وميسرة ومفهومه الى الرأي العام حيث أن البحث العلمي الرصين حتى لو وقع الباحث في خطأ فيه فإن ذلك يعد اجتهادا علميا لا يرتب مسؤوليته القانونية ويعد من سبب من أسباب الإباحة التي قررها قانون الجزاء بعكس الاستشارة العابرة التي لا تستند الى أصول علمية معمقة ودراسة مقارنة.. لذا فإننا قسمنا هذا البحث الى أربعة مطالب:
٭ المطلب الأول: إجازة قانون الطفل للطبيب او المرفق الصحي بعدم أخذ موافقة ولي الطفل إذا لم يحضر الولي بعد أخطاره بالطرق القانونية أو حضر ورفض التدخل الجراحي وكانت الحالة الصحية للطفل تستدعي هذا التدخل.
٭ المطلب الثاني: موافقة المريض على التدخل الجراحي.
٭ المطلب الثالث: تبصير المريض بحالته الصحية.
٭ المطلب الرابع: المسؤولية القانونية الناتجة عن الاستشارات الطبية او القانونية او الاكاديمية والجهات التابعة للسلطة التنفيذية، لمن تمنح قوانين المهنة او لوائحها لهذه الجهات حق إعطاء هذه الاستشارة القانونية.
المطلب الأول
اجازة قانون الطفل للطبيب أو المرفق الصحي بعدم أخذ موافقة الطفل إذا لم يحضر الولي بعد إخطاره بالطرق القانونية او حضر ورفض هذا التدخل الجراحي وكانت الحالة الصحية للطفل تستدعي هذا التدخل.
الأصل العام في الشريعة الإسلامية وفي أحكام القانون المدني أن الولاية بشتى صورها وأحكامها ومنها أمور التطبيب والاعمال الطبية هي للأب وإذا لم يوجد للعصبة في سلب النسب التي نص عليها قانون الأحوال الشخصية، فإن أي مشروع قانون أو اقتراح بقانون، يسلب الولاية من هؤلاء دون سبب شرعي، فهو غير دستوري وينصدم مع احكام الشريعة الإسلامية، ومن بين هذه الأسباب الشرعية المنصوص عليها في المادتين (3) و(27) من قانون الطفل او وفق نصوص القانون المدني التي تسلب الولاية إذا كان الولي غير آمن على القاصر فإن هذه المشاريع التي تأتي بدون ابداء أسباب شرعية او تقرر عدم جواز سلب هده الولاية في كل الأحوال بالرغم من وجود ضرر يصيب الطفل القاصر فهي غير دستورية أيضا وتخالف أحكام الشريعة والقانون المدني. وكذلك فإن المشرع جعل ولاية مصالح الصغير الى أبويه لأنهما أقرب الناس إليه وأكثرهم شفقة ورعاية لمصالحه وراعي ما هو الاصلح والانفع للصغير في توزيع الحقوق الواجبة على أبويه حتى يقوم كل منهما بما هو أقدر عليه من الأخر بجعل تربيته والعناية به في المرحلة الأولى من حياته للأم وفوض حضانته اليها، أما ولاية التصرف في نفسه وفي ماله فقد جعلت للأب لأنه الأصلح لها من الأم وذلك عملا بنص المواد 208،209/2010 من القانون رقم 51 لسنة 1984 في شأن الأحوال الشخصية والمادة (110) من القانون المدني (1) (تمييز مدني جلسة 4/2/2012 طعن رقم 873/2011 مدني/ مجلة القانون والقانون، الفترة من 1/7/2012 الى 31/12/2012 شوال 1436هـ أغسطس 2015م السنة 40 جزء 3 ص286). ولكن قانون الطفل الكويتي الصادر في 2015، استثنى الولاية وجعل الحق للحاضنة بأن تقوم بالإجراءات المنصوص عليها في المادة (3) من نفس القانون، في حالة تعسف وتعنت الولي عن القيام بإجراءات استخراج المستندات الخ وكذلك استثنت المادة (27) من نفس القانون تقديم الرعاية الصحية والتدخل الجراحي والاعمال الطبية بصورة عامة ـ اذا رفض الولي المجيء او تعسف وتعنت ولم يوافق على إبقاء الطفل في المستشفى وتقديم الرعاية الصحية الواجبة له بجميع أنواعها من عمليات جراحية من عدمه مستعجلة او غير مستعجلة.. الخ ـ الاعمال الطبية اذا كانت ضرورية لإنقاذ حياته وتحسين صحته من دون موافقة أحد حتى الولي الطبيعي او الحاضنة أو متولي رعاية الطفل، أما غير ما جاء بالمادتين (3) (27) فإن الأمور الأخرى تبقى للولي ومنها على سبيل المثال لا الحصر الولاية على المال.
وأن إجازة التدخل الجراحي للطفل في الحالات غير المستعجلة، تستند الى قانون الطفل، والشريعة الإسلامية في حالة اذا رفض الولي الطبيعي عن الطفل الحضور أو رفض التدخل الجراحي وكان هذا التدخل لمصلحة المريض الطفل، وهذه الحالات هي استثناء من أخذ موافقة ولي القاصر او من ينوب عنه، ولقد جاء هذا النص في المادة (27) من قانون حماية الطفل قانون رقم (2) لسنة 2015 التي نصت على انه «اذا تبين للمختصين في مركز حماية الطفل ان الحالة الصحية للطفل تستوجب إبقاءه في المستشفى، ورفض والده او متولي رعايته او من في حكمهم ذلك، وجب على المختصين المشار اليهم اتخاذ ما يلزم لبقائه في المستشفى بالتنسيق مع الجهات المختصة وفقا للإجراءات المقررة قانونا»، وهذا النص هو نص عام يشمل الأطفال الذين تحت لواء مركز حماية الطفل او خارجه، حيث ان هذا المركز لو تقدم أحد له يبين تضرر طفل داخل المركز أو خارجه، فإن هذا المركز يتخذ الإجراءات القانونية بأعلام السلطات المختصة بذلك، وكذلك فإن عبارة ان الحالة الصحية للطفل تستوجب ابقاءه في المستشفى، وفق قواعد التفسير التشريعي والفقهي يعني تقديم جميع أنواع الرعاية الصحية للطفل سواء أكانت مستعجلة او غير مستعجلة وسواء أكانت عمليات جراحية مستعجلة او غير مستعجلة ـ على الرغم من ان العمليات الجراحية المستعجلة ـ لا تستدعي موافقة الولي او حتى البالغ ـ وهذا ما سنلقي عليه الضوء لاحقا في مطلب موافقة المريض وتبصيره، كما أن هذا النص تدعمه باقي نصوص قانون الطفل حيث تنص المادة (6/ فقرة 2، 3، 4) من نفس القانون على أنه لكل طفل الحق في الحصول على خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية وعلاج المرضي، وتتخذ الدولة كل التدابير لضمان تمتع الأطفال بأعلى مستوى ممكن من الصحة، وتكفل الدولة تزويد الوالدين والطفل وجميع قطاعات المجتمع بالمعلومات الأساسية المتعلقة بصحة الطفل وتغذيته ومزايا الرضاعة الطبيعية ومبادئ حفظ وسلامة البيئة والوقاية من الحوادث، والمساعدة في الإفادة من هذه المعلومات. 3- تكفل الدولة للطفل ـ في جميع الحالات ـ حقه في بيئة صالحة وصحية ونظيفة واتخاذ جميع التدابير الفعالة لإلغاء الممارسات الضارة بصحته 4ـ مع مراعاة واجبات وحقوق متولي رعاية الطفل.. يحظر تعرض الطفل عمدا لأي إيذاء بدني..
ونصت المادة (76) من نفس القانون على أنه «يعد الطفل معرضا للخطر لأي شكل من اشكال الأذى الجسدي أو النفسي». أو الإهمال اذا وجد في حالة تهدد سلامته.. «اذا تعرض أمنه أو صحته او حياته للخطر. إذا كانت ظروف تربيته في الاسرة او المدرسة او مؤسسات الرعاية او غيرها من شأنها ان تعرضه للخطر او كان معرضا للإهمال..» ورتبت نصوص المواد (91) بالحبس والغرامة اذا حصل.. إهمال «ونصت المادتان (93) (94) على عقوبات للأب او متولي الرعاية او احد والديه او من له الولاية او الوصاية او المسؤول عن ملاحظته وتربيته او من له سلطة عليه، أو كان خادما عند من تقدم ذكرهم. وأجازت الشريعة الإسلامية بأنه إذا تعذر أخذ موافقة الولي لأي سبب من الأسباب، أن تؤخذ موافقة الحاضنة في اجراء العمل الطبي لأنها أقرب وأرحم للطفل المريض فتوى رقم (8) 1/7/2008 ـ فقرة (789) جزء (24) مجموعة الفتاوي من وزارة الاوقاف الكويتية سنة 2008 (7) (وقد جاء في فتوى مجمع الفقه الإسلامي رقم 48/2 المنعقد بجدة في دورة مؤتمره السابع 1412هـ، بأنه: ثالثا: إذن المريض أ ـ يشترط إذن المريض للعلاج إذا كان تام الاهلية، فاذا كان عديم الاهلية أو ناقصها، اعتبر إذن وليه حسب ترتيب الولاية الشرعية ووفقا لأحكامها التي تحصر تصرف الولي فيما فيه منفعة الولي عليه ومصلحته ورفع الأذى عنه على انه لا يعتد بتصرف الولي في عدم الاذن اذا كان واضح الضرر بالمولي عليه وينتقل الحق الى غيره من الاولياء ثم الى ولي الأمر. ب ـ لولي الأمر الالزام بالتداوي ـ في بعض الأحوال كالأمراض المعدية والتحصينات الوقائية. ج ـ في حالة الإسعاف التي تتعرض فيها حياة المصاب للخطر لا يتوقف العلاج على الأذن. د ـ لا بد من اجراء الأبحاث من موافقة الشخص التام الاهلية بصورة خالية من الإكراء ـ كالمساجين ـ او الإغراء المادي ـ كالمساكين ـ ويجب ان لا يترتب على اجراء تلك الأبحاث ضرر (5)، ولا يجوز اجراء الأبحاث الطبية على عديمي الاهلية أو ناقصيها ولو بموافقة الاولياء (مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد السابع ج/3/ ص 729. مشار اليه لدى الإسلام سؤال وجواب، المشرف العام الشيخ محمد صالح المنجد منشور بالإنترنت).
وفي فتوى للشيخ المرحوم بإذن الله عبد الله بن باز حيث وجه اليه سؤال من طبيب مسلم بعث اليه الرسالة، بأن بعض الاباء يخرج فيها الاب ابنه من المستشفى على مسؤوليته رافضا النصيحة والعلاج الطبي، وأن نسبة من هؤلاء الأطفال تحدث لهم مضاعفات سيئة تؤثر على صحتهم ومخهم ممن يتسبب في هذا الخروج وفاتهم، فأجاب رحمه الله «العلاج مستحب والطب مستحب والتطبيب والعلاج مستحب وليس بواجب، فإذا رأى والد الطفل عدم العلاج وهو رجل عاقل يفهم ورأى أنه لا حاجة الى العلاج فلا يجبر الوالد على العلاج لابنه أو ابنته، إما إذا كان الوالد جاهلا ولا يفهم الأمور فلا مانع من كون الدولة التي تحت اشرافها المستشفى تلزم بالعلاج لمصلحة الأطفال او مصلحة المسلمين مصلحة الرعية، إذا رأت الدولة ورأى المسؤولون عنها القائمون على المستشفى أن إخراجه خطر وأنه في اشد الضرورة الى العلاج والأب لا يفهم هذه الأمور ولا يعقل هذه الأمور ولا مانع من علاجه ومنع الاب من إخراجه، لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب الإصلاح العام للمسلمين، ومن باب الاخذ على يد الانسان الذي لا يفهم الأمور ولا يعقلها كما ينبغي. أما إذا كان الوالد له فهمه وله عقله وله دينه، ولكن رأي أن هناك أسبابا تقتضي اخراجه فهو على مسؤوليته وعلى اجتهاده والله يغفر اذا مات الطفل نعم (4)» انتهى الاقتباس لفتوى الشيخ ابن باز تحت عنوان حكم الاب الذي يرفض علاج ابنه المريض او يرفض اكمال علاجه في المستشفى، (نور على الدرب، مجموعة فتاوى الشيخ ابن باز منشورة بالانترنت).
ويلاحظ على الفتاوى السابقة جميعها انه اذا كانت مصلحة الطفل المريض القاصر، تستدعي العلاج والتدخل الطبي أيا كان نوعه، ورفض الولي سواء أكان متعنتا ومتعسفا أو غير متعسف، فانه يتم ابقاؤه في المستشفى وتقديم الرعاية الصحية له وهذه الفتاوى السابقة التي ذكرناها تدل على تبني المادة (27) من قانون الطفل لهذه الآراء الشرعية التي منشؤها أحكام الشريعة الإسلامية، وأن قرار مجمع الفقه الإسلامي يذهب بالقول الى وجوب التداوي إذا كان ترك هذا التداوي يفضي الى تلف النفس أو احد الأعضاء او العجز، أو كان المرض ينتقل ضرره الى غيره، كالأمراض المعدية (2) (انظر آراء المجمع الفقهي الإسلامي رقم 2148/ سابق الإشارة اليه وانظر الآراء التي تذهب الى عدم التداوي، السؤال رقم 973/8 المريض اذا رفض العلاج وصبر هل يحصل له الأجر (الإسلام) سؤال وجواب الشيخ محمد صالح المنجد منشور بالإنترنت وفتوى المجمع). والشيخ ابن باز رحمة الله يذهبان الى وجوب العلاج للبالغ والقاصر اذا كان عدم اخذ هذا العلاج يؤدي الى ضرر للمريض، (ونحن نؤيد الآراء التي تذهب الى وجوب علاج المريض وأن فعل التداوي أفضل من تركة والتداوي كما يقول الشيخ ابن باز رحمه الله «لا ينافي التوكل على الله تعالى» (3) (انظر شرح ذلك بإسهاب الإسلام سؤال وجواب 27/1/2008، الشيخ محمد صالح المنجد، / منشور بالانترنت) وكذلك فإن القانون يؤكد على وجوب التداوي ولا يجوز للطبيب ان يمتنع عن علاج مريض له وكذلك اذا كان الامتناع عن العلاج يؤدي الى حصول ضرر للمريض حتى ولو رفض هذا العلاج يجب على الطبيب ان يتدخل، وموضوع من له حق الولاية نصت عليه المادة 110 من القانون المدني بان ولاية مال الصغير لأبيه ثم للوصي المختار من الاب ثم للجد لأب، ثم للوصي الذي تعينه المحكمة مع مراعاة ما تقضي به المادة 112 من القانون نفسه، وكذلك موضوع ولاية القاصر نصت عليها المواد 212 و209 و208 من قانون الأحوال الشخصية الكويتي التي سنلقي عليها الضوء لاحقا في مطلب ضرورة اخذ موافقة المريض البالغ وولي القاصر، واخذ موافقة ولي القاصر نصت عليه المادة 30 من قانون الجزاء الكويتي التي تنص على انه «لا جريمة اذا وقع الفعل من شخص مرخص له في مباشرة الاعمال الطبية او الجراحية وكان قصده متجها الى شفاء المريض، ورضا المريض مقدم ضمنا بإجراء هذا الفعل، وثبت ان الفاعل التزم من الحذر والاحتياط ما تقضي به أصول الصناعة الطبية. ويكفي الرضا الصادر مقدما من ولي النفس إذا كانت إرادة المريض غير معتبرة قانونا».
وعمل العملية الجراحية المستعجلة للبالغ او القاصر لا يشترط اخذ الرضا فيها ولا حاجة لأي رضا اذا كان العمل الطبي او الجراحي ضروريا اجراؤه في الحال، او كان المريض في ظروف تجعله لا يستطيع التعبير عن ارادته وكان من المتعذر الحصول فورا على رضا ولي النفس، وان المادة (27) من قانون الطفل تطبق في حالة رفض الولي عن الحضور او حضر ورفض التدخل أو الموافقة على الرعاية الصحية للطفل، ولأن تقديم الرعاية الصحية للطفل وعمل العملية الجراحية المستعجلة وغير المستعجلة، هي من التصرفات النافعة له نفعا محضا، ومنها الموافقة على إجراء العملية الجراحية حتى لو رفض الولي أو لم يحضر، لأن هذا النفع يتمثل في حماية روح هذا الطفل وجسده من احداث ضرر يصيبه من جراء عدم إجراء هذه العملية التي تتحسن صحته فيها وتنقذ حياته وهذا ما نصت عليه المادة (87) التي تتكلم عن جميع تصرفات الصغير المميزة وأنها صحيحة إذا كانت نافعة له نفعا محضا». وطبعا يدخل فيها أمور التطبيب، والتصرفات التي تضر هذا الطفل هي باطلة إذا كانت ضارة به ضررا محضا وهذا ما نصت عليه نفس المادة (87) من القانون المدني، والصغير المميز هو من بلغ سن السابعة من عمره، مادة (86). بل هذا الصغير المريض إذا دخل في مستشفى خاص، تطبق المادة (27) ايضا، ولو كان عنده مال يجوز أن يدفع من ماله لتطبيب وعلاج نفسه حتى لو رفض الولي طبقا للمادة (93)/ فقرة 1 من القانون المدني التي تنص على أنه للصغير المميز أي كانت سنه، أهلية التصرف فيما يعطي له من مال لأغراض نفقته، كما أن له أهلية أداء التصرفات الأخرى، طالما كانت في حدود تلك الأغراض. والمادة 87/ فقرة (3) من القانون المدني تبين ان الصغير يعتبر مميزا من سن التمييز الى بلوغه سن الرشد. وإذا كان مميزا وليس مجنونا تعد تصرفاته وفق المادة (98) من القانون المدني باطلة إذا كان به جنون دائم، أما إذا كان به جنون غير مطبق، أي تأتيه فترة تكون حالته العقلية معدومة، وفي فترة أخرى يفيق فيها وتكون حالته العقلية سليمة، فإن تصرفاته في حال الجنون باطلة، أما اذا كان الجنون غير مطبق وحصل التصرف في فترة الافاقة فكان هذا التصرف صحيحا (المادة 98 بفقرتها الثانية) من القانون نفسه وهذه المبادئ تطبق على البالغ والقاصر المميز أي كانت سنه. وللصغير المميز عند بلوغه الخامسة عشرة أهلية كثيرة ومنها أهلية ابرام عقد العمل (م 94)، ويدخل فيها من باب أولى أيضا أهلية الموافقة على اجراء العمليات الطبية وأمور التطبيب. أما قبل هذه السن فلا بد من موافقة الولي الطبيعي عنه وهم أقرباؤه في سلم العصبة، لذا فإن الفتوى التي صدرت من إدارة الفتوى والتشريع في سنة 2010، قبل اصدار قانون الطفل الذي صدر في سنة 2015، وقبل صدور نص المادة (27) من هذا القانون الأخير وعدم قيام الفتوى بتجديد هذه الفتوى وفقا لما حصل من تعديل، حيث إن نص المادة (27) أبقى على الولاية للأب وللعصبة في سلم النسب، ولكنه استثنى من هذه الولاية حالة رفض الولي الحضور أو رفض التصريح بإجراء العمل الطبي بصورة عامة ومنها اجراء العملية الجراحية، لأن عبارة اذا استدعت الحالة الصحية للطفل بإبقائه في المستشفى هي عامة تعني جميع الاعمال الطبية التي نص عليها قانون مزاولة مهنة الطب او القوانين ذات الصلة، وهذه الفتوى الصادرة من إدارة الفتوي والتشريع تركز فقط على أخذ موافقة ولي القاصر، فإذا لم يوافق ولي القاصر فلا يجوز إجراء العملية الجراحية غير المستعجلة وألزمت هذه الفتوى وزارة الصحة والطبيب الذي يشرف على علاج هذا القاصر، بأن يمتنع عن إجراء هذه العملية إلا بعد أخذ هذه الموافقة، ومما لا شك فيه أن هذا الرأي بهذه الصورة سيؤدي الى ضرر للأطفال سواء بتفويت فرصة العلاج لهم (8) (انظر في تفويت الفرصة د.محمد هشام القاسم، المرجع السابق ص794)، وأن الطبيب يسأل كأي شخص عن أي خطأ يصدر منه فنيا أو فنيا جسيم او غير جسيم او بتفويت علاج يؤدي الى احداث إصابة جسدية او مرضية او وفاة لهذا الطفل، فإن المسؤولية قائمة وان قانون الطفل في المادة (27) منه، هو القانون الواجب تطبيقه في الحالة الراهنة ولا تطبق احكام قانون الجزاء والقانون المدني، التي تنص علي ضرورة موافقة الولي لأن نص المادة (27)، لا يشترط الموافقة في حالة كون الولي قد تعسف في استعمال الحق الشرعي المتعلق بالموضوع، لأن نص المادة (27) من قانون الطفل هو نص خاص قيد النصوص السابقة التي شرحناها في هذا المطلب، فيؤخذ بأحكام القانون الخاص فيما جاء به من أحكام وانه مع قيام القانون الخاص لا يرجع الى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص بذريعة أعمال قاعدة عامة ـ كما في مسألة تمسك الفتوى والتشريع ووزارة الصحة بأخذ موافقة الولي على إجراء العملية الجراحية غير المستعجلة واذا لم تؤخذ هذه الموافقة فلا يجوز عمل هذا الإجراء ـ والعلة في ذلك كما ذهبت اليه أحكام الفقه والقضاء لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص (3) و(9) تمييز طعن رقم 510 لسنة 72 قضائية جلسة 22/11/2003،54 ص 1289 مجموعة الأحكام الصادرة من محكمة التمييز) وقانون الطفل في المادة (27) قيد هذه النصوص السابقة وفقا للمادة 2/ فقرة (1) من القانون المدني التي تنص على أنه: 1- لا يلغى تشريع إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على الغائه ويتضمن حكما يتعارض معه والمادة (27) من قانون الطفل تتعارض مع النصوص السابقة التي تشترط موافقة ولي الطفل في جميع الأحوال، وهذا يمكن تطبيقه قبل تعديل قانون الطفل، أما بعد هذا التعديل، فإن قانون الطفل أبقى على المبدأ العام في الولاية واستثنى منها حالة رفض الولي المجيء او رفض التدخل الجراحي غير المستعجل دون سبب يذكر لا سيما إذا كانت هذه الجراحة تؤدي الى تحسن صحة الطفل المريض أو تنقذ حياته، فإذا حضر الأب ووافق على هذا الإجراء فقد انتهت المشكلة ولكن إذا لم يحضر ويوافق، فإن المشرع في قانون الطفل تنبه وتدخل وحل هذه المسألة وكذلك الفتوى الصادرة من وزارة الأوقاف سابق الإشارة اليها، لأن نص المادة (27) من قانون الطفل تعالج مسألة رفض الولي او من في حكمه إبقاء الطفل في المستشفى وكانت حالة الطفل الصحية تستدعي ذلك وهذا الإبقاء على هذه الصورة يعني تقديم جميع أنواع الرعاية الصحية، لأن النص جاء عاما ولم يقيدها بعمل طبي وحيد، لذا فإنه يجب على إدارة الفتوى أن تعطي رأيا فيما استجد من تعديل في قانون الطفل، ولأن هذه الإدارة رأيها ملزم للجهة الحكومية ولكن لا يعد ملزما للقانون اذا كان يخالف رأيها، وكذلك رأيها ليس ملزما للقضاء لو عرضت عليه هذه المسائل القانونية السابقة. وأن امتناع وزارة الصحة والطبيب المعالج وفقا لرأي إدارة الفتوى والتشريع الصادر في سنة 2010، وعدم الاعتماد على فتوى جديدة منها، يرتب المسؤولية الجزائية والمدنية للمرافق الصحية وللطبيب الممتنع لو رفع الامر للقضاء، بعد وضوح إجازة التدخل الجراحي غير المستعجل إذا تم ابلاغ الولي برسالة عن طريق الموبايل أو تلفونيا أو برقية مستعجلة ورسمية أو بأي طريق من طرق الاثبات المقررة قانونا وفق قانون الاثبات، ولم يحضر الولي أو يوافق على هذا التدخل، فان لوزارة الصحة وللطبيب ان يتدخلوا فورا ويجري الطبيب العملية الجراحية للطفل المريض بدون موافقة هذا الولي، لأن نص المادة (27) لم ينص على أخذ موافقة أي شخص وبمن فيهم الحاضنة، وإذا أخذ رأي الحاضنة بعد اثبات رفض او عدم حضور الولي من ناحية قانونية، كشاهدة وهذا جائز وفقا لفتوى وزارة الأوقاف سالف الإشارة اليها بل ان ما يدعم ذلك ان نص المادة (3) من قانون الطفل أجاز للحاضنة بأن تقوم بأمور الولاية في حال تعسف الولي في استخراج مستندات المحضون فيما عدا سفر المحضون ولا يجوز للمرفق الصحي ان يستند الى المادة (7) من قانون مزاولة مهنة الطب التي تنص على انه: لا يجوز لأي طبيب أن يمتنع عن علاج مريض، ما لم تكن حالته خارجة عن اختصاصه أو قامت لديه أسباب واعتبارات تبرر هذا الامتناع فإنه لا يجوز للمرفق الصحي او الطبيب ان يستند الى أسباب واعتبارات من بينها وجود فتوى من إدارة الفتوى والتشريع وهي فتوى قاصرة لم تلم بجميع جوانب الموضوع وكذلك وجود قرار من وزارة الصحة المستند لرأي الفتوى القديمة الصادرة من هذه الإدارة الأخيرة، ولا يجوز للمرفق الصحي او الطبيب المعالج الذي طلب اجراء التدخل الجراحي أن يتمسك بذلك طالما أن هذا القرار لم يتم التحقق منه بأنه يتوافق مع قانون الطفل وتعديلاته ومع القانون بوجه عام ولا يمكن للطبيب الممتنع ان يحتج بنص المادة (38) من قانون الجزاء التي تنص على انه: «لا يسأل الموظف اذا ارتكب فعلا استعمالا لسلطة يعتقد ان القانون يقرها له او تنفيذا لأمر يعتقد ان القانون يوجب عليه طاعته ويجب على الموظف ان يثبت أن اعتقاده بني على أسباب معقولة وأنه قد قام بالتثبت والتحري اللازمين للتحقق من مشروعية فعله»، وهو مبدأ ما يسمى بطاعة الرئيس ولمرؤوسيه، فهذه الطاعة واجبة في حدود القانون لأن نص المادة السابقة هو ان يعتقد الموظف ان القانون يوجب طاعته ـ وقانون الطفل في المادة (27) والفتوى السابقة، تؤكد ان القانون تجيز للطبيب ألا يطيع مرؤوسيه لأن عدم الطاعة استنادا للقانون (مادة 27) هو انقاذ لروح طفل بريء لأن هذا النص يمنحه الحق في التدخل الجراحي اللازم، دلالة ذلك ان نص المادة (38) بفقرتها الأخيرة التي تلزم الموظف هذا الاعتقاد بطاعة مرؤوسيه لان القانون يشترط ان يبني هذا الاعتقاد على أسباب معقولة وانه اتخذ إجراءات للتثبت والتحري اللازمين للتحقق من مشروعية الفعل، وهي في هذه الدراسة انه لا حاجة لأخذ ولي النفس والتثبت هو ان يسأل أهل القانون بذلك فاذا تنبه الطبيب أو المستشفى لنص المادة (27) من قانون الطفل جاز له الحق في التدخل بعد اثبات عدم حضور الاب وعدم موافقته وبعد اخطاره رسميا للحضور للتوقيع على اجراء العمل الجراحي، فان هذا الطبيب يكتب كتابا فورا لمدير المستشفى او لوكيل الوزارة او لوزير الصحة الذي يجب عليه ان يتحرى من صحة ما جاء بكتاب هذا الطبيب ويحيله للشؤون القانونية بالوزارة للتحقق من وجود هذه المادة من عدمه ومع ضرورة تدخل الطبيب فورا في اجراء التدخل الجراحي دون انتظار الرد وكذلك وزارة الصحة يجب عليها أن تخاطب الفتوى والتشريع لإصدار فتوى جديدة بعد التعديل الذي طرأ في قانون الطفل، وقد جاء في تصريحات وزارة الصحة بأنها سوف تقدم مشروع قانون يعالج هذا القصور وتقدم بعض أعضاء مجلس الامة باقتراح بقوانين بإضافة حق التوقيع على الاجراء الطبي وموافقة الحاضنة دون الولي وبعدها الولي بالترتيب.. الخ ما جاء بالمقترح، ونسي هؤلاء جميعا أن هنالك نص المادة (27) يعالج هذه الحالة، فهل ينتظر الأطفال مجلس الامة ولجانه التشريعية كلجنة الشؤون الصحية او اللجنة التشريعية، المختصة بمشروعات القانون لكي تبث في هذه المشاريع، كما وضح من رفض اللجنة الصحية بمجلس الامة لمشروع من هذا القبيل قدمه العضو يوسف الفضالة، رفضت فيه اللجنة إعطاء الولاية الصحية للحاضنة أم الطفل القاصر، وفي الحقيقة كما قلنا ان سلب الولاية دون وجود أسباب شرعية بمعنى ان الولي غير مقصر مع القاصر وغير متعسف.. الخ فإن سلب الولاية لا يجوز منه، اما اذا كان متعسفا كما في الحالات المنصوص عليها في المادتين (3) و(27) من قانون الطفل فإن سلب الولاية واجب من ناحية شرعية وقانونية، اما ان اللجنة الصحية ترفض ولم تبين أسباب الرفض ولم توجه وتشرح لمن قدم المشروع بقانون بضرورة إدخال تعديل على مشروعه بذكر الأسباب الشرعية، مثل رفض الولي تقديم الرعاية الصحية بالرغم ان هذه الرعاية هامة لصحته وهكذا.. الخ بعد توافر النواحي القانونية المتطلبة وفق الدستور ولائحة مجلس الامة من قصور في المشروع، لا ان تبين للعضو ان القوانين ذات الصلة عالجت هذه المسألة أو انها لم ترفض المقترح.. الخ ما جاء من تصريحات منشورة بالانترنت، واذا ما هي القوانين ذات الصلة وأين النصوص التي تسمح بتدخل الطبيب في حالة رفض الولي تطبيب الطفل؟ حيث ان الواجب الرد في هذه المسألة من قبل اللجنة الصحية او أي لجنة اخرى كاللجنة التشريعية لو عرض عليها مثل هذه الحالة القانونية ان تقرر الآتي سلب الولاية دون سبب شرعي يتعارض مع الدستور والشريعة الإسلامية، اما انها تكتفي فقط بأنه لا يجوز وتصمت ولا تعطي رأيا في مسألة معروضة علي اللجنة، وتنور مقدم الاقتراح ما جاء من نقص في مشروعة، بإبداء الأسباب الشرعية لكي تعطي الحاضنة حق التوقيع في الأشياء الطبية التي تخص المحضون القاصر، فإن ذلك يبين ان اللجنة لم تدرس القوانين المتصلة بالموضوع، ومقارنتها بقانون الطفل وبالأخص المادة 27 والمادة 3، او تطلع على الفتاوى المتعلقة بهده المسألة التي سنبينها في مبحثنا هذا، كذلك فإن المشاريع مثل الحالة المعروضة، تبين ان انتظار مثل هدة اللجان لكي يبت الامر في موضوع متعلق بصحة وحياة الأطفال هو ضار بحياة الأطفال ولا يمكن الانتظار لكي يصاب الأطفال الأبرياء بضرر، لان اللجان مثل لجان صحية وتشريعية مثلا، قلما تخرج منها مشاريع تهم المواطن او تحل مشاكل البلد الكثيرة ومنها الرعاية الصحية ومنها حماية الأطفال التي كفلت القوانين المتصلة بالموضوع حمايتها والتي سوف نلقي عليها الضوء لاحقا في مبحثنا وانما في الحقيقة ان ما يخرج من للجان كالتشريعية مثلا فتخرج الى الوجود مشاريع تهم الأعضاء وإعطاء جوازات خاصة لأسر أعضاء مجلس الامة وترك ما يهم مصالح الناس والعباد وما يحل المشاكل التي اتفق عليها الجميع بوجوب حلها مثل التركيبة السكانية وغيرها، ومنها حماية الأطفال الصغار وما يحدث لهم من ضرر، فهل هذا هو المجلس هو الذي يتأمل المواطنون منه خيرا لحل مشاكلهم؟ فإن الجميع مسؤولون امام الله عز وجل، واننا سنقف امام الله عز وجل جبار السموات والأرض وهو القوة التي لا يستطيع احد ان يهرب منها، يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم، وسوف نسأل جميعا عما فعلناه في حياتنا، (بسم الله الرحمن الرحيم، يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله علي كل شيء شهيد ـ المجادلة: 6)، (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ـ الاسراء: 13 و14)، لذا فإن هذه الآيات أذكر بها نفسي والناس أيضا، وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين، اللهم احسن خاتمتنا جميعا آمين، وعموما فإن الأطفال لا حاجة لهم لمثل المشاريع التي قدمت الى مجلس الامة ولجانه لان قانون الطفل كفل لهم هدا الحق، واذا كانت المشاريع بقوانين المقدمة توضح ذلك بصورة واضحة بالنص عليها بمصطلحات قانونية تزيل الخلاف، فهذا لا بأس به بشرط ان يبين في هذه المشاريع ان الولاية لا تسلب الا اذا وجد سبب شرعي كما بينا من قبل، لذا فإن المرفق الصحي والطبيب لا يعفي هؤلاء الأخيرين من المسؤولية بعد وجود هذا النص القانوني نص المادة 27 من قانون الطفل، ولا يجوز للطبيب أو وزارة الصحة ان تحتج بانها لا تعلم بنصوص هذا القانون فإن المبدأ القانوني أن الجهل بالقانون لا يعتبر عذرا ما دام تم نشره في الجريدة الرسمية، ونحن من جانبنا ندعو المسؤولين في وزارة الصحة وعلى رأسهم وزير الصحة أن يطلب فتوى جديدة من إدارة الفتوى والتشريع وأن يوضع كتيب قانوني ينور الأطباء بقانون مزاولة مهنة الطب، وما يطرأ من نصوص قانونية تتعلق بهم وبممارسة مهنتهم وتنويرهم بهذه الاحكام القانونية وما يترتب عليه من أحكام وحقوق وواجبات الأطباء والمرضى حتى لا تحصل أخطاء طبية، فلو مات الطفل القاصر او حصل إصابة له فإن ذلك يعد تفويت فرصة لعلاجه وهذه سنشرحها عندما نصل في باب الأخطاء الطبية لاحقا. وأن المادة (227) من القانون المدني تنص على أنه: 1- كل من أحدث بفعله الخاطئ ضررا بغيره يلتزم بتعويضه، سواء أكان في احداثه الضرر مباشرا او مسببا 2- ويلتزم الشخص بتعويض الضرر الناشئ عن فعله الخاطئ ولو كان غير مميز وتنص المادة 228 من القانون نفسه «إذا تعدد الأشخاص الذين احدث الضرر بخطئهم التزم كل منهم في مواجهة المضرور بتعويض كل الضرر، ويتوزع غرم المسؤولية فيما بينهم بين المسؤولين المتعددين بقدر دور كل منهم وإحداث الضرر فإن تعذر تحديد هذا الدور وزع عليهم غرم المسؤولية بالتساوي». لذا فالخلاصة (1) يعد الطبيب او المرفق الصحي الممتنع عن علاج الطفل بحاجة الى تدخل علاجي أيا كان نوعه مستعجل أو غير مستعجل مسؤولا مسؤولية قانونية، (2) لا يعتد بدفاع الطبيب او وزارة الصحة او المرفق الصحي بوجود فتوى قديمة صادرة من إدارة الفتوى والتشريع للأسباب الاتية/ (1) هذه الفتوى قديمة وقاصرة من مواكبة ما جرى من تعديل قانوني (2) رأي الفتوى ملزما للجهات الإدارية ولكنه غير ملزم للقضاء في نصوص القانون التي شرحناها تؤكد ان القانون يلزم المرفق الصحي بالتدخل ـ والقضاء يطبق القانون ورأي الفتوى والتشريع وغيره غير ملزم لهذا القضاء. (3) لا يجوز الاستناد الى طاعة المرؤوس لرئيسه المنصوص عليها في المادة (38) من قانون الجزاء (4) يجوز للطبيب او المرفق الصحي ان يتدخل لعمل الجراحة غير المستعجلة وفقا للمادة (27) من قانون الطفل اذا ثبت قانونا رفض الولي المجيء او حضر ورفض وكان هذا الرفض ضارا بالطفل. ويجوز الاستناد الى فتوى وزارة الأوقاف التي تتفق تماما مع نص المادة (27) من القانون نفسه، ولا بأس من أخذ موافقة الحاضنة كشهادة، على الرغم ان نص المادة (27) من قانون الطفل لم يشترط هذه الموافقة فمجرد عدم حضور الولي او رفضه يتدخل الطبيب فورا لاجراء العمليات الجراحية لان نص المادة عام يتكلم عن الرعاية الصحية. (5) لا يجوز للطبيب ان يمتنع في هذه الحالة لأن هذه ليست من الأسباب التي نصت عليها المادة (7) من قانون مزاولة مهنة الطب، وقد تم نقد هذه المادة عندما شرحنا بحث المسؤولية العقدية والتقصيرية في المباحث السابقة، حيث بينا أن المستشفى في القطاع الخاص لا يجوز له ان يمتنع وفقا للمادة (7) من قانون مهنة الطب الحالي لأنه بين الطبيب او المستشفى علاقة تعاقدية والامتناع هو اخلال بهذه العلاقة يرتب المسؤولية والتعويض، اما المستشفى الحكومي فلا يطبق عليه العلاقة العقدية وانما التقصيرية، الا في حالات معينة ذكرناها في الجراحة التجميلية أو الفحوصات المخبرية، كما سبق ان ألقينا عليها الضوء من قبل فتطبق احكام المسؤولية العقدية كما سبق ان ألقينا عليها الضوء من قبل، أما بعد وجود نص المادة (7) من قانون مزاولة مهنة الطب وهذه تطبق على البالغ والقاصر الا انه بعد صدور قانون الطفل (المادة 27) اصبح الامتناع غير جائز في مواجهة القاصر والامتناع غير جائز في مواجهة القاصر يشكل مسؤولية قانونية، ويستثنى هذا الامتناع في حق البالغ القاصر في الحالات الطارئة فيجب على الطبيب العناية بالمصاب واجراء ما يراه لازما من الإسعافات الأولوية ولا يتخلى عن واجبه المهني ـ أيا كانت الظروف ـ الا اذا تأكد من وجود آخرين يملكون القدرة والإمكانات الأفضل لأداء العناية الطبية المطلوبة. والمادة (8) من نفس القانون» لا يجوز للطبيب ان يتنحى عن علاج مريض الا اذا كان ذلك لصالحه ويشترط الرعاية الطبية عند غيره «ونود ان نلفت النظر الى أن هذه النصوص السابقة لا يجوز الامتناع فيها في الحالات الطارئة المستعجلة للبالغ او القاصر، وفي غير الحالات المستعجلة، لا يجوز الامتناع بأي حال من الأحوال بالنسبة للأطفال وفقا للمادة (27) من قانون الطفل لان قانون الطفل لاحق على قانون مزاولة الطب الصادر في سنة 1981 وقانون الطفل المادة (27) صدرت في 2015، مما يعني تطبيق هذا النص ونصوص قانون الطفل فيما جاء من أحكام سواء أكانت الحالات مستعجلة او غير مستعجلة. كذلك لا يمكن تطبيق نص المادة (3) من فقرة (د) قانون الطفل التي تنص على انه «يحق لولي الطفل او الحاضن او الحاضنة او متولي رعاية الطفل او من في حكمهم استخراج كل المستندات الرسمية والثبوتية الخاصة بالطفل والقيام بأي اجراء اداري امام كل الجهات الرسمية نيابة عن الطفل وتكون لحماية الطفل ومصالحه الأولوية في جميع القرارات والإجراءات المتعلقة بالطفولة أيا كانت الجهة التي تصدرها او تباشرها لأن إجراء العمل الطبي ومنها العمل الجراحي لا يعد من قبيل القرارات الإدارية التي نص عليها قانون انشاء المحكمة الإدارية، لأن العمل الطبي او الجراحي لا يعد قرارا اداريا وانما هو (عمل مادي)، اذ إن العمل الطبي ـ المادي ـ والقرار الإداري، الفيصل بينهما واضح، فالأعمال المادية الإدارية هي طائفة الاعمال التي تقوم بها السلطة الإدارية المختصة دون ان تقصد من ورائها ترتيب اثر قانوني، كرفع القمامات او السيارات المهملة، اما القرار الإداري فهو انشاء او تعديل او إلغاء مراكز قانونية ويكون ممكنا وجائزا وكان الباعث عليه مصلحة عامة (10) تمييز طعن رقم 9 لسنة 1987 اداري جلسة 6/5/1987 موسوعة مبادئ القضاء الإداري التي اقرتها محكمة التمييز الكويتية في سبعة عشر عاما 1982 ـ 1999» (الكتاب الأول - الدعوى الإدارية ـ الجزء الثالث). فالقرار الإداري هو تصرف قانوني وهو كل تعبير عن إرادة يرتب عليها القانون أثرا ولا تدخل الاعمال المادية ضمن هذا المضمون ومنها الاعمال المادية التي تصدر من الجهة الإدارية سواء اكانت اعمالا عمدية او أخطاء صادرة من الموظفين في الإدارة اثناء قيامهم بوظائفهم ويدخل فيها العمل الطبي فهو عمل مادي وليس قرارا اداريا (انظر في أن هذه الاعمال هي اعمال مادية إدارية (10) تمييز اداري قضية رقم 930 لسنة 11 قضائية 2023 مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا وخمسة عشر عاما من 1965 الى 1980) وان العمل الطبي هو قرار مادي اداري وليس قرارا اداريا أكدته احكام النقض المقارنة وأن الاعمال المادية الإدارية هي مجموعة اعمال تقوم بها السلطة المختصة ولا تترتب اي اثر قانوني من انشاء او تعديل او إلغاء المراكز القانونية مثل الاعمال المادية، تنظيف الشوارع او ري المزروعات بالمبيدات اما الاعمال الإدارية والتي يدخل فيها القرارات الإدارية هي التي ترتب عليها الآثار القانونية، وهي جميع القرارات الإدارية التي نص عليها القانون الإداري وهذا ما يميز الاعمال الإدارية ـ القرارات ـ من الاعمال والقرارات القضائية ـ وهي الاحكام القضائية او القرارات التي يتم الطعن فيها وهي اعمال التنفيذ الولائية التي يصدرها، قاضي التنفيذ وفقا لقانون المرافعات. فالعمل الطبي هو عمل مادي لا يرتب اثرا قانونيا والمقصود بالقرارات التي جاءت في المادة (3) قانون الطفل هي القرارات الإدارية وليس الاعمال الطبية وهذا النص الأخير نص المادة (3) من قانون الطفل يسمح للحاضنة أم الطفل او متولي رعاية الطفل بمراجعة جميع الجهات الرسمية كالخدمة المدنية والجوازات والسفارات وإدارة التعليم والمدارس وانهاء ما يخص المحضون من إجراءات لدى جميع الدوائر والجهات الحكومية والأهلية ـ ما عدا السفر بالمحضون خارج الكويت بإذن من ولي المحضون او المحكمة المادة (159) من قانون الأحوال الشخصية الكويتي ونص المادة (3) من قانون حماية الطفل وضع لحماية الطفل لأن مراجعة الجهات الرسمية وتخليص شؤون الحاضن هو منفعة محضة له وفقا للمادة (87) من القانون المدني، وكذلك لأنها تنهي تعسف ومساومة بعض الأزواج في أمور تخص مصالح هؤلاء الأطفال وهذا النص له اصل تاريخي في الشريعة الإسلامية وهو ما قضى به مجلس القضاء الأعلى في المملكة العربية السعودية بقراره الذي قضى فيه بإلزام المحكمة التي تنظر قضية الحضانة ان يتضمن حكمها للمطلقة المحكوم لها حق الولاية على المحضون بما يتسنى لها مراجعة الجهات الرسمية الحكومية والأهلية لاستخراج المستندات فيما عدا السفر بالمحضون الى الخارج، وهذا القضاء هو قضاء عام شامل لكل الإجراءات (11) (انظر القضاء يصدر قرارا تاريخيا، منح المطلقات الولاية على ابنائهن ـ الدمام ـ فاطمة آل دبيس منذ 7 سبتمبر 2014، جريدة الحياة السعودية منشور بالانترنت).
وهذا القضاء يتوافق تماما مع فتوى دار الإفتاء بوزارة الأوقاف في الكويت سالف الإشارة اليها لأنه في حالة تعذر اخذ موافقة الولي او رفضه الحضور او تعسف الولي كل ذلك يجيز للحاضنة وفقا للمادة (27) من قانون الطفل ووفقا للمادة (3) ان تقوم باستخراج المستندات فيما عدا السفر بالمحضون أما الأمور المالية فهي للولي الطبيعي على الطفل وغيرها من الأمور التي لم تنص عليها المادتين (3) (27) من قانون الطفل لان هذا القضاء الشرعي يشمل جميع الأمور. اما في القانون الوضعي وفي القضاء الإداري، فإن العمل الطبي ـ لا يدخل فيه ما جاء بنص المادة (3) ويعتبر العمل الطبي هو عمل مادي اداري وليس قرارا اداريا مما يعني عدم انطباق المادة (3) من قانون الطفل وانما تطبق المادة (27) سالف الإشارة اليها في قانون الطفل وتقرير ما اذا كان العمل الطبي ليس بقرار اداري ـ وانما هو عمل مادي اداري هو ما قضت به أحكام مجلس الدولة والقضاء الإداري في مصر حيث جاء في هذا الحكم.(دعاوى بالتعويض عن المطالبة عن الاضرار بسبب أخطاء الأطباء بأحد مراكز ومستشفيات وزارة الصحة (انما هي تعويض عن عمل مادي) مدارها مدى مسؤولية الدولة عن اعمالها المادية في نطاق القانون العام ومجالاته منازعة يتأكد اتصالها مباشرة بمرفق عام يدار وفقا للقانون العام وأساليبه ويبدو فيها واضحا وجه السلطة العامة ومظهرها بجهة الادارة، حيث تمارس نشاطا يخضع للقانون الخاص او يدور في فلكه، وانما هي منازعة نبتت في حقل القانون العام وتحت مظلته ويشايع ذلك ويظاهره ما قررته محكمة التنازع في فرنسا أن الدعوى التي يرفعها المريض او خلفه ضد الطبيب او الجراح الذي يعمل بالمشفى العام لخطئه في أداء عمله الطبي لا يختص بها القضاء العادي لان مثل هذه الأخطاء في حال ثبوتها تكون مرتبطة بتنفيذ خدمة عامة يقع على عاتق الأطباء والممرضين اداءها ومن ثم يختص القضاء الإداري بمثل هذه الدعاوى متى كانت الأخطاء التي يرتكبها الطبيب العام بمستشفى عام خلال قيامه بعمله لا تشكل أخطاء شخصية منفصلة عن أداء الخدمة الصحية المكلف بأدائها ولا ينفصل عن تلك الخدمة الخطأ المرتكب اثناء قيام الطبيب بعمله الفني.
وتضيف المحكمة: ان هذا القضاء هو حمل الإدارة على تغطية الأخطاء الصادرة من تابعيها اثناء اعمال المرفق والمضرور ضمانا لحصوله على حقه ينبغي عليه اختصام المتبوع امام القضاء الإداري ولكن الامر يختلف بطبيعة الحال اذا كان الخطأ الذي ارتكبه الطبيب غريبا عن عمله داخل المرفق الصحي مثل الأخطاء التي يرتكبها أطباء المستشفيات بالنسبة لطلب التعويض عن القضاء الإداري، وهو قاضيها الطبيعي وتطبيق قواعد القانون العام وضوابطه من حيث المسؤولية وأركانها التي لا تبنى على قواعد القانون المدني اذ لا غنى في مجملها عن وجوب استظهار ظروف المرفق واعبائه وما يثقل من الواجبات والصعاب وظروف الزمان والمكان ووجه العلاقة بن مدى الضرر ومرفق الصحة.
وحكمت المحكمة باستحقاق المجني عليها للتعويض طبقا لمسؤولية التابع عن اعمال متبوعة وذلك اذا ارتكب التابع خطأ سبّب ضررا للغير، وان يكون هذا التابع احدث هذا الضرر وهو يؤدي عمل وظيفته او بسببها وقيام علاقة التبعية انتهى الاقتباس (11) (انظر القضاء الإداري يلزم وزارة الصحة بتعويض ضحايا الأخطاء الطبية، مجلة الوطن الالكترونية المصرية الاثنين 20 يونيو 2016 منشور بالانترنت). فاذا العمل الطبي هو عمل اداري مادي وليس قرارا اداريا. وبما انه لا يوجد قضاء اداري، وانما محكمة إدارية في دولة الكويت فإن هذه المحكمة لا تختص بنظر الاعمال المادية الإدارية ـ وهي أخطاء الأطباء المهنية الفنية الجسيمة وغير الجسيمة والعادية وغير العادية كما سبق ان شرحنا في مبحث المسؤولية وانما يختص به القضاء العادي. وبعد انتهينا من هذا المطلب ننتقل للمطلب الثاني لنشرح فيه موافقة المريض على التدخل الجراحي.

الصفحة (1) من اجمالى(4)

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور