الملف الصحفي


تصنيف الخبر /   التجارة والصناعة   /   الأوراق المالية   

جريدة القبس - الأربعاء 16 ديسمبر 2015 , العدد 15281

قراءة قانونية
مثالب بالجملة تشوب اللائحة التنفيذية لهيئة الأسواق

بعد ترقب وجدل داما طويلاً، اصدر مجلس الامة الكويتي القانون رقم 22 لسنة 2015، والذي تضمن تعديلاً لبعض نصوص القانون رقم 7 لسنة 2010 في شأن انشاء هيئة اسواق المال، فضلاً عن الغاء بعض النصوص القانونية الواردة في قوانين اخرى، لعل ابرزها الغاء احكام الفصلين الخامس والسادس من الباب التاسع من قانون الشركات، والذي صدر منذ حوالي عامين فقط.
وفي المقابل، قامت هيئة اسواق المال باصدار قرار تضمن اصدار ما اسمتها «لائحة تنفيذية» جديدة لقانون هيئة اسواق المال، والغاء اللائحة التنفيذية القائمة، بالاضافة الى الغاء العديد من القرارات والتعليمات الصادرة عن الهيئة وعن سوق الكويت للاوراق المالية خلال السنوات الخمس السابقة.
والحقية ان اللائحة التنفيذية الجديدة تعد فريدة من نوعها، فرغم انها تضمنت تجميعاً لمعظم القرارات والتعليمات التي صدرت عن الهيئة خلال الفترة السابقة، الا ان الشكل الذي خرجت فيه اللائحة اقرب لان يوصف بأنه تنظيم فقهي للموضوعات التي تناولتها مصاغاً على هيئة نصوص مرقمة، حتى يمكن وصفها بأنها «لائحة تنفيذية» لقانون.
ومن المستقر عليه دستورياً، ان الغرض من صدور اللائحة التنفيذية لاي قانون يتعين ان ينحصر في اتمام القانون، اي وضع القواعد والتفاصيل اللازمة لتنفيذه مع الابقاء ع‍ى حدوده الاصلية بلا ادنى مساس، ودون ان تنطوي على تعديل أو الغاء لاحكامه او ان تضيف اليه احكاماً تبعده عن روح التشريع، فيجاوز بذلك مصدرها الاختصاص الدستوري المخول له.
واللائحة التنفيذية، بهذا المعنى، لا يمكن ان تتولى ابتداءً تنظيم مسائل خلا القانون، الذي تصدر في شأنه، من بيان الاطار العام الذي يحكمها، فعندئذ لا تكون اللائحة قد فصلت احكاماً اوردها القانون اجمالاً، وانما شرعت ابتداءً من خلال نصوص جديدة لا يمكن اسنادها للقانون.
وازاء المعنى المتقدم، نجد ان اللائحة التنفيذية الصادرة عن هيئة اسواق المال، قد حادت كثيراً عن الاطار القانوني الذي كان يتعين ان تلتزم به، وتخطت القيود المرسومة لمهامها في هذا الشأن، وهذا التخطي وصل الى حد استحداث قواعد لا اصل في القانون لها، مخالفة بذلك الضوابط التي اوجب الدستور ان تتقيد بها اللوائح التنفيذية بوجه عام.
الحوكمة والإفصاح
ولعل أبرز الموضوعات التي تضمنتها اللائحة، رغم عدم تعلقها بشكل مباشر بالقانون الذي صدرت بمناسبته، ما تناولته في شأن «قواعد الحوكمة»، فرغم انه قد يبدو للوهلة الاولى اهمية تنظيم هذه القواعد، فإنه من الناحية القانونية يعد إدراجها ضمن نصوص اللائحة مجاوزة صريحة للحدود المقررة لها.
فإسناد تنظيم تلك القواعد الى هيئة اسواق المال جاء بموجب قانون الشركات الصادر في اواخر عام 2012، ومن ثم كان يتعين اصدارها بموجب قرار او تعليمات من الهيئة، وبالتالي لا يصح بيانها ضمن اللائحة التنفيذية لقانون مغاير، وهو قانون هيئة اسواق المال، ويعد ذلك مخالفة مباشرة للغاية من اصدارها، وتجاوزا لوظيفتها والإطار المرسوم لها.
ومن المثالب البارزة ايضا، انه يتبين من مطالعة احكام قانون هيئة اسواق المال، انه قد حدد صراحة آلية تنظيم بعض الموضوعات، إذ تارة ينص القانون على تنظيم موضوع معين خلال اللائحة التنفيذية، وتارة اخرى يكلف الهيئة بتنظيم موضوع آخر عن طريق القواعد والتعليمات، ورغم ذلك نجد ان الهيئة قد عمدت الى ادراج موضوعات ضمن اللائحة التنفيذية حدد القانون صراحة آلية تنظيمها عن طريق القواعد والتعليمات، وهو ما يعد مخالفة صريحة لاحكام القانون.
والمثال الأبرز في هذا الشأن «قواعد الإفصاح»، فبعد ان كان القانون ينص على تنظيم اللائحة التنفيذية لاحكامها، تم تعديل النص بموجب القانون الصادر مؤخرا بان جعل تنظيمها عن طريق القواعد والتعليمات الصادرة عن الهيئة، ورغم ذلك تم ادراج القواعد والاحكام الخاصة بالإفصاح ضمن نصوص اللائحة التنفيذية، بالمخالفة لإرادة المشرع.
تضخم
من ناحية اخرى، يمكن القول ان التضخم الذي اتسمت به اللائحة التنفيذية يعد من المثالب الكبيرة التي يمكن ان توجه اليها، اذ لا يمكن اعتبارها ميزة - كما قد يذهب البعض - فعدد صفحات اللائحة، الذي قارب الف صفحة، ونصوصها، التي تجاوزت خمسة آلاف نص تقريبا، قد يصعب كثيرا على المخاطبين باحكامها والمتعاملين معها.
ونضيف الى ذلك ان هذا الكم الهائل من الصفحات تضمن امورا وموضوعات لا يمكن تقبل ادراجها في لائحة تنفيذية لقانون، لاختلاف طبيعتها مع الطبيعة القانونية للائحة التنفيذية، ولعل ابرز مثال لذلك هو تضمين اللائحة للنماذج التي يتعين على المخاطبين باحكامها الالتزام بها، فضلا عن بيانها لشروح وتحليل لبعض الاحكام الواردة بها، وهي كلها امور ليست في موضعها الصحيح، حيث كان يمكن ان تكون محلا لتعليمات او كتب ارشادية تصدر عن الهيئة، وليس لائحة تنفيذية.
عسر هضم
ولعل السبب في إصدار اللائحة التنفيذية على هذه الصورة يرجع إلى القانون ذاته، حيث انه قد سخا في منح هيئة أسواق المال اختصاصات واسعة في حجمها ومتشعبة في مجالاتها، فعلاوة على المكنات التنفيذية المألوفة هناك سلطات تشريعية وأخرى قضائية أناط القانون بالهيئة القيام بها.
فتنوع صلاحيات الهيئة وتراميها جعلها تشعر بعسر تقبل وجود قيود على نشاطها أو حركتها، إذ إن تضخم الاختصاصات جاوز ما يعرف في علم الإدارة بنطاق التمكن، مما أدى إلى تساقط بعض الضوابط في غضون مباشرة السلطة التنفيذية لمهامها ووظائفها، وهو يعد عواراً دستورياً ينال من مشروعية اللائحة.
والخلاصة، اننا أمام لائحة تنفيذية لقانون تناولت تنظيم الكثير من الموضوعات التي تخرج عن الإطار المحدد لها، واستخدمت استراتيجية، وأسلوبا يبعد تماماً عن المعنى القانوني للائحة التنفيذية، وهو ما قد يوقعها في حومة مخالفة نص المادة 72 من الدستور، لذلك يكون لزاماً سرعة مراجعة تلك النصوص وإعادة تصويب ما اعتورها من مخالفات، حتى لا تتأثر الحياة الاقتصادية بما قد يصدر ضد اللائحة من أحكام، خاصة الدستورية منها.

القانون وفقاً لآخر تعديل- قانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية
قانون رقم 22 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية
المرسوم بقانون وفقاً لآخر تعديل- مرسوم بقانون رقم 25 لسنة 2012 بإصدار قانون الشركات
المرسوم بالقانون وفقاً لآخر تعديل - مرسوم بالقانون رقم (68) لسنة 1980بإصدار قانون التجارة
القرار وفقاً لآخر تعديل - قرار مجلس مفوضي هيئة أسواق المال رقم 2- 4 لسنة 2011 بشأن إصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية
اللائحة التنفيذية الجديدة لقانون «أسواق المال»
هيئة الأسواق: اليوم.. نفاذ اللائحة التنفيذية الجديدة
«التجارة»‍: لائحة هيئة الأسواق تتعارض مع قانوني الشركات والتراخيص التجارية
اللائحة التنفيذية الجديدة لهيئة الأسواق: من 444 إلى 1610 مواد.. بزيادة %262!

الصفحة (1) من اجمالى(1)

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور