الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

القبس - الاحد 03 اغسطس 2008 - 01 شعبان 1429: العدد 12637

القانون المدني يحرّم الفائدة لكن«التجاري» يجيزها!

يمكن تعريف الفائدة بأنها مقابل استخدام النقد لمدة معينة. ومعظم القوانين الغربية وكذلك العربية بسبب استعمار الدول الغربية لها وتأثرها بتشريعات هذه الدول الاستعمارية تجيز احتساب الفوائد في المعاملات.
واوالقرض في ذاته جائز في جميع التشريعات إلا أنه حين أجازت غالبية القوانين الاقتراض بفائدة لم يكن القانون المدني الكويتي من بينها. فالمادة 547 منه حظرت بكل وضوح الفائدة عن القرض ويكون باطلا كل شرط يقضي بخلاف ذلك دونما أي تأثير على القرض ذاته فيصح القرض وتبطل الفائدة، والبطلان هنا وجوبي متعلق بالنظام العام وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها، ولا يقتصر حظر القانون المدني الكويتي للحصول على الفائدة في القرض وإنما ينسحب على الفائدة التأخيرية وذلك عن التأخر في سداد القرض في الأجل المحدد.
ويعتبر في حكم الفائدة كل منفعة أو عمولة أيا كان نوعها اشترطها الدائن إذا ما اثبت أن ذلك لا يقابله خدمة حقيقية متناسبة يكون الدائن قد أداها فعلاً.
ولكن إذا تأخر المدين في السداد وأخذ يماطل وهو قادر على السداد فإنه يجوز للمحكمة أن تقضي عليه بتعويض الدائن عن الضرر الذي أصابه جراء المماطلة والتأخير في السداد، ولكن يجب قبل ذلك تحذير المدين بضرورة السداد وإلا اعتبر سكوت الدائن قبولاً بالتأخير، ولا شك أن القانون المدني الكويتي استمد تحريمه للفائدة من أحكام الشريعة الإسلامية باعتباره ربا محرما.
وبعض فقهاء الشريعة يرى أنه يجوز الاقتراض بفائدة إذا ما اضطر المدين ويقع الإثم على الدائن المقرض الذي أخذ الفائدة على القرض، والقانون المدني الكويتي لم يفرق بين المضطر وغير المضطر فلا يجوز أن يتضمن القرض أية فوائد سواء كانت تعويضية أو اتفاقية.
ولقد ذهب المشرع في قانون الجزاء في المادة 230 إلى أبعد من ذلك حين جعل من استغلال حاجة المدين إلى المال وإقراضه بفائدة جريمة يعاقب عليها القانون حيث نص على أن كل من استغل حاجة شخص أو طيشه أو هواه وأقرضه نقودا بربا فاحش يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تتجاوز ألف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين.
 وغني عن البيان أن المنع الوارد في نص المادة 305 فقرة أولى من القانون المدني ببطلان كل اتفاق على تقاضي فوائد مقابل الانتفاع بمبلغ من النقود أو في مقابل التأخير في الوفاء فهو نص عام يسري على جميع العقود المدينة ومن بينها عقد البيع وبالتالي لا تجوز احتساب الفائدة على عقد البيع إذا كان استحقاق الثمن لاحقا، ولكن يثور التساؤل التالي: هل يجوز في البيع الآجل أن يكون الثمن أكثر من الثمن الفوري، وهل يعتبر الفرق من قبيل الفائدة المحرمة؟ فالقانون المدني سكت عن هذه المسألة ولم يتعرض لها.
لكن القوانين الكويتية كلها لا تحرم الفائدة، فالقانون التجاري أجاز الفائدة حيث نصت المادة 102 منه على أن:
1- للدائن الحق في اقتضاء فائدة على القرض التجاري ما لم يتفق على غير ذلك، وإذا لم يعين سعر الفائدة في العقد كانت الفائدة المستحقة هي الفائدة القانونية 7%.
 2- فإذا تضمن العقد الفائدة القانونية وتأخر المدين في الوفاء احتسبت الفائدة التأخيرية على أساس السعر المتفق عليه.
وهذا النص الوارد في قانون التجارة بإباحة الفوائد لا يتعارض مع نصوص القانون المدني وإنما يعتبر استثناء منه ولا ينطبق إلا على العقود التجارية، وعرفت المادة 101 من قانون التجارة القرض التجاري بأنه القرض الذي يقصد منه صرف المبالغ المقترضة في أعمال تجارية.
والعبرة في هذا الصدد كما قالت المذكرة التفسيرية للقانون بقصد المقترض الظاهر وقت التعاقد لا بالمصير الذي ينتهي إليه استعمال مبلغ القرض.
وسواء كان هذا الصرف في الأعمال التجارية الأصلية مثل البيع والشراء أو التأجير والاستئجار بقصد الاتجار وعقود التوريد وغيرها من العقود التجارية وتمويل البنوك والمبادلات التجارية أو الأعمال التجارية التبعية ويقصد بها جميع الأعمال التي يقوم بها التـُجار لحاجات تجارته مثل شراء مبنى ليتخذه مقرا لأعماله أو شراء ارض لإقامة معارض أو مخازن.
 ولا يشترط لاعتبار القرض تجاريا تجوز فيه الفوائد أن يكون المقترض تاجرا، ولئن كانت هناك من الأعمال التجارية ما لا يتصور وقوعها إلا من تاجر كعمليات البنوك وما شابهها.
ووفقًا لنص المادة 112 تجاري لا يشترط لاستحقاق فوائد التأخير قانونية كانت أم اتفاقية أن يثبت الدائن أن ضررا لحقه من هذا التأخير، بل يجوز للدائن أن يطالب بتعويضه إضافة إلى فوائد التأخير دون حاجة إلى إثبات أن الضرر الذي جاوز حجمه الفوائد التأخيرية قد تسبب فيه المدين بغش منه أو بخطأ جسيم.
أما البيوع التجارية فتجوز فيها الفائدة شأنها شأن القروض حيث يتبين من قراءة نصوص قانون التجارة أن المشرع أجاز الفوائد بكل أنواعها.
 فلقد أجازت المادة 409 أن تتضمن الكمبيالة الواجبة لدى الاطلاع أو بعد مدة شرط الفائدة مع بيان سعرها، ويجب بيان سعر الفائدة على الكمبيالة ذاتها، وإلا كان الشرط باطلا وتسري الفائدة من تاريخ إنشاء الكمبيالة إذا لم يعين تاريخ آخر، وسواء كانت الكمبيالة أنشئت وفاء لقرض أو لثمن بضاعة أو وفاء لأي دين آخر.
وكوكذلك يحق للمشتري أن يفي بالثمن قبل حلول الأجل ما لم يتفق على غير ذلك، ويحدد الاتفاق أو العرف ما يخصم من الثمن مقابل الوفاء قبل حلول الأجل.
 أما زيادة السعر في البيع الآجل فإن القانون التجاري لم يورد نصا يبيح أو يمنع, وهناك رأي بأن الأصل العام هو حظر الفوائد وأن القانون المدني هو الشريعة العامة الواجبة التطبيق على جميع العلاقات القانونية أما قانون التجارة فهو استثناء لأنه يسري على طائفة معينة من الأشخاص وهم التجار.
وبالتالي القانون المدني هو الشريعة العامة الواجبة التطبيق فيما لم يرد به نص في قانون التجارة، فإذا سكت قانون التجارة عن اقتضاء الفوائد في عقود البيع فإنه يطبق القانون المدني الذي يحظر كقاعدة عامة آمرة متعلقة بالنظام العام تقاضي فوائد تأخرية كانت أم تعويضية.
وانني أرى عكس ذلك إذ أن البيع الآجل مباح ذلك أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يوجد نص صريح يقيد ذلك.

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور