الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

الوطن - الخميس 29/7/2004

المحكمة: قرار مجلس الخدمة المدنية اغتصب
سلطة الاختصاص الموكلة لوزير الداخلية

كتب عبداللطيف راضي:
 أعلن المحامي منذر الشمالي ان محكمة الاستئناف قضت بتأييد الحكم الصادر عن محمكة اول درجة بالغاء القرار الصادر من مجلس الخدمة المدنية الخاص بوضع الدرجات الصحيحة للمحققين طبقا للقانون رقم 53 لسنة .2001
واشار الى ان الحكم اصبح الآن مشمولا بالنفاذ ولا يوقفه التمييز الذي قدمته الحكومة حيث استصدر المحققون الذين اقاموا الدعاوى كتبا من ادارة التنفيذ موجهة لوزارة الداخلية للمبادرة بتنفيذ الحكم بوضع المحققين بالدرجة التي يستحقونها طبقا للقانون 53 لسنة 2001باعتبار ان القرار الصادر والخاص بوضع درجاتهم اصبح ملغى بموجب الحكم المؤيد من محكمة الاستئناف كما اصبح منعدما.
وقال المحامي الشمالي ان الادارة العامة للتحقيقات لم تحرك ساكنا تجاه تفعيل القانون لوضع الدرجة الصحيحة للمحققين بل اكتفت بترقيات غير منتظمة وليست مبنية على المعيار الذي وضعه القانون رقم 33/2001 مما ادى الى ضياع حقوق المحققين من ناحية الدرجة ومن الناحية المادية.
وقال ان بداية الدعوى التي تقدم بها 70 محققا كانت عام 2003 اختصموا فهيا وزير الداخلية بصفته ورئيس مجلس الخدمة المدنية حيث طلب المحققون وضعهم بالدرجة التي يستحقونها والغاء القرار الصادر بوضعهم بدرجات دنيا وبعيدة جدا عن الدرجة التي يستحقونها حيث نجحوا في صدور حكم اول درجة بالغاء القرار الصادر عن مجلس الخدمة.
وبين ان المحققين كانوا يأملون خيرا بعد صدور الحكم بأن تقوم الوزارة بإنصافهم او ان تقوم الادارة العامة للتحقيقات بالسعي نحو تعديل اوضاعهم ولكن لم تكن هناك مبادرة لصالح المحققين بل على العكس من ذلك تم استئناف الحكم الصادر لصالح المحققين حيث، خاض المحققون جولة اخرى وواجهوا الدعوى في محكمة الاستئناف الدائرة الادارية واستطاعوا بفضل الله الفوز في محكمة الاستئناف بتأييد الدائرة الادارية الاولى برئاسة المستشار عادل بورسلي وعضوية المستشار عبدالقادر النشار والمستشار محمد خطاب لحكم اول درجة لصالح المحققين واصبح الحكم حاليا واجب النفاذ منذ صدوره في 19/6/.2004
وقال المحامي منذر الشمالي ان حكم محكمة الاستئناف رد على جميع الدفوع المبداة من الحكومة ورفضها جميعها لانها جاءت واهية وعلى غير سند من القانون ولأن حقوق المحققين واضحة ولا تحتاج الى تفسيرات حيث نص القانون على مساواة المحققين بنظرائهم من اعضاء النيابة العامة اي انه اذا اعطيت اي ميزة لاعضاء النيابة العامة فإنها بالتالي تعطي تلقائيا لجميع اعضاء الادارة العامة للتحقيقات من المحققين.
واشار الى ان المحققين يسعون حاليا الى جهد ودي للحصول على الزيادة ولا سيما ان نظراءهم في بلدية الكويت اقرت لهم الزيادة باعتبارهم اصحاب كوادر خاصة وكذلك اعضاء الفتوى والتشريع الا ان المحققين الذين نص القانون على مساواتهم بأي زيادة للنيابة والقضاء لم تقر لهم الزيادة.
وقال ان المحققين يحملون على عاتقهم مواجهة جميع قضايا الجنح بالدولة التي يقارب عددها سنويا تقريبا مائة الف جنحة او يزيد موزعة على جميع المحافظات وادارات الجنح الخاصة وذلك في جميع مخافر دولة الكويت وهم جديرون بهذه المهمة ويستحقون التقدير على ما يبذلونه من عمل قانوني متميز
وفيما يلي حيثيات الحكم الصادر من محكمة الاستئناف:
وحيث ان وقائع الاستئناف ـ تخلص حسبما يبين من الاوراق ـ في انه بتاريخ 3/5/2003 اقام المستأنف ضده على المستأنفين الدعوى رقم 302/2003/اداري/7 طالبا في ختامها الحكم بقبولها شكلا وفي الموضوع بانعدام قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 5/2002 فيما قدمه من تنظيمات تتعلق بنقل وتسكين اعضاء الادارة العامة للتحقيقات هو ومجموعة القرارات الفردية الصادرة استنادا اليه وما استتبعه من نتائج، وبعدم الاعتداد بالمرسوم رقم 84 لسنة 2002 وبإعادة تسوية حالته وفقا للقانون رقم 53 لسنة 2001 بأثر رجعي وما يترتب عليه من اثار مالية والزام المستأنفين المصروفات والاتعاب حكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة.
وقال شرحا لدعواه: صدر القانون رقم 53 لسنة 2001 في شأن الادارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية الا ان الاجراءات والقرارات التنفيذية له خالفت الدستور والقانون على نحو يهدد حقوق المخاطبين بأحكامه حيث شابتها العيوب التالية: اولال: من حيث الشكل: 1/ نصت المادة 167 من الدستور على تولي النيابة العامة الدعوى العمومية واجازت ان يعهد بقانون لجهات الامن العام بتولى الدعوى العمومية في الجنح استثناء ووفقا للاوضاع التي يبينها القانون وتنفيذا لذلك صدر القانون رقم 53 لسنة 2001 الذي اختص الادارة العامة للتحقيقات بالتحقيق والتصرف والادعاء في الجنح ومن ثم اصبحت جزءا من النظام القضائي وبات اعضاؤها في ذات المركز القانوني للقضاة واعضاء النيابة العامة واعضاء الفتوى والتشريع من حيث التدرج الوظيفي والكادر المالي والحصانة والاسكان، ولما كان المستقر عليه ان تناول النظام القضائي بالتنظيم او اعادة التنظيم يجب ان يتم بقانون فإذا ما تدخلت سلطة ادنى من ذلك كان في ذلك غصبا للسلطة بعدم قرارها لتعلق الامر بمادة دستورية اساسية هي تنظيم القضاء، ولما كانت السلطة التشريعية يتولاها الامير ومجلس الامة فلم يكن ثمة غضاضة اذ دعى القانون 53/2001 المرسوم الاميري ليستكمل التنظيمات التشريعية التفصيلية لبعض الجوانب «م9» حيث تبقى والحال كذلك قائمة في الاطار التشريعي الدستوري الا ان المرسوم 84/2002 نكل عن هذا الاختصاص ودعا القرار الاداري «ممثلا في مجلس الخدمة المدنية» لتنظيم مسألة نقل اعضاء الادارة العامة للتحقيقات الى درجاتهم المقررة بالقانون فمن ثم يكون قد خالف الدستور والقانون الذي لم يخول مجلس الخدمة المدنية اي اختصاص الا فيما يتعلق بقواعد الدعاية السكنية خاصة وان قواعد النقل لا تنفصل عن محتوى المرسوم المشار اليه الذي وضع القواعد المتعلقة بمرتبات وبدلات اعضاء هذه الادارة ومن ثم يكون قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 5 لسنة 2002 في شأن اسكان اعضاء الادارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية وقواعد نقلهم الى الوظائف الواردة بالقانون رقم 53 لسنة 2001 مغتصبا لاختصاص دستوري بعدمه انعداما تاما.
2ـ اوكل القانون 53 لسنة 2001 في كل الحالات الى وزير الداخلية سلطة اتخاذ القرارات اللازمة لتنفيذه المواد «2، 4، 9، 24» ونصت المادة «26» على ان يصدر وزير الداخلية اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ القانون، ومن ثم فإن اصطلاح القرارات قصد به المشرع شيئا يغاير اللوائح والا كانت الصياغة لغوا يتنزه عنه المشرع وبالتالي ينصرف هذا الاصطلاح الى كل القرارات التي لم ترد بذكرها صياغة محددة في احدى مواد القانون ومن بينها قرارات نقل الاعضاء الى الوظائف والدرجات المقررة بالمادة الثانية من القانون، ولما كانت المادة الرابعة جعلت تعيين مدير عام التحقيقات ونوابه بمرسوم وجعلت تعيين باقي اعضاء الادارة بقرار من وزير الداخلية فمن ثم يكون النقل من اختصاص الوزير وحده ويكون قرار مجلس الخدمة الصادر في هذا الشأن مغتصبا لسلطته في هذا الصدد بما يعدمه. دون ان ينال من ذلك القول بأن المرسوم رقم 84/2002 قد نص على ان نقل هؤلاء الاعضاء يتم وفقا للقواعد التي يصدر بها قرار من مجلس الخدمة المدنية بناء على عرض وزير الداخلية لان المادة العاشرة من القانون اناطت بالمرسوم اختصاصا محددا على سبيل الحصر وهو تحديد المرتبات والبدلات والمدد البينة اللازمة كحد ادنى للبقاء في الدرجة بما يتناسب مع نظرائهم من اعضاء النيابة العامة فقط ولم ينص على تفويض او اختصاص لمجلس الخدمة المدنية فيما يتعلق بالتسكين وبذلك يكون المرسوم مخالفا للقانون وبالتالي لا يجوز الاعتداد به والاستناد اليه.
ثانيا: من حيث الموضوع : 1- خالف المرسوم المادة (10) من القانون باضافة مدة بينية قدرها ثلاث سنوات كحد ادنى للبقاء في وظيفة «مدعي عام» خلافا لما ورد بالجدول المرفق بالمرسومين رقمي 192 لسنة 92 ، 184 لسنة 93 حيث لم يشترطا اية مدة بينة كحد ادنى للبقاء في وظيفة محامي عام بالنيابة العامة كما خالف ما نصت عليه المادة الثانية من المرسوم رقم 163 لسنة 1995 الصادر في 3/7/1995 حيث كان يلزم تعديل نهاية مربوط وظيفة مدعي عام وما يعادلها من وظائف بزيادة خمس علاوات مع استحقاقها لمن تجاوز الخمس علاوات على النحو المبين بالمرسوم الاخير.
2- خالف قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 5 لسنة 2002 القانون الذي اشارت المواد(2 و 4و16و 23) منه الى وجود عدد يزيد عن وظيفة واحدة لنائب المدير العام والمدعي العام ومن ثم كان يتعين وضع قواعد النقل وشروطه لشغل هذه الوظائف الرئاسية في الادارة الا ان الجدول المرفق بالقرار التفت عن ذلك ولم يبين قواعد وشروط النقل الى وظائف مدعي عام ونائب المدير العام بما ترتب عليه عدم شغل هذه الوظائف كليةوهو ما اثر بالسلب على قواعد وشروط النقل الى الوظائف الادنى، كما ان الجدول خالف القاعدة التنظيمية التي حددها لنفسه للنقل الى الوظائف الجديدة «منح اول المربوط + 5 علاوات لشغل الوظائف الموازية في كافة الوظائف عدا وظيفة رئيس تحقيق (أ) من الوظائف الجديدة المنقول اليها) مما يخل بقاعدة المساواة كما يهدر اقدمية الحاصلين على اكثر من خمس علاوات الى الوظيفة الاعلى وهي وظيفة مدعي عام باول مربوطها + العلاوات السابق الحصول علىها بما يزيد عن خمس علاوات وقد حاولت وزارة الداخلية معالجة هذه العيوب فاصدرت القرار الوزاري رقم 792/2002 في 1/5/2002 بعد اقل من شهر من صدوره بترقية كل من بلغ نهاية المربوط ومضت عليه اكثر من سنة بعد ان لوحظ وجود رسوب وظيفي لعدد كبير من اعضاء الادارة خاصة من بلغ منهم نهاية المربوط ولفتح المجال امام التعيينات الجديدة لسد العجز في كادر المحققين «محقق ج» وهو ما وافق عليه مجلس الخدمة المدنية وهو ما يدل على مخالفة قراره رقم 5/2002 لقواعد العدالة في اعداد قواعد شغل الوظائف الجديدة حيث لم يتضمن قواعد صحيحة للنقل، فضلا عن ان قرار الترقية الاخير لم يلتزم القاعدة الموضوعية التي تضمنها وطبقها على البعض دون البعض الاخر دون مبرر وتم التظلم منه ولكن دون جدوى وخلص المستأنف ضده الى ان تسكينه طبقا للقرار 5/2002 قد اخل بالمساواة بين اعضاء الادارة دون مبرر قانوني رغم تماثل مراكزهم القانونية فانه يكون هو والمرسوم رقم 84 لسنة 2002 قد خالفا القانون رقم 53 لسنة 2001 مما يتعين معه الحكم بانعدام القرار وعدم الاعتداد بالمرسوم وانتهى الى طلب الحكم له بطلباته.
نظرت المحكمة الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قدم الطرفان ما عن لهما تقديمه من مذكرات ومستندات وبجلسة 17/1/2004 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بالغاء قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 5 لسنة 2002 المطعون فيه الغاء مجردا على النحو المبين بالاسباب وبطلان التسوية التي اجريت للمستأنف ضده استنادا اليه ورفض ماعدا ذلك من طلبات والزمت المستأنفين المصروفات والاتعاب.
وشيدت المحكمة قضاءها «بعد ان كيفت طلبات المستأنف ضده بانها الغاء قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 5 لسنة 2002 فيما تضمنه بالمادة الثانية من قواعد نقل اعضاء الادارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية الموجودين بالخدمة وقت العمل بالقانون رقم 35 لسنة 2001 الى الوظائف الجديدة المعادلة لوظائفهم وفقا للجدول المرفق به مع ما يترب على ذلك من اثار وبطلان تسوية حالته طبقا له مع ما يترتب على ذلك من اثار اهمها اعادة هذه التسوية بتسكينه على درجة محقق (أ) وفقا لاحكام القانون رقم 43 لسنة 2001 واحقيته في الفروق المالية المترتبة على ذلك، وبعد ا ن ردت المحكمة على الدفوع المبداة من المستأنفين بعدم الاختصاص وعدم القبول، بتجهيل الطلبات وبعد ان استعرضت احكام المواد 2 و 10 و 11 و 24 و 26 من القانون رقم 53 لسنة 2001 في شأن الادارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية» على ان المشرع بهذا القانون اعاد تنظيم الادارة وحدد وظائفها الجديدة التي سينقل اليها اعضاءها وقت العمل به واختص وزير الداخلية بوضع اللائحة الخاصة بنظامها الداخلي والتي تتضمن قواعد النقل ومعادلة الدرجات وذلك طبقا للمادة «24» فضلا عن التفويض العام والمطلق له في وضع اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ القانون طبقا لمادة «26» ولاشك في ان اصدار قواعد نقل وتسكين هؤلاء الاعضاء على الوظائف الجديدة طبقا لاحكام هذا القانون يدخل في عموم هذا الاختصاص.
وقد عهد المشرع بهذا القانون المرسوم يصدر في مسائل محددة على سبيل الحصر هي تحديد المرتبات والبدلات والعلاوات والمدد المبينة اللازم قضاؤها في كل درجة وليس من بينها وضع قواعد نقل اعضاء الادارة الى الوظائف الجديدة وعهد لمجلس الخدمة المدنية بمسألة واحدة فقط هي وضع قواعد الرعاية السكنية، ومن ثم فلا يجوز لوزير الداخلية ان ينزل عن اختصاصه أو يفوض فيه مجلس الخدمة المدنية واذ صدر قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 5 لسنة 2002 المطعون فيه متضمنا هذه القواعد فان قراره يكون منطويا على غصب لسلطة وزير الداخلية مما يصمه بالانعدام لانطوائه على عيب عدم الاختصاص الجسيم دون ان ينال من ذلك صدوره بعد عرض وزير الداخلية لأن الاختصاص باصدار هذا القرار ثابت اصلا للوزير.
كما لا ينال من انعدام هذا القرار ما ورد بالمادة الأولى من المرسوم رقم 84 لسنة 2002 من ان النقل يتم وفقا للقواعد التي يصدر بها قرار من مجلس الخدمة المدنية بناء على عرض وزير الداخلية لأن المشرع لم يفوض المرسوم اصلا في هذا الاختصاص حتى يفوض فيه غيره ومن ثم يكون المرسوم قد خالف القانون مخالفة جسيمة مما يتعين عدم الاعتداد به. ومن ناحية أخرى فلاوجه للاستناد الى المادتين 72 ، 73 من الدستور لأن وضع الأمير للوائح الضبط واللوائح اللازمة لترتيب المصالح والادارات العامة يجب الا يتعارض مع القانون وقد حدد القانون رقم 53/2001 الجهة المختصة باصدار اللوائح والقرارات التنفيذية له بما لا يجوز معه مخالفة ذلك وقد اجازت المادة 73 من الدستور ان يعين القانون اداة أدنى من المرسوم لاصدار اللوائح اللازمة لتنفيذه.
وانتهت المحكمة الى الغاء القرار مجردا ومن ثم بطلان التسوية التي تمت للمستأنف ضده بناء على احكامه.
لم يرتض المستأنفان هذا الحكم فأقاما بتاريخ 15/2/2004 الاستئناف الماثل ناعيين عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال للأسباب الآتية:
أولا: رفضت المحكمة الدفع المبدي من الحكومة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى بالرغم من ان قرار مجلس الخدمة المدنية المطعون فيه قرار تنظيمي عام وليس قرارا فرديا يندرج ضمن القرارات المنصوص عليها بالمادة الاولى من قانون الدائرة الادارية.
ثانيا: قضت المحكمة بقبول الدعوى رغم تخلف شرط المصلحة لدى المستأنف ضده فلم يلحقه أي ضرر من القرار المطعون فيه ولم يمس مركزه القانوني.
ثالثا: خالف الحكم المستأنف القانون اذ قضى بأن مجلس الخدمة المدنية تجاوز المهمة التي اسندها اليه المشرع بالمادة 11 من القانون 53/2001 بوضعه قواعد النقل وقد أناط المشرع هذا الاختصاص بوزير الداخلية ومن ثم يكون قراره منعدما لغصبه هذه السلطة وذلك لأن المرسوم بالقانون رقم 5 لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية يسري على الجهات التي تنظم شؤون الخدمة فيها قوانين خاصة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذه القوانين (م3) وهو ما اكدته المادة (25) من القانون رقم 53/2001 اذ نصت على سريان تلك الأحكام وكذلك المرسوم الصادر في 4/4/1979 وذلك باعتبارهم موظفين مدنيين بالدولة وإذ لم يرد في القانون 53/2001 نص يحدد الجهة التي تتولى نقل أعضاء الادارة إلى الوظائف الجديدة المعادلة لوظائفهم وتحديد قواعد النقل ومعاييره وأسسه فيتعين اخضاعهم للاحكام الواردة بالقانون 15/79 وللمرسوم الصادر في 4/4/1979 باعتبارهما الشريعة العامة للتوظف ومن ثم يكون مجلس الخدمة المدنية مختصا باصدار القرار المطعون فيه، يؤيد ذلك ما ورد بالفقرة الثانية من المادة 24 من القانون رقم 53/2001 حيث اختص المشرع وزير الداخلية بمعادلة درجات ضباط الشرطة من حملة اجازة الحقوق والشريعة ممن يعينون في احدى الوظائف الجديدة حيث لا يسري عليهم قانون الخدمة المدنية، كما أناط به ايضا وضع ما يسري بشأنهم من أحكام وتتضمن هذه المعادلة وهذه الأحكام اللائحة الخاصة بالنظام الداخلي للادارة العامة للتحقيقات وقد عهد المشرع بهذا الاختصاص لوزير الداخلية على سبيل الاستثناء من الاصل العام لذلك نص عليه صراحة في القانون، وبذلك يكون المختص باجراء هذا النقل هو مجلس الخدمة المدنية باعتبار انها مسألة تشريعية وليست تنفيذية وهي مكملة للقانون والمرسوم ولا يجوز اسنادها لوزير الداخلية، وخلص المستأنفان الاستئناف (والذي لايعدو ان يكون ترديدا لدفاع المستأنفين امام اول درجة) انه فيما يتعلق بالوجه الاول من اوجه الاستئناف والخاص بعدم اختصاص المحكمة بالطعن على القرار التنظيمي العام باحد طريقين الاول مباشر وذلك بطلب الغائه كلية ويجب ان ان يتم الطعن خلال ميعاد الستين يوما والثاني غير مباشر دون تقيد بالميعاد، وذلك عند الطعن بالالغاء على القرارات الفردية الصادرة تطبيقا له لابقصد الغائه بل بقصد عدم اعمال احكامه اي عدم الاعتداد بها لمخالفتها للقانون، ولما كان القرار رقم 5 / 2002، قد صدر متضمنا قواعد نقل شاغلي وظائف الادارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية الى الوظائف التي استحدثها القانون رقم 53/2002 وتسكينهم عليها وهو من قبيل تسوية حالة الموظف التي ينعقد الاختصاص بنظرها للدائرة الادارية وهو ما ذهبت اليه صائبا الحكم المستأنف.
وحيث انه عن الوجه الثاني من أوجه الاستئناف والخاص بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة استنادا الى ان القرار المطعون فيه لم يمس المركز القانوني للمستأنف ضده فهو ايضا نعي غير سديد حيث ان للمستأنف ضده مصلحة حالة ومباشرة في الطعن على هذا القرار حيث سويت حالته طبقا لاحكامه بوضعه على وظيفة محقق (ج) وعلى اثر ذلك صدر القرار رقم 793/2002 المؤرخ 1/5/2002 بترقيته الى الوظيفة التي تلتها وهي محقق (ب) ومن ثم يضحى هذا الدفع غير قائم على أساس من القانون.
وحيث انه عن الوجه الثالث من أوجه الاستئناف فان مقطع النزاع فيه منحصر في بيان ما إذا كان حكم المادة 25 من القانون رقم 53/2001 في شأن الادارة العامة للتتحقيقات يخول مجلس الخدمة المدنية وضع قواعد وأسس نقل هؤلاء الاعضاء الى الوظائف التي استحدثها هذا القانون وهل هذا النص يصلح سندا لقراره رقم 5/2002 أم لا؟
وحيث انه بادىء ذي بدء فانه لا خلاف على ان المشروع بالقانون رقم 53/2001 سالف الذكر قد ناط بوزير الداخلية وبنصوص صريحة لا تحتمل اجتهادا أو تأويلا (المادتين 24، 26) الاختصاص باصدار لائحة النظام الداخلي للادارة متضمنة معادلة درجات ضابط الشرطة من حملة اجازة الحقوق أو الحقوق والشريعة الذين يعينون في أي من وظائف هذا القانون، وكذلك اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون، ومن مقتضى ذلك ولازمه ان كل ما يلزم من قرارات أو لوائح لوضع أحكام هذا القانون موضوع التنفيذ ينعقد الاختصاص باصدارها له وحده وتنسب اليه بما لا يجوز معه قانونا النزول عن هذا الاختصاص او تفويض الغير في ممارسته.
وحيث إن المستأنفين يستندان الى نص المادة 25 من القانون رقم 53/2001 سالف الذكر التي تنص على ان يخضع اعضاء الادارة العامة للتحقيقات في كل ما لم يرد به نص في هذا القانون للاحكام الواردة بالمرسوم بقانون رقم 15/1979 في شأن الخدمة المدنية وبالمرسوم الصادر في 4/4/1979 بنظام الخدمة المدنية وهذا الاستناد يقوم على تفسير غير صحيح لاحكام القانونين 15/1979، 53/2001 وبالتالي يفتقر الى سنده القانوني لما يلي:
أولا: ان قواعد النقل ومعادلة الوظائف السابقة لأعضاء الادارة بالوظائف الجديدة تعد من الامور اللازمة والاساسية لوضع القانون موضع التنفيذ وقد اختص المشروع بها وزير الداخلية (مادة 26) ومن ثم فلا محل للاستناد الى حكم المادة 25 سالفة الذكر لسلب هذا الاختصاص حيث لا مساغ للاجتهاد في مورد النص الصريح.
ثانيا: ان القول بسريان أحكام نظام الخدمة المدنية باعتباره الشريعة العامة على الخاضعين لكادرات خاصة وطبقا لنص المادة (3) منه مناطه خلو القوانين الخاصة من حكم ينظم المسألة القانونية محل النزاع، أما وقد أوجب المشروع على وزير الداخلية وضع قواعد النقل والتعادل فمن ثم فلا محل لتصدي مجلس الخدمة بوضع هذه القواعد بمقولة ان ذلك تطبيق لأحكام المادة (25) من القانون 53/.2002
ثالثا: ان سريان أحكام نظام الخدمة المدنية على من تنظم شؤون توظفهم قوانين خاصة يعني تطبيق الاحكام الموضوعية المنصوص عليها في هذا النظام والثابت بيقين ان أحكام هذا النظام وكذلك المرسوم الصادر في 4/4/21979 قد خلت من نص يحكم المسألة محل النزاع دون أن ينال من ذلك. ما نصت عليه المادة 91 من مرسوم الخدمة المدنية من اختصاص مجلس الخدمة المدنية بتحديد قواعد وأحكام نقل الموظفين في الخدمة وقت العمل بهذا النظام إلى المجموعات والدرجات الواردة بالجداول الملحقة به لأن هذا النص ورد ضمن الأحكام الانتقالية بعد إلغاء قانون الوظائف العامة وتطبيق أحكام المرسوم بالقانون رقم 15/1979 في شأن الخدمة المدنية ومن ثم فهو يتضمن حكما انتقاليا خاصا بهذين القانونين فقط ولا يصح قانونا اعتبار ما ورد به من الأحكام الموضوعية الدائمة ومن ثم ينحسر حكمه عن النزاع الماثل ويظل مجلس الخدمة المدنية محجوبا عن التصدي لمسألة وضع قواعد النقل والمعادلة استنادا إليه وذلك في ضوء خلو أحكام نظام الخدمة المدنية من نص يخوله الاختصاص بهذه المسألة دون أن يصحح ذلك ما ورد بالمرسوم رقم 4/2002 أو الإشارة إلى صدور القرار بناء على طلب وزير الداخلية وهو ما ذهب إليه صـائبا الحكم المستأنف ومن ثم يضحى الاستئناف الماثل غير قائم على سند من القانون خليقا بالرفض مع إعفاء المستأنفىن من المصروفات.
وحيث إنه عن طلب المستأنفين رفض الدعوى فإن الثابت أن المستأنف ضده قد طلب في صحيفة دعواه أمام محكمة أول درجة إعادة تسوية حالته طبقا للقانون رقم 53/2001 بأثر رجعي، وقد صدر الحكم المستأنف برفض هذا الطلب ولم يستأنف هذا الحكم إلا من الجهة الإدارية المدعى عليها دون المستأنف ضده ولم يكن ذلك القضاء محلا للاستئناف بما مؤداه أنه أصبح أمرا مقضيا حائزا لقوة الأمر المقضي بما لا يجوز المجادلة فيه أمام هذه المحكمة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الاستئناف شكلا وبرفضه موضوعا وبتأييد الحكم المستأنف وأعفت المستأنفين من المصروفات.

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور