الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

جريدة الوطن الثلاثاء 28 فبراير 2006

المحامي نواف الفزيع لـ «الوطن»:
جرائم الأحداث تحتاج إلى تطوير القوانين وتأسيس محاكم متخصصة ومتفرغة

كتب حمد عبدالله العازمي:
كثرت في الآونة الاخيرة حوادث الاعتداءات والشجار بين الشباب، حتى اصبحت هذه الظاهرة من العناوين الرئيسية للصحافة بسبب اتساع حجمها وانتشارها وازدياد اعداد مرتكبيها، ولا يخفى على المتابع ان هذه النوعية من القضايا لا تحظى بالتحليل والدراسة.. بل ان وسائل الاعلام لا تتابع ما حدث لهؤلاء الشباب اثر تولي الجهات الحكومية أو القضائية هذه القضايا، ولعل اغلب المختصين يرجعون اسباب هذه النوعية من الجرائم الى العوامل النفسية أو الاجتماعية.. الثقافية أو القانونية!
ولما كان القانون هو الاساس الذي يحكم علاقة الافراد ببعضهم البعض وبالمجتمع حيث انه الاساس الذي يجب ألا يتعداه احد.
التقت «الوطن» المحامي نواف الفزيع الذي حدثنا عن خطورة مثل هذه الجرائم، وقصور القانون الحالي عن مواجهة «الظاهرة».
بين الفزيع ان الحالة التي شهدها على مدى السنوات السابقة في الحقل القانوني اكدت وجود خلل تشريعي كبير لمعالجة هذه الظاهرة، مما ادى الى استفحالها وتوسعها على نطاق كبير فقانون الاحداث على سبيل المثال قانون قديم حيث كان موجها لفترة زمنية معينة لا تتلاءم مع تطور المجتمع الكويتي حاليا، اذا اخذنا بعين الاعتبار تطور المجتمعات الانسانية المستمر وتأثرها بالمتغيرات الثقافية والاجتماعية والدينية مما ينعكس على عقلية افرادها، لذا نرى ازديادا في حالات الاحداث الاجرامية والتي تقع على النفس او على المال.
محكمة الاحداث
استغرب الفزيع كيف ان محكمة الاحداث مقتصرة على درجة واحدة من درجات التقاضي وعندما تستأنف احكام الاحداث فإنها تحال الى محكمة استئناف الجنايات التي تتعامل مع الجرائم المرتكبة من البالغين مع ان كل دول العالم المتحضرة لديها محاكم متخصصة ومتفرغة لقضايا الاحداث.
واوضح ان هناك فجوة وخللا كبيرين في نظام العقوبات الخاصة بالاحداث والتي من المفترض ان تكون هي الرادع لكل من تسول له نفسه ارتكاب أي جريمة، مثل العقوبة التي تقع على الاحداث الذين يرتكبون جرائم القتل فالعقوبة مخفضة نسبيا بحيث لا تتجاوز الثلاث سنوات حتى لو كانت مع سبق الاصرار والترصد، ففي بعض الولايات المتحدة وبسبب تنامي ظاهرة جرائم القتل من قبل الاحداث، سنت هذه الولايات تشريعات تعامل الحدث القاتل كما البالغ في العقوبة.
وتعجب الفزيع اذ ان هذه الجرائم في ازدياد بالكويت، بعدما ترسخ الشعور بعدم وجود رادع لمرتكبي هذه الجرائم، اذ لا يعقل ان يقوم صبي في السابعة عشرة من عمره بركل زميله الذي يماثله بالعمر حتى الموت ويعاقب بسنتين حبس!!
ولا يعقل ان يقوم طلبة الجامعة في احداث الشغب الاخيرة بالاعتداء على زميل لهم داخل المستشفى الاميري وامام كاميرات الصحافة بعلمهم بأن عقوبتهم لن تتجاوز غرامة الخمسين دينارا!!
الترسيخ الخاطئ
واوضح الفزيع انه ترسخ في ذهن العامة والشباب تحديدا بأنهم سيفلتون من عقوبة هذه الاعتداءات بغرامة بسيطة أو بحبة خشم يتصالح بها الاطراف حيث يقدم التنازل للمحكمة وتنسى المسألة كلها ولا يأخذ القانون مجراه كرادع لحفظ حقوق الآخرين.
مما ادى لانطباع عام اصبح يميل للتساهل والتخفيف في العقوبة مما جعل الناس لا يحترمون القانون ويسعون لفرض قانونهم الخاص على بعضهم البعض حتى في جريمة القتل التي شهدناها على اثر خلاف بين ابناء قبيلتين اذ وجدنا ان احد الاطراف بدلا من ان يلجأ للقضاء لأخذ حقه من الطرف الآخر تطور الامر ليصل الى مشاجرة كبيرة استخدم فيها جميع انواع الاسلحة البيضاء.
واكد نواف الفزيع ان كل هذا ادى الى الوصول الى مرحلة خطرة من العنف والجرائم مستشهدا على ذلك باندفاع بعض الشباب بالاعتداء على ممثل لتلفظه بألفاظ شعروا بأنها تمس قبيلتهم وفي المقابل شهدنا تراخي الامن في السيطرة على هذا الحادث فبعدما فعلوا فعلتهم وكسروا ما كسروا قامت قوات الامن بالقاء القبض عليهم وليتهم لم يفعلوا ذلك، لأن هؤلاء ظنوا انهم اخذوا حقهم بأيديهم ولم يردعهم احد الا بعدما اخذت وسائل الاعلام بالتنديد بالواقعة.
تركيز إعلامي
واشار الفزيع إلى ان هناك عددا كبيرا من الحوادث لم تغطها وسائل الاعلام فمرت مرور الكرام من دون رادع يؤكد هيبة واحترام القانون، وان جميع الجهات التي يجب ان تقوم بدورها تجاه الشباب فشلت فشلا ذريعا!
والدليل هو تلك الحوادث، لذلك ينبغي على تلك الجهات ان تقوم بمراجعة شاملة للاحداث الفائتة وتغيير نهجها والا سنشهد المزيد والمزيد، فالاعلام بعيد كل البعد عن المعالجة الجدية لقضايا الشباب واصبح كل همه تسليط الضوء على المسابقات الغنائية واخبار الفنانين، وان قامت بنقل بعض الاحداث فهي تقوم فقط بنقل الخبر عن هذه القضايا من دون تعليق أو تحليل للمساعدة على حل المشكلة، كما ان هناك عالما آخر لا نعرفه يعيش في غرف الدردشة بالانترنت لم يدرسه المختصون ولم تتناوله الدراسات أو يسلط عليه الضوء في وسائل الاعلام، حيث ان هذا العالم اصبح عالم الشباب السري ومن خلال الدراسة نستطيع ان نستغني عن الكثير من الوسائل التي قد تدفعهم الى عدم احترام القانون لذلك ينبغي ان نتعايش مع الشباب عبر وسائلهم ونخوض في مجالاتهم بالرأي والحكمة واحترام الطرف الآخر حتى لا يخلقوا لأنفسهم مفاهيمهم الخاصة والتي ادت الى ما ادت اليه من ظواهر غريبة لم يألفها المجتمع الكويتي.
فلسفة القانون
وبين نواف الفزيع ان القانون في فلسفته خلق لكي يحقق العدالة والمساواة والامان لكل افراد المجتمع، ولكن عندما نرى لاعبا شابا يعتدي على حكم مباراة امام الجمهور ويخرج بغرامة أو نشاهد طالبا يعتدي على مدرس ويخرج بغرامة أو يهين احدهم هيبة رجال الامن وينتهي الامر بمصالحة، فإن هذا الشاب سوف ينشأ على عدم احترام القانون.
مما قد يجعله اشد خطورة لدى بلوغه وعلى الرغم من ان هؤلاء يمثلون اقلية داخل اوساط الشباب ولكن قد تتأثر الاغلبية بهذا السلوك وعندها نقول على القانون السلام، لهذا اناشد اخواني القضاة ان يأخذوا بأشد العقوبة تجاه هؤلاء القاصرين المتجاوزين للقانون لردعهم كي يكونوا عبرة لغيرهم.
واشار الفزيع إلى أهم العيوب الموجودة بقانون الاحداث مثل: عدم وجود درجة استئناف لمحكمة الاحداث حيث يجب ان تكون متفرغة في قضايا الاحداث ومثلما هو متعارف عليه في جميع دول العالم، مضيفا: أن العقوبات الخاصة بالاحداث مخفضة ومتساهل فيها خاصة فيما يتعلق بقضايا الاعتداء على النفس.
مطالبة
واوضح الفزيع ان من اهم وسائل الحفاظ على القانون والنشء يتمثل في سحب الدول لحقوق الابوين المهملين في تربية ابنائهما والمقصرين في حقوقهما، فمن المتعارف عليه ان الاسرة هي الاساس عند وجود خلل في تركيبة الحدث، وكما هو معمول به بالولايات المتحدة تعرض على المحكمة القضايا المتعلقة بأحداث ارتكبوا جرائم بسبب اهمال الوالدين لهم ومن ثم تنيط المحكمة الى جهات مختصة بالبحث والتحري والتأكد من وجود هذا الاهمال ومن ثم تصدر قرارا بإسقاط الحضانة عنهم وجعلها في يد من يلي ولي الامر بالترتيب بالنسبة للحضانة أو لدور الرعاية الاجتماعية المختصة لذلك اطالب الدولة بضرورة تنفيذ الاصلاحات الخاصة بالقوانين واضافة المزيد ومن ضمنها هذا القانون والذي يحمي المجتمع من تمرد الحدث عليه بسبب الاهمال الاسري.
دور الرعاية الاجتماعية
وتساءل نواف الفزيع عن دور الرعاية الاجتماعية في شأن الاحداث الذين يعودون الى ارتكاب الجرائم من جديد لأنهم نسبة كبيرة، فهؤلاء الاحداث العائدون لارتكاب الجرائم يدللون على ان المشرفين في دور الرعاية قد فشلوا في القيام بدورهم وبمهام عملهم على اكمل وجه، ولربما يرجع هذا الى عدم وجود دورات تأهيلية بشكل مستمر لهؤلاء المشرفين حتى يتمكنوا من الالمام بجميع التطورات التي تحصل في مجال عملهم، ناهيك عن الهروب المستمر والمتكرر من الاحداث من دور الرعاية الاجتماعية والتي تعطي انطباعا بأن هناك ممارسات سلبية من قبل بعض المشرفين تؤدي بهم الى هذا السلوك.

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور