الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

جريدة الوطن - الأحد 16-3-2008

أدى إلى تجميد القروض العقارية للمواطنين ومنع البنوك والشركات من الرهن
قانون السكن الخاص الجديد ساهم في خفض أسعار الأراضي لكنه بدد أحلام المواطن في الحصول على السكن!!

كتب أحمد النوبي:
حزمة من المشاكل خلقها صدور القانون رقم (8) لسنة 2008 الخاص بتعديل بعض احكام القانون رقم (50) لسنة 1994 في شأن تنظيم استغلال الاراضي الفضاء، الذي صدر اخيرا واحدث ارباكا للسوق العقاري المحلي وامتد الى العديد من الاطراف التي يأتي في مقدمتها المواطن البسيط الذي يطمح في الحصول على »منزل العمر« حيث يقضي التعديل بمنع البنوك والشركات من بيع وشراء ورهن العقارات السكنية كما ادى الى تجميد تقديم القروض الشخصية الخاصة بالعقار السكني، حيث اطاح القانون الجديد بأحلام المواطن في الحصول على منزله في ظل عدم توافر الجهات التمويلية التي من شأنها المساهمة في تحقيق حلمه حتى وان شهدت الاسعار انخفاضا في ظل تعذر حصوله على الخدمات التمويلية وفقا للقانون الجديد.
وامتد التأثير السلبي للقانون الى البنوك والمؤسسات التمويلية التي فقدت منفذاً مهماً للقيام بدورها.
يضاف الى ذلك تخوف وتحفظ الشركات المعنية بالتطوير العقاري في السوق المحلي من الاقدام على مساهمتها في حل المشكلة الاسكانية للمواطن في ظل إرباك القانون الجديد لمسيرة السوق العقاري.
وقد يرى البعض ان حل المشكلة يكمن في انخفاض اسعار الاراضي والبيوت السكنية »السكن الخاص« وهذا ما حدث بالفعل خلال الايام الماضية غير ان ذلك فاقم من اصل المشكلة والتي اساسها قدرة المواطن على الحصول على بيت خاص نتيجة انطلاق المشرّع لتخفيض القيمة وحسب دون النظر الى عزوف ذلك المواطن عن الشراء نتيجة عدم مقدرته على الشراء في ظل عدم توافر الجهات التمويلية ومنعها من اقراضه بما يتيح له سهولة البناء والتشييد وايضا السداد.
تجميد تقديم القروض
ويرى المراقبون ان المشكلة التي خلفها القانون تتمثل في امتناع البنوك التجارية والمؤسسات التمويلية في تقديم القروض الشخصية الخاصة بالعقار السكني والتي كان من شأنها توفير 70 الف دينار للمساهمة في شراء العقار مما افقد البنوك شريانا مهما في الاستفادة من اموال البنك او المؤسسة التمويلية، يضاف الى ذلك اضعاف قدرة المواطن الراغب في الشراء على مواجهة التزاماته بالحصول على البيت.
ومهما تراجعت الاسعار في ظل القانون الجديد فانها ستظل اقل من مبلغ الـ 70 الف دينار وبالتالي فان القانون سيصبح ماحققه فعليا هو التضييق على المواطن في شراء البيت وهو الهدف الاساسي لصدور القانون الذي كان من المفترض ان يحل المشكلة الاسكانية وليس زيادتها تعقيداً.
وفي ظل تحديد القرض الشخصي بغرض السكن الخاص والبالغ 70 الف دينار كحد اقصى والذي تم العمل به منذ يونيو من العام 2004، ففي المقابل فان الارتفاع الذي شهدته الاسعار منذ العام 2004 الى الآن لم يكن يمثل عائقا امام الراغبين في الحصول على السكن الخاص ولكنه اصبح الآن عائقاً في الدفعة الاولى المقدمة للشراء مما يؤكد ان العائق امامهم ليس مرتبطا بقضية الائتمان بقدر ارتباطه بقيمة الدفعة المقدمة، مع الوضع في الحسبان عدم تأثير قرض بنك التسليف والادخار على المواطن وعلى افتراض توفر بيت بقيمة 200 الف دينار قبل صدور القانون الاخير فان سيناريو الشراء كان سيتم من خلال مبلغ الـ 70 الف دينار من بنك التسليف يضاف اليه مبلغ 70 الف دينار من البنوك التجارية او شركات التمويل اضافة الى ما يتوفر من سيولة مع المواطن ولتكون الدفعة المقدمة نحو 60 الف دينار.
ولكن بعد صدور القانون (8) لسنة 2008 ورغم تراجع الاسعار فعلى اقتراض تراجع قيمة البيت من 200 الف دينار الى 170 الف فان المتوفر للمواطن يظل الـ 70 الف دينار من بنك التسليف فقط وعليه دفع مبلغ 100 الف دينار الباقية مباشرة والتي ستصبح معضلة في ظل عدم قدرته على الاقتراض من البنوك او شركات التمويل.
وجاء ضمن نص القانون الجديد يحظر على جميع الشركات والمؤسسات الفردية التعامل بالبيع او الشراء او الرهن او اصدار حوالة حق او اصدار توكيل بالتصرف للغير او قبول وكالة بالتصرف عن الغير في القسائم او البيوت المخصصة لاغراض السكن الخاص في اي موقع وضمن اي مشروع كان سواء ذلك بشكل مباشر او غير مباشر ويعتبر باطلا بطلانا مطلقا وكأن لم يكن كل تعامل من هذا القبيل وكل اجراء من شأنه نقل ملكية القسائم والبيوت المخصصة لاغراض السكن الخاص يجري بالمخالفة لاحكام هذا القانون.
أهمية الرهن العقاري
وهنا يؤكد المراقبون على اهمية »الرهن« فمنذ ازمة سوق المناخ الشهيرة في العام 1982 فقد تم منع الاستحواذ على السكن الخاص بسبب الرهن الا ان اهمية الرهن بقيت فاعلة كونها اداة منعت تصرف المدين بالاصل المرهون، مما يبقى هذا الاصل مملوكا له.
ففي حالة تعثر المدين عن السداد يحق له عن طريق القضاء بيع الاصل وقد يختار المدين بيع العقار بنفسه وتسديد المبالغ المستحقة سواء لبنك التسليف والادخار او للبنوك والشركات التمويلية ومن ثم توفير مبالغ نقدية له.
ولكن عدم وجود الرهن سيتيح للمدين مالك العقار بيع العقار مع تسديد مديونية قرض بنك التسليف بغض النظر عن اي مديونية اخرى والحصول على قيمة المنزل نقدا فاذا استمر في تسديد الاقساط فلا بأس من ذلك ولكن في حال تعثره عن السداد لاي سبب وكان قد قام بالتصرف في هذه الاموال فلا يوجد في هذه الحالة اصل يطالب الممول بالحجز عليه مما حدا بالبنوك التجارية وشركات التمويل بوقف عمليات تمويل العقار السكني.
إرباك السوق العقاري
وجه آخر من أوجه ارباك السوق العقاري الذي ولده القانون الأخير ألا وهو تخوف العديد من المستثمرين في القطاع العقاري نتيجة تغيير القوانين والقرارات المنظمة وتقلبها، فقد شكل الاستثمار في العقار السكني ومنذ ما بعد أزمة المناخ حتى الان استثمارا وصف بانه الأكثر أمانا وتناميا قياسا بقطاعات اخرى في السوق المحلي، إلا أن القانون الاخير أحدث ارباكا قد يؤدي إلى تخوف رؤوس الأموال في الدخول إلى هذا المجال ليخلق نوعا من خروج الناشطين في السوق عن تطوير الأراضي السكنية واستغلالها والذين يشكلون أكد أكبر مصادر توفير المنازل المتاحة للبيع في السوق المحلي مما يدعو إلى القول إن اثر تطبيق القانون قد يكون معاكسا للهدف الأساسي منه.
من جانب آخر فإن القانون بصيغته الحالية أدى إلى منع الشركات والمؤسسات من نشاطها في تطوير السكن الخاص وذلك نتيجة منع تسجيل الأراضي أو رهنها لها، اضافة إلى التأثير في المطورين الافراد الذين يمثلون اكبر ثاني شريحة توفر المنازل للمواطن بسبب ان دورهم يعتمد على شراء الاراضي بصيغة »الاجارة التمويلية« لمدة تتراوح من 12 إلى 18 شهرا، ومع القانون الجديد بوقف »الاجارة« فانه يتعين عليهم توجيه اموالهم في قيمة أراضي في سوق بات منقلبا وأسعار تتجه نحو الانخفاض ما يزيد من عامل المخاطرة لديهم وتقليل فرص الربح أمامهم وتكون المحصلة خروجهم من هذا السوق، الذي سيفقد حتما عددا من المنازل التي كانت تشيد ويتم بيعها للمواطن نتيجة خروج هؤلاء المطورين سواء أكانوا شركات أو مؤسسات أو أفرادا.
طبقة المتقاعدين
ويرى الخبراء ان القانون بصيغته الأخيرة استطاع أن يقضي على أحد الحلول البسيطة التي كان بالامكان الاستفادة منها عن طريق المطورين الافراد سواء عن طريق الاستثمار الفردي أو الجماعي وخصوصا الاقارب عن طريق شراء الأراضي ثم تشييدها كبيوت للسكن الخاص ومن ثم بيعها بهامش ربح منطقي ومعقول ويتراوح من 15ـ25 ألف دينار للمنزل الواحد.
ويرى الخبراء ان هذا الاسلوب يمثل فرصة للنشطاء في الاستثمار العقاري من الطبقة المتوسطة وطبقة المتقاعدين لتحسين وضعهم المعيشي وتحقيق ثروة صغيرة لابنائهم من بعدهم، ولكن هذا القانون قد يقضي على هذا التوجه.
ويشير احد خبراء العقار ان القانون بصيغته الحالية وضع هذه الفئة التي قامت بشراء اراض بهدف تشييد المنازل في موقف لا يحسدون عليه، ضاربا مثالا لقيام عددا من المتقاعدين ببيع نسبة من معاشاتهم وتكوين رأس مال على اقتراض بنحو 330 الف دينار، وشراء 3 اراضي سكنية بقيمة سوقية في حينها بـ500 الف دينار مستهدفين بناء 3 فلل وبيعها بربحية تقدر بنحو 20 الف دينار للفيلا الواحدة، مفترضا ان الطريق الذي كانوا يسلكونه في هذه الحالة شراء الاراضي السكنية بصيغة »الاجارة التمويلية« »المنتهية بالتملك« بحيث يتم دفع نحو 150 الف دينار من قيمتها مقدما ثم الحصول على 350 الف كتمويل يضاف اليها %10 »35 الف دينار« تمثل قيمة الربح الذي يحصل عليه الممول ليكون اجمالي مديونيتهم 385 الفا، وكانوا يستهدفون بناء الفلل الثلاث بتكلفة نحو 60 الفا للواحدة، وبالتالي تكون تكلفة كل منزل شاملة تكلفة التمويل نحو 238 الفا، وبالتالي بيع المنزل بنحو 255 الفا وتحقيق نحو 17 الفا للمنزل الواحد، وبذلك يكون العائد على استثمارهم نحو %15 سنويا او يزيد غير ان هذه الفئة والتي اشترت فعليا الاراضي قبل صدور القانون قد تبددت احلامها، وبات تشييد المنازل استثمارا يمثل مخاطرة في ظل عدم وجود طلب كاف اثر توقف عمليات التمويل من البنوك وشركات التمويل للمستفيد النهائي للمنزل »المشتري«.
ويؤكد الخبر ان تخارجهم الان وبعد صدور القانون اصبح مكلفا ويتعرض لخسارة كبيرة في رؤوس اموالهم نتيجة تراجع سعر الاراضي التي تم شراؤها بنحو 500 الفا وبات سعرها نحو 400 الفا وبالتالي اصبح تسييل هذه الاراضي سيرجع لسهم 15 الف دينار فقط، اي ان خسارتهم في الارض قد تبلغ نحو %90 من رأس المال المستثمر في عملية شراء الاراضي نفسها، بينما تبقى من قيمة محفظتهم الأصلية البالغة 330 ألفاً، نحو 195 ألفاً، أي أنهم خسروا نتيجة القانون الجديد وفور صدوره، نحو %40 من اموال المحفظة.
تراجع الأسعار وصعوبة الشراء
ويؤكد المراقبون ان المشرع انطلق في القانون الجديد ونصب عينيه تخفيض قيمة العقارات السكنية والاراضي فقط، ولم يراع ان حل المشكلة الاسكانية يكمن في تعزيز قدرة المواطن في الحصول على المنزل، مما ادى الى زيادة ارتفاع الحاجز امام شراء المنزل نتيجة ارتفاع قيمة المقدم رغم انخفاض قيمة العقار بسبب غياب التمويل من البنوك وشركات التمويل المختصة.
يضاف الى ذلك ان كبار تجار العقار والشركات الكبرى المعنية هم الاقدر ـ بالنظر الى تاريخهم في التعامل مع تقلبات السوق وايجاد المخارج والحلول ـ مقارنة بقدرات اعضاء مجلس الامة، حيث كان الاجدى اصغاء اعضاء المجلس الى آراء الخبراء والمختصين في هذا المجال بدلاً من جر السوق الى اوضاع اسوأ مما كانت عليه.
ويؤكد المراقبون ان القانون الجديد الذي استبدل بقانون كان قد صدر قبل 14 عاماً، قد يحتاج الى فترة طويلة لإصلاح ما احدثه من خلل، بينما الشركات والمستثمرون الذين استهدف القانون اخراجهم من السوق سيجدون طريقهم للتعامل مع الاوضاع الجديدة خلال فترة وجيزة ليبقى المتضرر الحقيقي هو المواطن البسيط والمستثمر الصغير.
وذلك بعد ان اوقفت ايضاً ادارة التسجيل العقاري في وزارة العدل توثيق وتسجيل عقود رهن السكن الخاص.
سلبيات القانون (8) لسنة 2008
ـ أدت تداعيات صدور القانون الى اضعاف قدرة المستفيد النهائي »المشتري« من شراء الارض او السكن الخاص بهدف شراء منزل العمر، وبالنتيجة تقليص عدد المواطنين الذين يتمكنون من الشراء مما يعظم من اثر الازمة الاسكانية وصعوبة حلها.
ـ المنع المباشر بالقانون الجديد للشركات والمؤسسات بما فيها الصغيرة في تطوير العقار السكني، والمنع غير المباشر للافراد العاملين في هذا المجال من خلال منع »الاجارة« و»الرهن« مما يؤدي الى انحسار عدد المنازل المشيدة الجاهزة للسكن والمعروضة للبيع.
ـ أضر القانون بشريحة من المواطنين يمتلكون الآن اراضي سكنية بهدف المتاجرة او بهدف التطوير او بهدف البناء نتيجة انخفاض قيمتها.
ـ لم يعالج القانون بل غفل تماما عن الفئة التي قامت بشراء اراض بنظام »الاجارة« خلال الفترة التي سبقت صدور القانون وبالتالي وضعهم في وضع يحتم عليهم اما التسييل والحصول على نحو نصف رؤوس أموالهم، او الاستمرار وتعظيم المخاطر في سوق بات لونه رماديا لا يعرف احد اتجاهه الصحيح.
ـ كثرة التشريعات المرتبطة بالعقار السكني يؤدي الى تخوف وتحفظ الشركات المعنية بالتطوير العقاري ومدى استمرار عملها في هذا المجال، مما يمثل ضررا محققا، حتى لو تم الغاء القانون في دور الانعقاد المقبل.

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور